الوحدة عنوان قوة الأمة
محاور الموضوع ألرئيسة:
- مضار الفرقة..
- معيار الأخوّة.
الهدف:
بيان أهمية الوحدة في بناء وقوة الأمة والإشارة إلى مضار الفرقة.
تصدير الموضوع:
﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ 1.
الوحدة نعمة إلهية
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ 2.
﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾3.
في تفسير الآية أعلاه ملخص: "تمسكوا بدين الله الذي هو الإسلام أيها المسلمون جميعاً، ولا تتفرقوا عن هذا الدين الذي أمركم الله فيه بالتزام الجماعة، والائتلاف على الطاعة، وأثبتوا عليه. ثم تذكروا كيف كنتم متنازعين مختلفين قبل أن يبعث الطمأنينة والأمان، ببعثة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ونزول القرآن، فألَّف قلوبكم المتفرقة وجمعها على الإسلام، فرفع منها البغضاء وأزال عنها الشحناء، فأصبحتم بذلك إخوة متحابين بعد أن كنتم أعداءً متحاربين وأنجاكم من نار الفرقة إلى نعيم الوحدة برسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبكتابه الكريم"4.
مضار الفرقة:
وفي ملخص تفسير الآية الثانية: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا بالعداوة واختلفوا بالديانة من بعد ما بيّن لهم الطرق والحجج، فأولئك لهم عذاب عظيم، من الضعف والذل والهوان، يتخطفهم القريب والبعيد، وتزدريهم الأمم في الدنيا، وتتكسر شوكتهم، ثم لهم عذاب أليم في الآخرة وكل ذلك عقوبة لهم على تفرّقهم واختلافهم بعد مجيء البينات، والآية تدل على تحريم الاختلاف في الدين، فهو قبيح ومنهي عنه" 5.
معيار الأخوّة:
قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾6.
حيث يظهر لنا من خلال الآية أنَّ الذين هم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم الذين يتخذون منه أسوة حسنة ويطيعونه ويلتزمون أمره ونهيه، هم الذين يتوحدون حوله ويتراحمون فيما بينهم، ويكون عدوهم واحداً، يتراصون جبهة واحدة في مقابله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾7.
أي الذين آمنوا بالقرآن كتاباً وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً- أي المسلمون- يتوحدون متآخين على قضاياهم، كأنهم البنيان المرصوص لشدِّ بعضه بعضاً.
ومما يؤكد هذا المعنى قول الأمير عليه السلام: "الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق" 8.
وقد ذكرنا في تفسير الآية: "واعتصموا بحبل الله جميعاً" أنَّ حبل الله هو دين الإسلام.
يتحصّل مما مضى مجموعة من الحقائق التي لا مناص من الأخذ بها، وهي:
1- أنَّ الدين عند الله الإسلام الذي هو الإيمان بالقرآن كتاباً، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً.
2- أنَّ معيار الأُخوّة بين المسلمين هو التراحم فيما بينهم والتعاضد في سبيل القضايا، وأنّ العدو واحد، يجب أن يتوحّد المسلمون في مقابله.
3- إنَّ من معاني الإيمان بالإسلام هو هذا الاتحاد غير القابل للتخلّف عن حقيقة الإيمان، "واعتصموا بحبل الله جميعاً" و "لا تكونوا كالذين تفرقوا... أولئك لهم عذاب عظيم".
4- أنه لم يكن لهذه الأمة أن تجتمع وتنال عزتها وسيادتها على الأمم بدون هذا الدين العظيم"، وألّف بين قلوبهم، ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ 9.
5- أنَّ في اجتماعها عزّتها وسؤددها وسيادتها، وأنَّ في تفرقها وتشرذمها وتشتتها امتهاناً وخسراناً وضياعاً، للأهداف، ﴿وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ 10.
- الاتحاد واجب شرعي في الوقت الحاضر:
يقول الإمام الخميني قدس سره: يجب أن يكون المسلمون يداً واحدة ضد الظالمين11.
واجتماع المسلمين واتحادهم إنما يكون ذلك من دون التمييز بين قومية ولغة وعرق ولون... يقول الإمام في هذا الصدد: "لا أهمية للعنصر واللغة والقومية والإقليم في الإسلام، فجميع المسلمين- سنة وشيعة- هم إخوة متكافئون متساوون في المزايا والحقوق الإسلامية" 12.
ويجب أن لا يقتصر الأمر على الخطب والبيانات والأحاديث، ثم يظل المسلمون على تفرقهم وتشتتهم، يقول قدس سره: "لا تكثروا من الدعوة إلى الوحدة قولاً ثم تتركوا السعي في سبيل تحقيقها عملاً، اتحدوا عملياً، فأنتم إخوة" 13. فالذي يجمع المسلمين تحت راية الوحدة هو التوحيد، يقول قدس سره: "إن المسلمين جميعاً إخوة متكافئون، لا انفصال لأي منهم عن الآخر، وعليهم جميعاً الانضواء تحت راية الإسلام وراية التوحيد"14.
ولا يمكن تحقيق هدف الإسلام بدون الوحدة يقول قدس سره: "يمكننا تحقيق الأهداف الإسلامية السامية في ظل الوحدة والانضباط" 15.
ويمكن مواجهة العالم كله في ظل الوحدة وتحقيق الانتصار أيضاً، يقول قدس سره: "لو كان المسلمون يداً واحدة لما تمكن أحد من مواجهتهم" 16.
ويقول في مكان آخر: "ما دمتم جسداً واحداً، فلن يتمكن أحد من هزيمتكم" 17.
وفي مقابل ذلك، فإنَّ الأعداء يعملون على بثّ الفرقة بين المسلمين، ويراهنون دائماً- في سبيل إضعافهم والسيطرة عليهم وعلى تفرقهم، يقول الإمام الخامنئي دام ظله في هذا الصدد: "إن أعداءنا يعولون على نقاط الاختلاف بعكس ما نهدف إليه من تعزيز نقاط الاتفاق، والتجمع حولها، مفوّتين على العدو فرص تغلغل بين صفوفنا وزرع بذور الفرقة والتناحر بهدف تمزيق الأمة" 18.
- الحفاظ على الوحدة شرعية لكل الفئات:
يقول الإمام الخامنئي دام ظله: "إنّ الحفاظ على الوحدة هو الأساس الذي تتوقف عليه شرعية المواقف سلباً أو إيجاباً، لأنَّ الوحدة هي الواجب الشرعي الأول"19.
1- سورة آل عمران، الآية: 103.
2- سورة آل عمران، الآية: 103.
3- سورة آل عمران، الآية: 105.
4- الطبرسي في مجمع البيان- ج2- ص356- 357.
5- الطبرسي في مجمع البيان- ج2- ص359.
6- سورة الفتح، الآية: 29.
7- سورة الصف، الآيات: 2- 4.
8- نهج البلاغة، الكلمات القصار، حكمة 53
9- سورة الأنفال، الآية: 63.
10- سورة الأنفال، الآية: 46.
11- الكلمات القصار، إصدار مؤسسة تنظيم آثار الإمام- ص133.
12- نفس المصدر.
13- نفس المصدر- ص137.
14- نفس المصدر- ص139.
15- نفس المصدر- ص134.
16- نفس المصدر- ص135.
17- نفس المصدر- ص134.
18- حديث الولاية، إصدار دار الولاية للثقافة والإعلام، ص137.
19- نفس المصدر، ص195.