محاور الموضوع ألرئيسة
-الفقر أحد الروابط التي توثق العلاقة بالله تعالى.
-فقر النفس أخطر أنواع الفقر، ومن هو الفقير حقاً.
-الفقر هيّنٌ مع الرضا والصبر.
الهدف:
بيان معنى الفقر.
تصدير الموضوع:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾(فاطر:الآية 15).
قد يستعمل الفقر على أربعة وجوه
الأول:معنى الإمكان في الموجودات وحاجتها إلى بارئها في أصل وجودها وفي استمرار بقائها.وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدني بل عام للموجودات كلها. وعلى هذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ .
وهذا الفقر باعتباره في أصل الخلقة والتكوين فهو واحد من المنبهات العظيمة للإنسان لتوثيق روابطه وعلاقته بالله سبحانه وتعالى.ولكن الإنسان لشدة انشغاله بالدنيا كثيرا ما يذهل عن هذا الفقر ويشتغل بالمصادر الحسية المباشرة للوسائل التي تلبي حاجاته.
الثاني:غياب المقتنيات التي تستجيب للحاجات المباشرة من المأكل والملبس والمسكن وما شابهها. وهو المعين في قوله سبحانه وتعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ وفي قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ .
وهذا المعنى هو الذي ينطبق على الفهم اللغوي والمصطلح المتبادر عند إطلاقه والذين يتصفون به هم الذين يبشرون بثواب الآخرة والمنزلة العظيمة لقاء الصبر والرضا بما قسم الله عز وجل كما سيأتي في الأحاديث.
الثالث: فقر النفس وهو الشّره الذي يسيطر على الإنسان فلا يعود يشعر بالكفاف ولو استحوذ على مال الدنيا كلها. وهو الخصلة المذمومة المعنية في الأحاديث المختلفة مثل قول الإمام الحسن عليه السلام لما سُئل عن الفقر: "شره النفس إلى كل شيء" وقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : "الفقر الموت الأكبر" .
أو ما يوجب اختلال التوازن العقلي ويؤدي إلى انعدام الصواب في النظرة إلى الحياة قال الإمام الصادق عليه السلام : "الفقر الموت الأحمر" فقيل له: الفقر من الدنانير والدراهم؟ قال: ل ولكن من الدنيا" أو قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في وصيته لعلي عليه السلام : "الفقر الموت الأكبر فقيل له: الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال: الفقر من الدين" .
الرابع: الشعور بالحاجة إلى واجب الوجود وصاحب الخزائن التي لا تنفد والذي يعني امتلاء النفس ثقة بالله تعالى وهذا يؤدي إلى الاستغناء التام عن الناس وما في أيديهم وهذا هو المشار إليه في قوله صلى الله عليه واله وسلم : اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك". وهذا ما عناه الشاعر بقوله:
ويعجبني فقري إليك ولم يكن
ليعجبني لولا محبّتك الفقرُ
الفقر هيّن مع الصبر والرضا
عن النبي صلى الله عليه واله وسلم : "يا معشر المساكين طيبوا نفس وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عزّ وجلّ على فقركم" .
وعنه صلى الله عليه واله وسلم : "طوبى للمساكين بالصبر وهم الذين يرون ملكوت السماوات والأرض" وعن أمير المؤمنين عليه السلام : "ملوك الدنيا والآخرة الفقراء الراضون" .
وقد قال الصادق عليه السلام لمحمد الخزاز: أما تدخل السوق أما ترى الفاكهة تباع والشيء مما تشتهيه؟ فقلت: بلى. فقال: "أما إن لك بكل ما تراه فلا تقدر على شراه حسنة" .
وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم : "أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر" .
ويبدو أن ذلك مما يقوّي صبر المسلم الفقير. والظاهر أن أكثر ما يبعث الرضا في قلب الفقير المسلم ويشدّ من أزره هو اتكاله على الله تعالى. فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله! وأحسن منه تيه الفقراء على ولعله عن الأغنياء اتكالاً على الله" .
فمن هو الفقير حقاً؟
سأل النبي صلى الله عليه واله وسلم يوما: "أيها الناس ... ما الصعلوك فيكم؟ قالوا: الرجل الذي لا مال له. فقال: بل الصعلوك حق الصعلوك من لم يقدّم من ماله شيئا يحتسبه عند الله وإن كان كثيرا من بعده" . يعني أنه لم يقدّم من ماله في حياته شيئاً يُثاب به عند الله وإن قدّم ورثته أو أوصى بأن يقدّم الكثير من المال في سبيل الله بعد وفاته.
وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : "أتدرون ما المفلس؟ فقيل: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع له. فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم وقذف هذ وأكل مال هذ وسفك دم هذ وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. بل قد يقال: إن المفلس حقيقة هو هذا" .
الفقراء مع الأنبياء عليهم السلام
عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :" يا معشر الفقراء إن الله رضي لي أن أتأسّى بمجالسكم فقال: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي فإنها مجالس الأنبياء قبلكم" .
وعنه صلى الله عليه واله وسلم "الفقراء ملوك أهل الجنة والناس كلهم مشتاقون إلى الجنة والجنة مشتاقة إلى الفقراء" .
وعنه صلى الله عليه واله وسلم لما سأله أبو ذر:الخائفون الخاشعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يسبقون الناس إلى الجنة؟ - قال: "ل ولكن فقراء المؤمنين يأتون فيتخطّون رقاب الناس" .