محاور الموضوع ألرئيسة:
1- أدب الضيف.
2- شهر رمضان عيد الأولياء.
3- في وداع شهر الله.
4- الليلة الأخيرة.
5- بركات العيد.
الهدف:
بيان ضرورة الجدّ والاجتهاد لتعويض التقصير وتدارك ما فات في آخر هذا الشهر المبارك. وأهمية آخر ليلة وليلة يوم العيد.
تصدير الموضوع:
الإمام السجاد عليه السلام في وداع شهر رمضان: "السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال، ونشرت فيه الأعمال... السلام عليك، ما كان أطولك عن المجرمين، وأهيَبك في صدور المؤمنين" .1
أدب الضيف
شهر رمضان هو شهر التوبة والمغفرة، والعفو والرحمة، شهر العتق من النار والفوز بالجنة.
وقد شرّفه الله تعالى بأن نسبه إليه دون بقية الشهور، وشرّفنا بأن جعله شهراً يستضيفنا فيه، ويكرّمنا خلاله. فلا يكن استقبالنا له ولا وداعنا له مماثلاً لاستقبال ووداع سائر الشهور. وكما قال السيد ابن طاووس: "فلا تكن أيها الإنسان ممّن نزل به ضيفٌ غنيٌّ عنه، وما نزل به ضيف منذ سنة أشرف منه، وقد حضره للإنعام عليه، وحمل إليه معه تحف السعادات، وشرف العنايات، وما لا يبلغه وصف المقال من الآمال والإقبال، فأساء مجاورة هذا الضيف الكريم، وجفّاه وهوّن به، وعامله معاملة المضيف اللئيم، فانصرف الضيف الكريم ذامّاً لضيافته، وبقي الذي نزل به في فضيحة تقصيره وسوء مجاورته، أو في عار تأسّفه وندامته. فكن إما محسناً في الضيافة والمعرفة بحقوق ما وصل به هذا الضيف من السعادة" .2
وإذا لم تكن محسناً، مُكرماً للضيف، فلا تكن مُسيئاً مهيناً، مجافياً تستقبله بالإعراض وتودّعه بلوثات المهانة وما يعبّر عن استفحال الأمراض، وعلى الأقل "لا له ولا عليه، فلا تصاحبه بالكراهة وسوء الأدب عليه. وإنما تهلك بالأعمال السخيفة نفسك الضعيفة، وتشهّرها بالفضائح والنقصان، في ديوان الملوك والأعيان، الذين ظفروا بالأمان والرضوان" .3
شهر رمضان عيد الأولياء
لأن شهر رمضان هو شهر الله وشهر ضيافته، ولأنه "شهر الرحمة والمغفرة، وشهر العتق من النار والفوز بالجنة" .4
ولأنه شهر غَلّ الشياطين وتصفيدهم وتقييد الأبالسة، وإغلاق النيران.
لذلك، كان هذا الشهر عيداً للأولياء قصيراً، وغمّاً للمجرمين طويلاً، فعن الإمام السجاد عليه السلام : "السلام عليك يا شهر الله الأكبر ويا عيد أوليائه، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر في الأيام والساعات. السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال، ونشرت فيه الأعمال، السلام عليك من قرينٍ جلّ قدره موجوداً وأفجع فقده مفقوداً، ومرجوّ آلم فراقه السلام عليك ما أطولك على المجرمين وأهيبك في صدور المسلمين ".5
في وداع شهر الله:
إنّ أعظم ما يطلبه العباد المساكين في هذا الشهر هو أن تعتق رقابهم من النار وأن يفوزوا بالجنة، وهذا طلب المساكين المذنبين الخاطئين، الذين تضعف نفوسهم في بعض الحالات فيقترفون بعض المعاصي، وهو كذلك طلب أولئك المذنبين، الذين ضلّت بهم السبل وتاهوا عن طريق الهداية، وقرروا أن يتوبوا إلى الله، وأن يتخلّصوا من أوزار الذنوب وأحمال الخطايا. ومن لم يحصل على هذه الهدية (العتق من النار والفوز بالجنة) فهو من عين الشقي.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "إنّ الشقي حقّ الشقي من خرج عنه هذا الشهر ولم يُغفر ذنوبه" .6
لذلك، فليتدارك الواحد منا ما فاته، وليدعُ الله أن يغفر له، ويوفقه للأعمال الصالحة والطاعات، وليُثبت على أفضل الأعمال في شهر رمضان "أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ".7
حتى يحصل بالتالي على تلك الجائزة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "هو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار" .8
الليلة الأخيرة:
هي ليلة الفرصة، بل الفرصة الأخيرة لأولئك المساكين الذين رست سفينتهم على ساحل بحر الجود والكرم الإلهيين، بشرط أن يتوجهوا، ويتوبوا، ويجدّوا، وليعترفوا بتقصيرهم وتضييعهم، فلعل رحمة الله تدركهم، ولا يفوتهم مركب الرجاء، فليلتحقوا بموكب العطاء الإلهي غير المحدود.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً لم يُعطهنّ أمة نبي قلبي: ... وأما الخامسة: فإذا كان آخر ليلة غُفر لهم جميعاً. فقال رجل: ليلة القدر يا رسول الله؟. فقال: ألم ترَ إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وُفّوا" .9
بركات العيد:
العيد هو يوم الحصاد والجوائز، لأولئك الذين عملوا فقُبلت أعمالهم. وسُمِّيت ليلة العيد بليلة الجائزة.
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "... فإذا كانت ليلة الفطر سُمّيت تلك الليلة ليلة الجائزة. فإذا كانت غداة الفطر، بعث الله عزّ وجلّ الملائكة في كل البلاد، فيهبطون إلى الأرض فيطوفون على أفواه السكك (مداخل الطرق)، فينادون بصوت يسمعه جميع مَنْ خلق الله إلا الجنّ والإنس، فيقولون: يا أمة محمد، أخرجوا إلى ربكم رب كريم يعطي الجزيل ويغفر العظيم. فإذا برزوا إلى مصلاهم، يقول الله عزّ وجلّ: يا ملائكتي، ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا، جزاؤه أن توفيه أجره. قال: فيقول عزّ وجلّ: فإني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضائي ومغفرتي، فيقول جلّ جلاله: يا عبادي، سلوني فوعزّتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئاً في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم، ولدنياكم إلا نظرت لكم، وعزتي، لأسترنّ عليكم عثراتكم ما رأيتموني وعزتي، لا أفرينّكم ولا أفضحنّكم بين يدي أصحاب الخلود، انصرفوا مغفوراً لكم، قد أرضيتموني فرضيت عنكم..." .10
1- الصحيفة السجادية، الدعاء 44.
2- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يُعمل مرة في السنة للسيد ابن طاووس، ج1، ص 420.
3- نفس المصدر، ص 421.
4- من دعاء نهار شهر رمضان، في الإقبال، ج1، ص 202.
5- من دعاء وداع شهر رمضان، الصحيفة السجادية، ص 160، الدعاء، 44.
6- بحار الأنوار، للعلامة محمد باقر المجلسي، ج 96، ص 362، ح 23.
7- أمالي الشيخ الصدوق، ص 84، ح 4.
8- البحار، ج 96، ص 342.
9- أعمال الأشهر الثلاثة للشيخ الصدوق، ص 231.
10- فضائل الأشهر الثلاثة، ص 228-229.