التفكّر:في الدنيا والآخرة ودعوات الأنبياء
محاور الموضوع ألرئيسة
-مبادئ التفكر والخشوع لله تعالى.
-التفكّر في الدنيا والآخرة ودعوات الأنبياء.
الهدف:
التفكر هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الله تعالى.
تصدير الموضوع:
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾.
عن عطاء أنّ عبيد بن عمير سأل عائشة أن تخبرنا عن أعجب شيء من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال:فبكت وقالت: كل أمره كان عجب أتاني في ليلتي حتى مسّ جلدي جلده ثم قال: ذريني أتعبد لربي عز وجل. فقام إلى القربة فتوضأ منها ثم قام يصلي فبكى حتى بلّ لحيته ثم سجد حتى بلّ الأرض ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح فقال: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟!فقال:ويحك يا بلال!ما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾.
ثم قال:"ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها"1.
لا شك ان التفكّر هو الوسيلة الأقصر والأسرع لنا لبلوغ معرفة الله وسائر المعارف الضرورية لنيل الكمال الإنساني ولذلك جرى التأكيد عليه كثيراً في القرآن الكريم.منها قوله تعالى:﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ 2.
وربما يدلّ على كون التفكر أسرع الطرق والوسائل لمعرفة الله تعالى، الروايات التي تحدثت عن المفاضلة بين العبادة والتفكّر فجعلت تفكّر ساعة خيراً من عبادة سنة بل بعضهم زاد على ذلك كثيرا.
-كيف يكون التفكر؟
عن الحسن الصيقل قال:سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يروي النا ستفكّر ساعة خير من قيام ليلة قال عليه السلام:نعم قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تفكّر ساعة خير من قيام ليلة قلت:كيف يتفكر؟ قال:يمرّ بالخربة وبالدار فيتفكر يقول لها أين ساكنوك أين بانوك مالك لا تتكلمين 3؟!
فيم يُتفكر
قد يكون التفكّر في آيات الله وقد أشارت إلى ذلك الكثير من الآيات في القرآن الكريم منها:﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار﴾ِ 4.
وهذا تفكّر يبعث على معرفة الله وتوحيده ويذكّر بالوظائف وضرورة الطاعة والإيمان للخلاص من العذاب.
-وأحيانا يكون التفكر في نِعم الله وآلائه مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون﴾َ5.
وأحيانا أخرى يكون التفكر في كتاب الله أو في الدعاء والمناجاة والصلاة. كما عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في وصيته لأبي ذررضي الله عنه:يا أبا ذر" ركعتان مقتصرتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه"6.
-ومرة رابعة يكون التفكّر في النفس ومهالكها وأسباب علاجها ونجاتهاعن حبّة العرني قال: بينما أنا ونوف نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين عليه السلام في بقية من الليل واضعاً يده على الحائط شبيه الواله وهو يقول: ﴿إن في خلق السموات والأرض....﴾ قال: ثم جعل يقرأ هذه الآيات فقال لي: أراقد أنت يا حبّة أم رامق؟ قلت: رامق هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن؟ فأرخى عينيه فبكى ثم قال لي: يا حبة إنّ لله موقفاً ولنا بين يديه موقفاً لا يخفر عليه شيء من أعمالنا.يا حية إنّ الله أقرب إلي وإليك من حبل الوريد.يا حبة إنه لن يحجبني ولا إياك عن الله شيء.
قال:ثم قال:أراقد أنت يا نوف؟ قال: قال:لا يا أمير المؤمنين ولقد أطلت بكائي هذه الليلة.فقال:يا نوف" إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله تعالى قرّت عيناك غداً بين الله عز وجل..."7.
خاتمة حول الغاية من التفكر
انّ أعظم الأمراض التي يُصاب بها الانسان في هذه الدنيا.هي أمراض النفس وأمراض القلوب التي ذكر القران الكريم انّ الناجين والفائزين هم أصحاب القلوب السليمة من الآفات والأمراض ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ وأمراض القلوب أشّده موته ثم القلوب القاسية ثم القلوب الغافلة وفائدة التفكر أنّه منبّهٌ للقلب ليستيقظ من غفلته واليقظة هي أول منازل السلوك وهذا ما أرشد اليه أمير المؤمنين بقوله:"نبّه بالتفكر قلبك".
1- المحجة البيضاء, ج 8, ص 194
2*آل عمران 191 والآيات: 21/24 من الروم
3-الكافي ج 2, ص 54, ح 2, مشكاة الأنوار, ص 81
4-آل عمران 190 – 191
5-الروم 24
6-البحار, ج 77, ص 82
7-البحار, ج 41, ص 22