محاور الموضوع ألرئيسة
1- ما هو الكذب.
2- الكاذب ملعون على كل حال.
3- أعظم الخطايا.
4- الكذب يُخرج من الإيمان.
5- بعض آثار الكذب.
الهدف:
التنبيه إلى آفة الكذب ومخاطرها على شخصية المؤمن، وآثارها الوخيمة في الدنيا والآخرة.
تصدير الموضوع:
عن أمير المؤمنين عليه السلام : "أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب"1.
ما هو الكذب؟
الكذب عند أهل اللغة هو مخالفة الواقع، سواء أكان ذلك عمداً أم عن غير عمد. والكذب المذموم هو الذي يطابق العمد في المخالفة. وفي الأصل، فإنّ القول بخلاف الواقع، والعمل بخلاف القول، والخلف بالوعد، وما شابه ذلك، كله من الكذب. وعلى هذا، فالكذب منشأ كل هذه الخصال الذميمة.
ومما لا شكّ فيه أنّ الكذب من أعظم المعاصي، وهو مما يحكم العقل والنقل بقبحه. ومعلوم أنّ الجرأة على الكذب في بداية الأمر، تورث في النفس انحرافاً عن الحقّ، وغفلة عن الحق وستراً وإخفاءاً له؛ والمثابرة على هذه الحالة توجب تأصل الكذب في النفس حتى يصبح ملكة، وهي من أشنع ملكات الخُلق السّيئ وأخبثها، وهي التي يُسمى صاحبها كذّاباً (على وزن فعّال).
ففي صحيح ابن الحجّاج قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الكذّاب هو الذي يكذب في الشيء؟ قال: لا، ما من أحد إلا يكون ذلك منه، ولكن المطبوع على الكذب"2.
ولا يعني الحديث أنّ افتراء الكذّبة أمر غير مذموم، إنما يعني أنّ تأصُّل الملكة واستحكامها يكون بالمثابرة على اقتراف هذه الآفة الملعونة.
- الكاذب ملعون على كلّ حال
قد يظن البعض أنّ الكذب المذموم هو الذي يكون في الأمور الخطيرة، أما إذا كان في قضايا صغيرة أو غير مهمة فهو متسامح به أو غير مؤثر. وقد يظنّ آخرون أنّ المذموم من الكذب هو الذي يكون في المسائل الجدّية. أما إذا كان في الهزل والمزاح، فلا بأس به.
والصحيح أنّ الكذب مذموم في كل تلك القضايا والحالات، إلا أنّ العقلاء، قد يجدون عذراً لمن يمزح بغير حقّ، مزاحاً لا يكون فيه تأثير على المكذوب عليه. لكن، إذا كان في ذلك تأثير ما عليه وعلى السامعين، فلا يُتسامح في ذلك عرفاً. أمّا شرعاً، فإنه لا يُتسامح بهذا من أصله.
فعن الإمام أبي جعفر الباقر أنه قال: "كان علي بن الحسين يقول لولده: اتقوا الكذب، الصغير منه والكبير في كل جدّ وهزل. فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير. أما علمتم أنّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صدّيقاً، وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذّاباً"3.
- أعظم الخطايا
قد يتراءى للبعض أنّ الكذب- لا سيما باللسان- أمر سهل، يمكن تخطي آثاره وتجاوزها. بل نجد أنّ البعض لا يعطي بالاً لما يخرج منه، ونجده يكذب لأتفه الأسباب. لكنّ الشريعة الغرّاء بيّنت أنّ للكذب آثاراً لا يمكن التجاوز عنها وأنّ الكذب نفسه أعظم الخطايا.
فعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : "أعظم الخطايا اللسان الكذوب"4.
وعن علي عليه السلام : "أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب"5.
وقد حذّر الله سبحانه من شرب الخمر، وصرّح بتحريمه في كتابه الكريم، لما فيه من منابت للشرور والآثام، ولكن، ورد أنّ الكذب شرّ من الخمر. ففي الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : "إنّ الله عزَّ وجلَّ جعل للشرّ أقفالاً وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشّراب، والكذب شرّ من الشّراب"6.
والكذب أعظم الخطايا لأنه أقبح الأخلاق. ففي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام : "تحفّظوا من الكذب، فإنه من أدنى الأخلاق قدراً، وهو نوع من الفحش وضربٌ من الدناءة"7.
- الكذب يُخرج من الإيمان
قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾8.
وقد ذكر العلاّمة الطباطبائي في تفسير هذه الآية عن تفسير ابن عساكر لهذه الآية في تاريخ دمشق، أنّ عبد الله بن جراد سأل النبي صلى الله عليه واله وسلم : هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك. قال: هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك. قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها نبي الله صلى الله عليه واله وسلم :" إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون"9.
وقد ذكر أبو الدّرداء مثل هذا الحديث، وفي ذيله قوله صلى الله عليه واله وسلم : "إنّ العبد يزلّ الزلّة ثم يرجع إلى الله فيتوب، فيتوب الله عليه"10.
وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : "يُطبع المؤمن على كلّ خلّة غير الخيانة والكذب"11.
- بعض آثار الكذب
1- الكذب مهانة:فعن علي عليه السلام : "جانبوا الكذب؛ فإنه مجانب للإيمان، الصادق على شفا منجاة وكرامة، والكاذب على شفا مهواة ومهانة"12.
2- خراب للإيمان:فعن الإمام الباقر عليه السلام : "إنّ الكذب هو خراب للإيمان"13.
3- يذهب بالبهاء:فعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : "كثرة الكذب تذهب بالبهاء"14.
4- يودي إلى جهنم:ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في جواب مَنْ سأله عن عمل النار، قال: "الكذب؛ إذا كذب العبد فَجَر، وإذا فجر كَفَر، وإذا كفر يعني دخل النار"15.
5- مفتاح الخبائث:عن الإمام العسكري عليه السلام : "جُعلت الخبائث في بيت وجُعل مفتاحه الكذب"16.
ولا يخفى على اللبيب أنّ ما ذكرناه هو غيض من فيض قبائح الكذب ونتائجه التي تعود على صاحبها بالندامة والمهانة في الدنيا والآخرة.
والجدير ذكره أنّ هناك موارد يجوز- بل قد يجب- الكذب فيها، أعرضنا عن ذكرها تجنباً للإطالة.
1- المحجة البيضاء، ج5، ص243.
2-الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني، ج2، ص340، ح12.
3-الكافي، ج2، ص327- 328، ح2.
4- كنز العمال للمتّقي الهندي، ح 8203.
5- المحجة البيضاء للمولى الفيض الكاشاني، ج5، ص243.
6-مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (شرح كتاب الكافي) للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، ج15، ص329، ح3، الكافي، ج2، ص339، ح3.
7- بحار الأنوار، للعلامة المجلسي، ج78، ص64، ح157.
8- النحل: 105.
9-تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، ج12، ص352.
10-كنز العمال، ح 8994.
11-الترغيب والترهيب للمنذري، ج3، ص595، ح22.
12- نهج البلاغة، الخطبة 86.
13- بحار الأنوار، ج72، ص247، ح8.
14- بحار الأنوار، ج72، ص259، ح22.
15- الترغيب والترهيب للمنذري، ج3، ص592، ح13.
16-الدّرّة الباهرة من الأهداف الطاهرة للشهيد الأول، ص43.