محاور الموضوع الرئيسيّة:
- استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام.
- الواحد والعشرون من شهر رمضان المبارك.
الهدف:
الإضاءة على بعض الصفات والسجايا النبيلة في شخصيّة أمير المؤمنين عليه السلام.
تصدير الموضوع:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحي بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب"1.
المدخل
الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث عن مجمع الفضائل ومنتهى الكمال البشري، فهو راية الهدى وإمام المتّقين ووصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووليّ الأمّة من بعده، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ عليّاً منّي وأنا منّه وهو وليّ كلّ مؤمن2، وإنّ الحقّ معه يدور معه كيفما دار3، وهو باب مدينة العلم4، ولولاه لم يعرف المؤمنون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي لا يبغضه مؤمن ولا يحبّه منافق5، فحبّه علامة إيمان تأكل الذنوب كما تأكل النّار الحطب، وبغضه علامة نفاق تحبط الأعمال فلا يقيم الله لها يوم القيامة وزنا".
ونحن هنا سنقتصر على رواية واحدة يشير فيها ضرار بن حمزة إلى بعض مزايا أمير المؤمنين عليه السلام وسجاياه الكريمة
إنّ معاوية سأل ضرار بن حمزة بعد موت الإمام علي عليه السلام عنه فقال صف لي عليّاً، فقال: أو تعفيني؟ فقال: صفه، فقال: أوتعفيني؟ فقال: لا أعفيك، قال: أمّا إذا لا بدّ فأقول ما أعلمه منه
تحمل المسؤوليّة: "كان بعيد المدى شديد القوى"6.
الحزم في المواقف: "يقول فصلاً ويحكم عدلاً"7.
العلم: "يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه"8.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعليّ بابها9، ولطالما كان علي عليه السلام يخاطب أصحابه: "سلوني قبل أن تفقدوني"10.
الخشوع: "يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة "11.
التفكّر ومحاسبة النفس: "طويل الفكرة، يقلّب كفيه، ويخاطب نفسه"12.
الأسوة والقدوة في الحياة: "يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب"13.
وقد قال مبيّناً زهده: "ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من لباسه بطمريه ومن طعامه بقرصيه"14.
التواضع: "كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدأنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه"15.
الهيبة والوقار: "ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلّمه هيبةً، ولا نبتدأه عظمةً "16.
الإهتمام بالمظهر: "إن تبسّم فعن اللؤلؤ المنظوم"17.
علاقته بأهل الدين والإيمان: "يعظّم أهل الدين"18، فقد روي: من عظّم دينه عظّم إخوانه ومن استخفّ بدينه استخفّ بإخوانه.19
علاقته بالفقراء والمساكين: "ويحبّ المساكين"20، وفي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ إنّ الله...... وهب لك حبّ المساكين، فرضوا بك إماماً ورضيت بهم أتباعاً"21.
العدل وعدم التحيز: "لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله"22.
عزوفه عن الدنيا: "وكأنّي أسمعه وهو يقول: يا دنيا أبي تعرّضت، أم إليّ تشوّقت، هيهات هيهات غرّي غيري قد باينتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كثير"23.
إشعار المرء نفسه بالتقصير أمام أهوال الآخرة: "آهٍ من قلّة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق"24.
الدم المسافر إلى القدس
وأخيراً وبعد صبر طويل دخل أمير المؤمنين عليه السلام مسجد الكوفة شاعراً بعلامات الشهادة التي طالما انتظرها باشتياق، ومع ضربة سيف اللئيم على الهامة الشريفة رأى الإمام علي عليه السلام الباب الذي طالما انتظره يفتح فأطلق صرخة السعادة "فزت ورب الكعبة"25، إنّه قسم بالمبدأ بربّ الكعبة التي دحا(بسط) الله الأرض من تحتها في أوّل الخلق وهي بيت الله الذي فيه كان مبدأ ولادة الإنسان الكامل الإمام علي عليه السلام.وإنّه إخبار بالفوز، الفوز بالقتل في سبيل الله.
من قتل أمير المؤمنين؟
من هو الذي حرم الإنسانيّة كمالات أمير المؤمنين عليه السلام فكان أشقى الآخرين.من هو الملعون في السماوات والأرض لا سيما في ليلة القدر الوارد فيها استحباب لعن قتلة أمير المؤمنين مائة مرّة على مرّ الزمان.
لنسمع الجواب من الفم المقدّس لأمير المؤمنين عليه السلام الذي تخطّى في تعيينه القاتل شخص ابن ملجم الذي تربّى في بيئة منحرفة تنسب نفسها إلى الإسلام ليقول فيما ورد عنه بعد جرحه "قتلني ابن اليهوديّة" .لعلّ الإمام عليه السلام أراد بهذه الكلمة الإشارة إلى أنّ قتله صنيعة الحقد والغلّ الذي يحمله اليهود ضدّ الإسلام والمسلمين بل الإنسانيّة ليرسم بذلك طريق الثأر لقتله باجتثاث جذور جور الحقد اليهوديّ من الوجود.
شهادة علي عليه السلام وحزن القدس
وإذا كان أمير المؤمنين عليه السلام قد ربط بين قتله واليهود فليس من الغريب أن يبكيه بيت المقدس كما روى ابن شهاب الذي سأله عبد الملك بن مروان قائلاً: "يا ابن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب، قال: " نعم..لم يرفع حجر في بيت المقدس إلاّ وُجد تحته دم"27.
1- الغدير، الاميني، ج3، ص356.
2- مقام الامام علي عليه السلام، نجم الدين العسكري، ص29.
3- خلاصة عبقات الانوار، السيد حامد النقودي، ح7، ص166.
4- مدينة المعاجز، السيد هاشم البحراني، ج1، ص529.
5- شرح الاخبار، القاضي المغربي، ج1، ص153.
6- مناقب الامام أمير المؤمنينQ، ج2، ص51.
7- ن.م. ج2، ص51.
8- ن.م. ج2، ص51.
9- الامالي، الشيخ الصدوق، ص425.
10- نهج البلاغة، ج2، ص130
11- ن.م. ج2، ص51.
12- ن.م. ج2، ص51.
13- ن.م. ج2، ص51.
14- مختصر بصائر الدرجات، ح154.
15- من خصائص أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله، ص158.
16- اضواء على عقائد الشيعة الامامية، ص126.
17- ن.م. ج2، ص51.
18- ن.م. ج2، ص51.
19- الامالي، الشيخ الطوسي، ص98.
20- نهج البلاغة، ج2، ص130.
21- الامالي، الشيخ الصدوق، ص655.
22- ن.م. ج2، ص51.
23- ن.م. ج2، ص51.
24- ن.م. ج2، ص51.
25- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 41 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 2
26- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 42 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 284
27- الريشهري - محمد - موسوعة خطب الامام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ – ج 7 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام- ص 269