محاور الموضوع الرئيسيّة:
1- اهتمام الدين الإسلامي وعنايته بتربية البنات.
2- الزهراءنموذج البنت القدوة.
الهدف:
التعرّف إلى نظرة الدين الإسلامي في تربية البنات، وبعض جوانب القدوة من سيرة السيدة الزهراء.
تصدير الموضوع:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "البنون نعيم، والبنات حسنات، يسأل الله عن النعيم ويثيب على الحسنات"1.
أولاً: اهتمام الدين الإسلامي وعنايته بتربية البنات
1- إنقاذهن من ظلم المجتمع: عندما جاء الإسلام قضى على كل أشكال الظلم للبنت ولم يكن ذلك ردة فعل لما حصل في الجاهلية فقط، بل لما تشكله البنت في المستقبل من دور فعّال وكبير في بناء المجتمع وصلاحه، بل هي أهم عنصر فيه فهي اليوم بنت وغداً زوجة وبعده أم تربي الأجيال القادمة.
وحمّل الإسلام الوالدين المسؤولية الكبرى، في تربية الأولاد عموماً والبنات خصوصاً، وأن المسؤولية للوالدين لا تنحصر في الجانب المادي وسد حاجاتهن والإغداق عليهن، بل هذا جزء من المسؤولية وليس هو كل المسؤولية وبقية الأجزاء لا تقل أهمية عن هذا الجزء إن لم يكن أعظم وأهم الأهداف المستقبلية للأولاد والبنات فلهذا ركّز الإسلام على جانب البنات أكثر من جانب الأولاد. فقد ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "خير أولادكم البنات"2.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة.فقيل: يا رسول الله، واثنتين قال: وان كانتا اثنتين فقيل يا رسول الله وواحدة، فقال: وواحدة"3.
2- احترام البنت:الحرص على احترام البنات وتقديرهن وإشعارهن بالمحبة والمودة من قبل الأبوين، وبالأخص من جانب الأب. فينبغي له أن يراعي عواطفها ومزاجها ويجنبها الغضب، أو ما يضايقها وهذا ما أكدته النصوص الشريفة كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"4.
3- تدريب البنت على العبادة والطاعة: ينبغي أن تدرّب البنت على العبادات، وتعوّد على الطاعات، وأعمال البر واتقاء المنكرات منذ الصغر.
4- الاهتمام بتربية البنات: اهتمام الإسلام بتربية البنات وتعليمهن وتثقيفهن وتكريمهن وغرس الاحترام في نفوسهن، لأن ذلك حقاً من حقوقهن على الوالدين، فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: عنه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "من عال ثلاث بنات يعطى ثلاث روضات من رياض الجنة، كل روضة أوسع من الدنيا وما فيها".
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من كانت له ابنة واحدة، كانت خيرا له من ألف حجة، وألف غزوة، وألف بدنة، وألف ضيافة"5. والأمر الأهم في هذا العصر ملاحظة ومعرفة صفات زملاء البنت والأصدقاء من الجيران، وزملاء وأصدقاء المدرسة وسائر أماكن التجمعات، فعلى الوالدين حثّ أولادهم على اختيار الأصدقاء الصالحين وتحذيرهم من أصدقاء السوء، وهذا واجب على الآباء تجاه أبنائهم، فيبينوا لهم المنافع في الدنيا والآخرة من وراء مجالسة الصالحين ومصادقتهم، ومخاطر مجالسة أصدقاء السوء.
5- حفظ المعيشة والحماية: فهي مضمونة المعيشة في أي مرحلة من مراحل حياتها ومنها مرحلة الطفولة، وقبل الزواج فالمسئول عن ذلك والدها، وبعد الزواج زوجها، وكلّف الوالدان بحمايتها ورعايتها في المنزل وخارجه، من الأقارب والأباعد وذلك لدعم مكانتها الاجتماعية.
6- الاهتمام بعواطف البنت: فينبغي أن يمارس الأهل وغيرهم إزاء البنات الحيطة والحذر من أن تخدش عواطفهن، وأكثر ما يتحمل ذلك هو الأب، فلا يجوز أن يجرح عواطفها ويكسر قلبها، وإذا أراد أن يعاقبها فلابد من اتخاذ الأسلوب الذي يجنبها الأذى والاضطراب المؤدي إلى العقد النفسية.
7- التحذير من خطر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة: يجب أن يلتفت الأهل إلى أضرار وسائل الإعلام، وأخطارها على تربية الأبناء والبنات، بلا فرق بين ما يشاهدونه، أو يقرؤونه، أو يستمعون إليه،فهذه الوسائل قد غزت كل البيوت، والاحتراز عنها لم يعد سهلاَ وبسيطاً.
ثانياً: الزهراء نموذج البنت القدوة
1- فاطمة حبيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: احس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بوطأة الحزن على نفس فاطمة ويرى دموع الفراق تتسابق على خديها، فيرقّ القلب الرحيم، وتفيض مشاعر الود والأبوة الصادقة، فيحنو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة، يعوضها من حبّه وحنانه ما فقدته في أمها من حبّ ورعاية وحنان.حتى قال صلى الله عليه وآله وسلم: "فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني"6.
2- فاطمة الممتحنة: وشاء الله سبحانه وتعالى أن تشهد فاطمة فترة صراع الدعوة في مكة، وتشهد محنة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم، فترى الأذى والاضطهاد يقع عليه، وتشهد جوّ مكة المعادي لبيت النبوّة، بيت الهدى والإيمان والفضيلة، وتشاهد أباها والصفوة المؤمنة من دعاة الإسلام والسابقين بالإيمان يخوضون ملحمة البطولة والجهاد، فيؤثّر هذا الجوّ الجهادي في نفسها، ويساهم في تكوين شخصيّتها وإعدادها لحياة التحمّل والمعاناة، لقد عايشت فاطمة كلّ ذلك وهي بعد لمّا تزل صبيّة صغيرة، لقد عايشت المحنة الأشد مع أبيها، بعد فقد أمها، المواسي والأنيس والحبيب الذي كان يخفّف عنها متاعب الحياة والآلام والاضطهاد، وبعد فقده عمّه أبا طالب حامي الدعوة والمدافع عن رسول الله الذي ما تجرأت قريش في حياته أن تؤذيه صلى الله عليه وآله وسلم أو تنال منه شيئاً، إلاّ كان لها بالمرصاد، هذه الحماية التي عبّر عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد فقده أبا طالب بقوله: " ما زالت قريش قاعدة عنّي حتى مات أبو طالب "7. ولم يمرّ هذا المشهد المؤلم دون أن يؤثّر في نفسها فيستبدّ بها الحزن والألم على القائد رسول الله أبيها صلى الله عليه وآله وسلم فتتألّم لجرأة هؤلاء الجاهلين الطغاة على رجل يريد أن يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويؤثّر موقف فاطمة في نفس أبيها صلى الله عليه وآله وسلم ويشعر بحرارة الألم تمسّ قلبها، فيحاول صلى الله عليه وآله وسلم أن يخفّف عنها ويحثّها على التجلّد والتحمّل، فيمدّ يديه الكريمتين ويضعهما على رأسها فيمسّه برقّة وحنان.
3- فاطمة الزوجة: لقد كانت فاطمة الزهراء تبذل قصارى جهدها لإسعاد أُسرتها، ولم تستثقل أداء مهام البيت، رغم كلّ الصعوبات والمشاق، حتّى أنّ علياً أمير المؤمنين عليه السلام رقّ لحالها وامتدح صنعها، وقال لرجل من بني سعد: "ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة، إنّها كانت عندي, وكانت من أحبّ أهله صلى الله عليه وآله وسلم إليه، وإنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد".
وروي أنّه دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علي عليه السلام فوجده هو وفاطمة يطحنان في الجاروش، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيّكما أعيى) ؟ فقال الإمام علي عليه السلام: "فاطمة يا رسول الله". فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "قومي يا بنية"، فقامت وجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم موضعها مع الإمام علي عليه السلام فواساه في طحن الحبّ8.
وما خرجت فاطمة من بيتها يوماً بدون إذن زوجها، وما أسخطته يوماً، وما عصت له أمراً، وقابلها الإمام علي عليه السلام بنفس الاحترام والودّ، وهو يعلم مقامها ومنزلتها الرفيعة، حتّى قال عليه السلام: "فوالله ما أغضبتها، ولا أكرهتها على أمر حتّى قبضها الله عزّ وجل، ولا أغضبتني، ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها، فتنكشف عنّي الهموم والأحزان"9.
4- عفاف فاطمة الزهراء وحجابها: سَأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عن المرأة: "متى تكون أدنى من رَبِّها ؟" فلم يدروا فلما سمعت فاطمة ذلك، قالت: "أدنى ما تكون من رَبِّها تلزم قعر بيتها".فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن فاطمة بضعة منّي"10.
وحين سُئلت: أي شيء خير للنساء؟ أجابت: ﴿وَخَير لَهُنَّ أن لا يَرَيْنَ الرجالَ، وَلا يَرَاهُنَّ الرجال﴾11.
5- إيثار فاطمة: وعن الإمام الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين قال: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقها قلادة من ذهب، كان علي بن أبي اشتراها لها من فيء له. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يَغُرَّنَّك الناس أن يقولوا: بنت محمد، وعليك لباس الجبابرة"12. فَقَطَّعتْهَا، وبَاعَتْها، واشتَرَت بها رَقَبة، فأعتقتها، فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك 13.
1- الكافي، 6، باب الدعاء في طلب الولد، باب 12.
2- مستدرك الوسائل،ج3،باب كرامة البنات.
3- وسائل الشيعة، ج21، باب استحباب طلب البنات، حديث 3.
4- كنز العمال، ج: 16، ص271.
5- مستدرك الوسائل- الميرزا النوري- ج 15- ص 115.
6- صحيح البخاري: 5 / 36، كنز العمال: 12 / ح34222.
7- كشف الغمة: 1 / 16، ومستدرك الصحيحين: 2 / 622.
8- بحار الأنوار ج43،ص51.
9- المصدر نفسه.
10- المصدر نفسه.
11- مناقب آل أبي طالب،ج3، ص121.