محاور الموضوع ألرئيسة:
1- التفقّه تعلّم الدين.
2- أفضل العبادة.
3- الخير الذي يحبّه الله.
4- لا تكونوا كجفاة الجاهلية.
5- جوامع المطلب.
الهدف:
التعريف بقيمة "التفقّه في الدين"، وأين هو موضعهما من شخصية المؤمن وحقيقة العمل الصالح، وآثار ذلك على صحة العمل وعدم صحته.
تصدير الموضوع:
عن الكاظم عليه السلام: "تفقّهوا في دين الله فإنّ الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة والرُّتب الجليلة في الدين والدنيا، وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقّه في دينه لم يرضَ الله له عملاً" .1
التفقّه تعلَّم الدّين:
التفقّه الوارد في آية ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ﴾ .2
والفقه هو "العلم في الدين والتفقّه هو تعلم الفقه" .3
فيكون معنى التفقه دائراً بين "تعلّم أحكام الشريعة، وبين تعلّم الدين" ومسائله وما يتعلّق به. ومما يشير إلى هذا المعنى قول الإمام الصادق عليه السلام: "سارعوا إلى طلب العلم، فوالذي نفسي بيده، لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه من صادق، خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة" .4
أفضل العبادة:
إنّ طلب العلم فريضة يتعبّد المسلمون بها ويطيعونه في السعي في سبيلها، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اطلبوا العلم ولو بالصين، فإنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم" .5
ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطبها من على منبر مسجد الكوفة: "أيها الناس اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به، وإنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال" .6
والتفقّه في الدنيا هو أوجب من غيره من العلوم التي يحتاج إليها في المعاش وفي تطوير وسائل الحياة. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما عُبد الله تعالى بشيء أفضل من الفقه في الدين" .7
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ لكل شيء دعامة، ودعامة هذا الدين الفقه" .8
الخير الذي يحبّه الله:
إنّ الله إنما يحبّ عباده جميعاً، ويرحم جميع مخلوقيه ولكن قد نجد أنّ هناك نعمةً خاصة يحبو الله تعالى بها بعض عباده دون سواهم، وهذا- دون شك- توفيق منه سبحانه.
وفي هذا المجال، يمكن أن نفهم ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، فقّهه في الدين، وزهّده في الدنيا، وبصّره عيوبه" .9
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، فقّهه في الدين، وألهمه اليقين" .10
لا تكونوا كجفاة الجاهلية:
إنّ ترك التفقّه في الدين يؤدي بالمرء إلى التغرّب عن الأحكام الشرعية، وبالتالي، إلى تحكيم المزاج والأهواء في تطبيق الدين- بل في فهم الدين، وهذا يفسح في المجال أمام الأعراف والعصبيات والمصالح والاستحسانات، في سبيل فهم الدين وتطبيقه، وبالمحصِّلة، يدفع إلى الاقتلاع عن الأصول وتنكّب طريق الدين القويم والصراط المستقيم، وإلى اتباع طريق الجاهلية.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ليتأسَّ صغيركم بكبيركم، وليرأف كبيركم بصغيركم، ولا تكونوا كجفاة الجاهلية: لا في الدين يتفقّهون، ولا عن الله يعقلون" .11
وقد ذمّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من لا يخصّص وقتاً لتعلّم أحكام الشريعة والتفقّه في الدين.
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أفٍّ لكل مسلم لا يجعل في كلّ جمعة يوماً يتفقّه فيه أمر دينه، ويسأل عن دينه" .12
قال العلامة المجلسي تعقيباً على الحديث: "المراد بالجمعة الأسبوع، تسميةً الكل باسم الجزء" .13
أي يجعل في كل أسبوع يوماً ليتعلّم فيه أحكام دينه ومسائله. وإلا تحوّل إلى الجاهلية وضلالتها، بعد أن حباه الله بنعمة الإيمان، وهداه ظلال رحمته.
وقال الشهيد الثاني: "إنّ مجرّد تعلّم هذه المسائل المدوّنة ليس هو الفقه عند الله تعالى، وإنما الفقه عند الله تعالى بإدراك جلاله وعظمته، وهو الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع، ويحمل على التقوى ومعرفة الصفات المخوفة فيجتنبها والمحمودة فيرتكبها..." .14
وهذا يدل على أمرين:
1- أنّ الفقه لا يقتصر على تعلّم الأحكام الشرعية، بل هو تعلّم كل مسائل الدين، وفي مقدمتها العقيدة الحقّة والخصال الحميدة.
2- أنه ليس فقط تعلّم الأحكام والمسائل، إنما لا بدّ من تطبيقها أيضاً.
حيث يصدّق الأمرين ما ورد عن أبي عبد الله عليه السلام: "لا يقبل الله عملاً إلا بمعرفة، ولا يقبل المعرفة إلا بعمل، فمن عرف دلّته معرفته على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إن الإيمان بعضه من بعض" .15
1- بحار الأنوار، ج78، ص321، ح19.
2- التوبة، 122. معناه «طلب التخصص بالعلم بأحكام الشريعة» المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني.
3- ترتيب كتاب العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي، ج3، مادة فقه، ص1410.
4- المحاسن للبرقي، ج1، ص356، ومشكاة الأنوار في غرر الأخبار للطبرسي، ص236.
5- روضة الواعظين للفتال النيسابوري، ص11 ومشكاة الأنوار، ص239، وبحار الأنوار للعلامة المجلسي، ج1، ص180، ح64.
6- الكافي للكليني، ج1، ص30، ح4؛ وتحف العقول لابن شعبة الحرّاني، ص199.
7- كنز العمال للمتقي الهندي، ح28752.
8- كنز العمال، ح 28768.
9- كنز العمال، ح 28689.
10- غرر الحكم ودرر الكلم للقاضي الآمدي، الحكمة 4133.
11- نهج البلاغة، الخطبة 166.
12- بحار الأنوار، ج1، ص176، ح44.
13- نفس المصدر.
14- كتاب «منية المريد في أدب المفيد والمستفيد للشهيد الثاني، ص157.
15- المحاسن للبرقي، ج1، ص315، ح623؛ والكافي، ج1، ص44، ح2.