محاور الموضوع ألرئيسة:
1 ـ المصيبة الخالدة.
2 ـ كيف استقبل الأئمة محرم؟
3 ـ كيف ينبغي أن نستقبل محرم؟
الهدف:
بيان الحالة التي ينبغي أن يقف عليها الموالي مستقبلاً غُرَّة شهر محرم، والحالة التي ينبغي أن يُسبغ بها مجتمع المؤمنين.
تصدير الموضوع:
عن الرضا عليه السلام: "على مثلِ الحسِينِ فليبكِ الباكونَ، فإنّ البكاء عليه يحطُّ الذنوبَ العظام".1
ـ المصيبة الخالدة:
لقد تجرّع سادة الخلق غصص المصائب، وتعرَّضوا للمظالم العظيمة التي يئنّ تحت وطأتها الشعور الإنساني النبيل، ويندى لها جبين الإنسانية الحقّة، وتُستصرخ الضمائر الحيّة على امتداد الزمان والمكان.
لكن المصيبة التي أبكت السماوات والأرضين، بكل أفلاكها وأجرامها، ووهادها وأكماتها، والتي أحرقت قلوب كل ذوي المشاعر الحيّة، والضمائر الوامضة، وأرّقت العيون المبصرة، وأدمت القلوب النابضة، هي مصيبة قتل أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، واستفاض في الرواية: أنّ "لقتل الحسين حرارةً في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً"، ولقد بكاه الأنبياء والأوصياء والملائكة أجمعون (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
ـ كيف استقبل الأئمة محرم؟
إنّ شهر محرّم هو شهر الحزن والأسى، وهو شهر الفجيعة العظمى والمصيبة الكبرى، فلا ينبغي إغفال حقيقة أنّه شهر يسيطر فيه الأسى والجوى على أهل بيت النبوة والعصمة (صلوات الله عليهم أجمعين). فلا نغفل عن أنّ شيعتهم يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم.
وقد أكدّت الروايات أنهم عليهم السلام، لم يكن دخول محرّم عليهم يأتي كبقيّة الأشهر، بل كانوا يتعمّمون بالحزن وبالسواد.
فقد ورد في الحديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام أنه قال: كان أبي ـ موسى بن جعفر عليهما السلام ـ إذا دخل محرّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي منه عشرة أيام. فإذا كان اليوم العاشر منه، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه. ويقول: "هو اليوم الذي قُتل فيه جدي الحسين".2
وحُكي عن دعبل الخزاعي أنه قال: "دخلت على سيّدي ومولاي علي بن موسى عليهما السلام بمرو في أيام عشرة محرّم، فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب، وأصحابه جلوس حوله: فلّما رآني مقبلاً. قال لي: مرحباً بك يا دعبل. مرحباً بناصرنا بيده ولسانه، ثم إنه وسّع لي في مجلسه، وأجلسني إلى جانبه، ثم قال: يا دعبل، أحبّ أن تنشدني شعراً، فإنّ هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيام سرور كانت على أعدائنا...".3
ـ كيف ينبغي لنا أن نستقبل محرم؟
ينبغي لنا أنْ ندرك أنّ محرّم هو شهر التحفّز والنهوض، شهر القيام والثورة، فيجب أنْ نوطّن أنفسنا على الروحية الحسينية، التي تقود باتجاه رفض الظلم والإباء، والعطاء والإيثار، وعقد البيعة لأئمة الحق والتبرّؤ من الظلم ومن أهله وأئمّته. ويجب المبادرة إلى القيام بالخطوات التالية:
1 ـ إعداد المجالس الحسينية:
التي يتم فيها ذكر مصيبة الحسين عليهما السلام، واستدرار الدمعة، واستدعاء الأحزان، وتهييج القلوب. فعن الصادق عليهما السلام: "ما من مؤمن ذكرنا أو ذُكرنا عنده، يخرج من عينيه ماء، ولو مثل جناح بعوضة، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة، وجعل ذلك الدمع حجاباً بينه وبين النار".4 ويقول الإمام الخميني {: "إنّ هذه المجالس هي التي أبقت الشعوب حيّة، وينبغي أن تزداد هذه المجالس في أيام عاشوراء تنمو وتنتشر".5
2 ـ تعميم السواد:
من خلال اللباس، وتعليق القماش على الشرفات، وفي الساحات والأماكن العامة، ومفترقات الطرق، بحيث يظهر المشهد العام مختلفاً، باعثاً على السؤال والاستفهام لمن لا يعرف السبب، ودافعاً إلى الانخراط في مسيرة الحزن والأسى على سيد شباب أهل الجنة عليهما السلام. وذلك كله تأسّياً بنساء بني هاشم، حيث روي عن عمر بن الإمام السجاد عليهما السلام أنه قال: "لمّا قُتل الحسين بن علي عليهما السلام، لبست نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكُنّ لا يشتكين من حرّ ولا برد".6
3 ـ تجنّب إظهار الفرح والسرور:
وذلك من لوازم التأسي بالعترة الطاهرة. ونعم ما قال الشاعر السيد جعفر الحلّي:
كم يا هلال محرم تشجينا***ما زال قوسك نبله يرمينا
كل المصائب قد تهون سوى***التي تركت فؤاد محمدٍ محزونا
يوم به ازدلفت طغاة أميّة***كي تشفينّ من الحسين ضغونا
1- الأمالي للشيخ الصدوق، ص191.
2- كتاب الأمالي للشيخ الصدوق، ج2، ص111.
3- الشيخ محمد باقر المجلسي، في كتاب "بحار الأنوار"، ج45، ص257.
4- "الغدير" للعلامة الأميني، ج1، ص202.
5- قيام عاشوراء، ص102.
6- محاسن البرقي، ج2، ص420.