محاور الموضوع الرئيسيّة:
حقيقة العفاف وقيمته
شعب العفاف وآثاره
العفة والابتذال
الهدف:
التعرّف الى قيمة العفة وأهميتها في تهذيب السلوك وتقويمه، وتحصين المجتمع من الابتذال.
تصدير الموضوع:
نقل عن الإمام عليه السلام: "ألا وإن لكل مأموم إماماً، يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، إلا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع اجتهاد، وعفة وسداد"1.
مقدمة
العفة والابتذال: تقع "العفة" في النقطة المقابلة لـ "شهوة البطن والفرج" وتعتبر من أهم الفضائل الإنسانية والأخلاقية2 على السواء. وقد تحدّث اللغويون في معنى العفة كثيراً، وخلاصتها أن العفة حصول حالة للنفس تمتنع بها من غلبة الشهوة، وتحفظها من الميول والشهوات النفسانية، وعلى هذا فالعفة صفة باطنية، وقد ذكر علماء الأخلاق في تعريف العفة أنها الحدّ الوسط بين الشهوة والخمود.
وعلى أي حال فإنّ المستفاد من آيات القرآن الكريم والروايات الإسلامية أنّ العفة تعد من أعظم الفضائل الأخلاقية والإنسانية، ولا يمكن لأي شخص أن يسير نحو الكمال الإلهي من دون التحلّي بها ونجد في حياتنا الدنيوية أنّ كرامة الإنسان وشخصيته وسمعته رهينة بالتحلي بهذه الفضيلة الأخلاقية. قال الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحْصِرُواْ في سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا في الأرض يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أغنياء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيَماهُمْ لاَ يَسْئلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْر فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم﴾ 3.
1- قيمة العفة في الإسلام
لقد تحدّثت الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليه السلام عن قيمة العفة، وكونها صفة إنسانية وخلقية ينبغي أن يهتم بها الإنسان في تربيته لنفسه، وسلوكه مع الآخرين، وذلك لما يترتّب على سجية العفة من الآثار حتى وضعت العفيف بمنزلة الملائكة، ووصف العفاف بأنه أفضل من العبادة. عن الإمام علي عليه السلام:"أفضل العبادة العفاف"4، وعنه عليه السلام في وصيته لمحمد بن أبي بكر لما ولاه مصر: " يا محمد بن أبي بكر، اعلم أن أفضل العفة الورع في دين الله والعمل بطاعته" 5.
وعنه أيضاً: "ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممن قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة" 6. وهي أفضل شيمة، وعنه عليه السلام: "العفة أفضل الفتوة"، والعفاف زينة الفقر، وعنه عليه السلام: زكاة الجمال العفاف7.
2- الحثّ على عفة البطن والفرج
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ َأيْمَانُهُم فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ 8.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أحب العفاف إلى الله تعالى عفاف البطن والفرج"9.
وعن الإمام الباقر عليه السلام: "ما عُبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج" 10.
وعن الإمام علي عليه السلام: "إذا أراد الله بعبد خيراً أعف بطنه وفرجه" 11.
3- العفاف صفة يحبها الله
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف" 12.وعن الإمام علي عليه السلام في صفة المتقين: "حاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة" 13.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو: اللهم إني أسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى 14.
4- شعب العفاف وآثاره
لعفاف العديد من الشعب:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما العفاف: فيتشعّب منه الرضا، والاستكانة، والحظ، والراحة، والتفقد، والخشوع، والتذكر، والتفكر، والجود، والسخاء، فهذا ما يتشعب للعاقل بعفافه رضى بالله وبقسمه15.
وأما من ناحية الآثار فللعفة آثار عديدة منها:
– القناعة: القناعة أحد أهم أصول العفاف، عن الإمام علي عليه السلام:"على قدر العفة تكون القناعة" 16.
– الغيرة: عن الإمام علي عليه السلام:"دليل غيرة الرجل عفته"17.
– الصبر على الشهوات: وعنه عليه السلام:"الصبر عن الشهوة عفة، وعن الغضب نجدة " 18وعنه عليه السلام:"العفة تضعف الشهوة" 19.
– القناعة: وعنه عليه السلام:" ثمرة العفة القناعة" 20.
– زكاة الأعمال: وعنه عليه السلام:"بالعفاف تزكو الأعمال"21.
5- العفة والابتذال
ان العفة هي برنامج حياة وخلق يجب ان يتحلى بها من اراد السمو والمروءة , وان من أسباب تماسك المجتمعات والأسر هو وجود العفة قوية وراسخة , وان من أسباب تفكك المجتمعات والأسر هو ضياع ذلك المجتمع العفة وضعفها، وأكثر ما يؤدّي إلى الابتذال وضعف العفة أو عدم وجود العفاف هو:
– وسائل الإعلام وما تقدّمه من سموم عبر شاشاتها المختلفة
– حملة الإفساد الموجهة للمرأة، وتزيين الفاحشة لها، وذلك بالدعوة للتبرج والسفور، وترك الحجاب.
– تأخّر الزواج عند الشباب، وذلك بسبب صعوبة المعيشة وارتفاع المهور.
– قلّة الورع، وقلة الأمانة، وعدم المبالاة بالحلال والحرام.
وبناءً على هذا لا بد من التذكير بما يحصّن النفس، ويصحّح السلوك ويقوّمه من خلال أمور:
– الحرص على عفة الجوارح: المسلم يعف يده ورجله وعينه وأذنه وفرجه عن الحرام فلا تغلبه شهواته، وقد أمر الله كل مسلم أن يعف نفسه ويحفظ فرجه, قال تعالى:﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ 22.
– الحرص على عفة الجسد: فعلى المسلم أن يستر ما بين سرّته إلى ركبتيه، وعلى المسلمة أن تلتزم بالحجاب، لأن شيمتها العفة والوقار، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ 23, وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾24.
وحرَّم الإسلام النظر إلى المرأة الأجنبية، وأمر الله المسلمين أن يغضوا أبصارهم، فقال: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ 25 وقال تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ 26.
– العفة عن أموال الغير وعفة المأكل والمشرب: المسلم عفيف عن أموال غيره لا يأخذها بغير حق, ويمتنع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه، وكل لحم نبت من حرام فالنار أولى به، يقول تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾27.
1-نهج البلاغة: الكتاب 45.
2-الأخلاق في القرآن الكريم، آية الله ناصر مكارم شيرازي،ج1، بتصرف.
3-البقرة:272
4-الكافي:2-79-3
5-بحار الأنوار-77-390-11
6-نهج البلاغة: الحكمة 474
7-غرر الحكم:729،730،1168،529،1989،35
8-المعارج:29-30
9-تنبيه الخواطر-2-30
10-الكافي:2-79-1
11-غرر الحكم-4114
12-أمالي الطوسي-39-43
13-نهج البلاغة:الخطبة 193، والكتاب 31
14-صحيح الترمذي:3489
15-تحف العقول-17
16-غرر الحكم-6179
17-غرر الحكم-5104
18-غرر الحكم-7646
19-ن.م5104
20-ن.م- 7646
21-ن.م.-4238
22-النور: 33
23-النور: 31
24-الأحزاب: 59
25-النـور: 30.
26-النور: 31
27-البقرة: 172