محاور الموضوع ألرئيسة
1 ـ شريك كامل في كل شيء.
2 ـ وعندما تدعو الضرورة.
3 ـ بمن تتشبّه النساء.
4 ـ بنت الهدى على درب جدتها.
الهدف
إظهار الدور الذي يتلعبه في الميدان لحفظ المسيرة، مع مراعاة أحكام الإسلام.
تصدير الموضوع
الإمام الخميني قدس سره: يجب على النساء المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية على قدم المساواة مع الرجال، مع المحافظة على الشؤون التي أمر بها الإسلام1.
شريك كامل في كل شيء
قد يظنّ البعض أنّ التصنيف الموجود في مجالات الحياة على اختلاف أبعادها، وأنّ تصدُّر الرجل للأدوار في بعض مجالات الحياة، تجعله المالك الوحيد، وصاحب الامتياز والفضل في تلك المجالات، ومن ذلك إنجازات الأمم والشعوب والمجتمعات في التحرر من الاحتلال والتبعية، وفي تحقيق السيادة والاستقلال، وفي تحقيق الأنظمة السياسية التي يفخر بها رعاياها، وكذلك في تحقيق النمو والازدهار، على صعيد نبش القابليات والإمكانات المستودعة لدى الأجيال وتحقيق التقدم الحضاري والمدني في الحياة العامة.
إلا أنّ الإنصاف والتأمل يستدعيان الإقرار بأنّ هناك أدواراً مباشرة يقوم بها البعض، وهناك أدوار غير مباشرة على الصعد المذكورة، ولا يمكن تحقيق أيِّ إنجاز على مستوى الأبعاد المختلفة في الحياة العامة من دون هذه الأدوار مجتمعة.
بل إن الأمر عندما يتعلق في تصنيف المجتمع، فإنّ المرأة ـ التي هي نصف المجتمع ـ أساساً تبتني عليه أدوار كل شرائح الأمة.
وإذا لم يكن مطلوباً منها أن تقوم بدور جهادي ميداني، فإنّ أجرها الذي تحصل عليه في عملها الأُسري، ودورها الاجتماعي، لا يقلّ ـ بل، قد يزيد ـ عن دور المجاهد والشهيد. والشواهد في هذا المجال كثيرة جداً.
وهذه أسماء بنت يزيد الأنصارية تحمل إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم أسئلة يظن البعض أنها وليدة هذه الأيام، وصنيعة الحضارة الحديثة، تقول: "وإنكم ـ معاشر الرجال ـ فُضّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله. وإنّ الرجل منكم إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربيّنا لكم أولادكم. فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟!
... فالتفت النبي صلى الله عليه واله وسلم إليها، ثم قال:"انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي مَنْ خلفكِ من النساء أنّ حُسن تبعُّل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله.فأدبرت المرأة وهي تهلّل وتكبّر استبشاراً"2.
يقول العلامة الطباطبائي بعد هذا الحديث معلّقاً ما ملخصه: "إنّ شعور المرأة بالحرمان من فضيلة الجهاد في سبيل الله لم يهمله الإسلام، بل تداركه وجبر كسره بما يعادله عنده بمزايا وفضائل فيها مفاخر حقيقية، وإنْ كان مزهوداً بالكثير منها على أهميتها في أيامنا هذه، نظراً لتأثر مجتمعنا بثقافات وعادات أبعد ما تكون عن الإسلام. فإنّ الإسلام يقّوم الأمور بقيمها الحقيقية، وتتنافس فيه الفضائل الإنسانية المرضية عند الله، فلو سلك كلٌّ مسلكه وقام بالدور المطلوب منه، تتعادل حينها أنواع الخدمات الإنسانية وتتوازن أعمالها.فلا فضل في الإسلام للشهادة في معركة القتال وبذل النفس ـ على ما فيه من فضيلة ـ على لزوم المرأة وظيفتها الزوجية"3.
وعندما تدعو الضرورة
إنّ ما تقدم هو موقف الإسلام، لكن ذلك لا يعني أنه عندما تدعو الضرورة، وتحتاج قضية كبرى إلى كل شرائح المجتمع، أن تظل المرأة في بيتها. على العكس من ذلك، فإنّ المشاركة الفعالة للمرأة تمثل عنصراً حاسماً في حماية القضايا الكبرى وفي وصول المسيرة إلى أهدافها.
ولكن خروج المرأة من بيتها للقيام بالوظائف والأدوار المختلفة تصاحبه مسؤولية كبيرة وحذر شديد لا بدّ من مراعاتهما.
يقول محقق حلم الأنبياء الإمام الخميني قدس سره: "يتحتّم على النساء اليوم أداء دورهن الاجتماعي، والتزاماتهن الدينية، مع المحافظة على الحياء العام. ففي ظل العفة العامة يمارسن نشاطاتهن الاجتماعية والسياسية"4.
ويقول رضوان الله تعالى عليه في مكان آخر:"مثلما يجب على الرجال المساهمة في القضايا السياسية والحفاظ على مجتمعهم، يجب على النساء أيضاً المشاركة والحفاظ على المجتمع. يجب على النساء المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية على قدم المساواة مع الرجال، وبالطبع مع المحافظة على الشؤون التي أمر بها الإسلام"5.
بمن تتشبّه النساء؟
إنّ القدوة التي ينبغي أن تُحتذى لا بدّ أنْ تكون صفات الكمال فيها في أرقى مستويات التجلي والسطوع، وقيام المرأة واقتحامها للميادين العامة، لا بد له أنْ يحاكي نموذجاً حفظ الإسلام في قيامه، وفي مراعاته لأحكامه، وفي وعيه ومستويات الذروة التي بلغها في إدراكه لخطورة المرحلة والدور، ولصبره وإيثاره وعطائه، وعدم السماح لهول المشاهد وفداحة الخسائر أنْ تفتّ من عزيمتها، أو أنْ تحرف التزامها، يقول الخميني قدس سره عن دور عقيلة بني هاشم عليها السلام في هذا المجال:ينبغي أن تقفن الموقف الذي وقفته زينب عليها السلام بعد تلك المصيبة العظمى، التي دونها كل المصائب، ومواجهتها للكفر والزندقة وأوضحت تلك الحادثة بأجمل صورها”6.
ويقول قدس سره في فضل زينب عليها السلام على إنجازاتنا:"لقد رأينا مراراً أنّ نساءاً عظاماً يرفعن أصواتهنّ كزينب عليها سلام الله، ويقلن إنهنّ قدّمن أبناءهنّ وكل عزيز لديهنّ على طريق الله تعالى والإسلام العزيز، ويفخرن بذلك"7.
أولم يكن هذا حال أمهات المجاهدين الذين أصبحوا شهداء؟! كيف قامت الأمهات والأخوات والزوجات، بدور الإقدام والتضحية الكبرى، ثم بعد شهادة المجاهد يتابعن الدور في حفظ مسيرة الجهاد والعطاء؟! كل ذلك تعلمنه من زينب عليها السلام.
يقول الإمام قدس سره: "المرأة التي وقفت في وجه طاغية لو تنفس الرجال لقتلهم جميعاً ـ يزيد بن معاوية ـ وقفت توبّخه دون خوف، وقفت تخاطب يزيد وتشعره بأنه ليس إنساناً ولا يمتّ للآدمية بصلة.ينبغي للمرأة أنْ تتحلّى بمثل هذه الشجاعة"8.
بنت الهدى على درب جدتها
ومن أعظم المصاديق التي احتذت بزينب عليها السلام السيدة بنت الهدى الصدر شقيقة المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره التي رافقت أخاها في مسيرة جهاده ومصير الشهادة، فقدمت نفسها قرباناً، وطوداً شامخاً في وجه طاغية ظالم، لم تَهِنْ ولم تجبن، يوم عزّ الناصر والمعين.
تقول رضوان الله عليها: "إن زمن السكوت ولّى.. لماذا أسكت وأنا أرى مرجعاً مظلوماً يقع في قبضة هؤلاء المجرمين..الله يشهد أني أتمنى الشهادة في سبيله... سواء عندي أنْ أعيش أو أقتل ما دمت واثقة أنّ موقفي كان طلباً لمرضاة الله ومن أجله عزَّ وجلَّ"9.
1-مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني قدس سره ، ص101 ـ 102.
2-الدر المنثور للسيوطي، ج2، ص518.
3-تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، ج4، ص35، بتلخيص وتصرّف.
4-مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني قدس سره ، ص97 ـ 98.
5-م.ن، ص101 ـ 102.
6-مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني قدس سره ، ص68 ـ 69.
7-ن.م، ص69.
8- م.ن، ص67.
9-من كتاب "الشهيد الصدر، سنوات المحنة وأيام الحصار" للشيخ محمد رضا النعماني، ص218 ـ 219.