محاور الموضوع ألرئيسة:
1- الصدق صفوة اللسان.
2- الصدق دعامة الإيمان.
3- الصدق قربٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله.
4- الصدق مروءة.
5- الصدق منجاة لصاحبه.
6- الصدق وصية العقل.
الهدف:
إظهار مكانة الصدق من الشخصية الإيمانية، وكونه تجسيداً لحقيقة انطباق الإعتقاد.
تصدير الموضوع:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الإيمان أنْ تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك" .1
الصدق صفوة اللسان
من الخصال التي فُطر الإنسان عليها وعلى حبّها، ومن الشمائل التي تزيّن صاحبها وتعبّر عن علوّ همّته وسموّ مروءته، الصدق فهي معشوقة القلوب وممدوحة العقول، لأنها تعبّر عن صفاء السريرة، ونقاوة الباطن؛ وهي زينة اللسان، لأنها مرآة الفؤاد وتصيخ لها الآذان، وقد قال العلامة المجلسي رحمه الله: "الصدق هو القول المطابق للواقع، ويطلق أيضاً على مطابقة العمل للقول والاعتقاد، وعلى فعل الجوارح والقلب، المطابقين للقوانين الشرعية والموازين العقلية. ومنه الصّدّيق، وهو مَنْ حصل له ملكة الصدق في جميع الأمور، ولا يصدر منه خلاف المطلوب عقلاً ونقلاً، كما صرّح به المحقّق الطوسي في أوصاف الأشراف" .2
ـ دعامة الإيمان:
وهو أحد دعائم الإيمان السبع، التي تتكون منها شخصية المؤمن، والتي بها تتجسّد حقيقة الإيمان.
فعن أبي عبد الله عليه السلام: "إنّ الله عزَّ وجلَّ وضع الإيمان على سبعة أسهم: على البرّ، والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم والحلم. ثم قسّم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم، فهو كامل" .3
وفي حديث آخر عن أبي عبد الله عليه السلام: "لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش. ولكن، اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة" .4
ـ الصدق قربٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسمى قبل أن يبعثه الله تعالى بالصادق الأمين. وبمقدار استحواذ الصدق على شخصية المؤمن، بمقدار ما يكون قربه من رسول الله صلى الله عليه وآله.
عن زيد بن علي بن الحسين عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "إنّ أقربكم مني غداً وأوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم للحديث، وأدّاكم للأمانة، وأحسنكم خُلقاً، وأقربكم من الناس" .5
وعن أبي كَهْمَس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عبد الله بن أبي يعفور (أحد أصحابه) يُقرئك السلام.
قال: عليك وعليه السلام. إذا أتيت عبد الله، فاقرأه السلام، وقل له: إنّ جعفر بن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به عليّ عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله، فالزمه. فإنّ علياً عليه السلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله صلى الله عليه وآله بصدق الحديث وأداء الأمانة .6
ـ الصدق مروءة:
إنّ الصدّق تعبير عن استقامة صاحبه، وعن إيثاره للفضيلة، لا سيما إذا كان في الصدق مجانبة للمصلحة. فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "قدر الرجل على قدر همته، وصدقه على قدر مروءته، وشجاعته على قدر أنفته، وعفّته على قدر غيرته" .7
وقال عليه السلام: "الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك، على الكذب حيث ينفعك، وأنْ لا يكون في حديثك فضلٌ عن عملك، وأنْ تتقي الله في حديث غيرك" .8
وهذا- إضافة إلى تعبيره عن المروءة-، إنما يعبّر انطباق الأقوال على الأفعال، والدقّة في تناول ونقل أحاديث الآخرين. وهذا من أوثق مصاديق ونماذج الصدق، التي تجعل صاحبها من أهل القرب والوثاقة.
ـ الصدق منجاة لصاحبه:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "جانبوا الكذب، فإنه مجانب للإيمان، الصادق على شفا منجاة وكرامة، والكاذب على شفا مهواة ومهانة" .9
وقال أبو الحوراء السعدي ربيعة بن شيبان: قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: حفظت منه: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنّ الصدق طمأنينة، والكذب ريبة" .10
وكفانا اعتباراً من عاقبة الصدق، وأنها خلاصة الخير والمنفعة عند الله، وإنْ كان فيه أحياناً ضرر بحسب الظاهر، قوله تعالى:﴿يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ .11
وفي رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "عليكم بالصدق، فإنّ الصدق يهدي إلى البرّ، وإنّ البرّ يهدي إلى الجنة. وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يُكتب عند الله صدّيقاً. وإياكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي النار. وما زال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذّاباً" .12
ـ الصدق وصية العقل:
بعد أنْ رأينا أنّ الصدق منجاة العباد، وأنّ الكذب مهواة ومذلّة، فإنّ العقول السويّة تدعونا إلى الصدق، وإلى الأخذ بأمر الله تعالى ووصيته. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ . .13
وقال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ . .14
1- نهج البلاغة، ص766، ح452.
2- مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، ج7، ص272، باب درجات الإيمان، ج1.
3- مرآة العقول، ج7، ص272، عن الكافي.
4- الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني، ج2، ص85، ح2.
5- وسائل الشيعة للشيخ الحرّ العاملي، ج12، ص163، باب 108، من العشرة، ح8.
6- الكافي، ج2، ص85، ح5.
7- نهج البلاغة، ص673، ح47.
8- نهج البلاغة، ص766، ح452.
9- نضيف نهج البلاغة للدكتور لبيب بيضون، ص956.
10- جامع الأصول لابن الأثير الشافعي، ج7، ص292، ونقل مثله الشهيد الثاني في ذكرى الشيعة.
11- سورة المائدة، الآية: 119.
12- جامع الأصول، ج7، ص291.
13- سورة التوبة، الآية: 119.
14- سورة الأحزاب، الآية: 23.