محاور الموضوع ألرئيسة:
أعظم ظلم.
الظالم لا يخاف الله.
عاقبة الظلم في الدنيا.
عاقبة الظلم في الآخرة.
عاقبة ظالمي آل البيت عليهم السلام
الهدف:
بيان مظلومية أهل البيت وسوء عواقب الظلم في الدنيا والآخرة لا سيّما عاقبة قتلة الإمام الحسين عليه السلام.
تصدير الموضوع:
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.1
مقدمة:
أعظم ظلم:
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد".
لقد عبَّر أمير المؤمنين بأوجز عبارة عن حقيقةٍ قرآنية وهي أن الإنسان في هذه الدنيا عامل، وثمرة عمله تظهر في الآخرة.
فما يفعله الإنسان حَسَناً كان أو سيئاً كان زاده الذي يرافقه في الآخرة، وإن أسوأَ ما يمكن أن يحمله الإنسان وينقله من الدنيا الفانية إلى الحياة الأبدية الباقية ليكون مُخَّلداً معه هو الظلم لا سيّما ظلم العباد. وهو من الظلم الذي لا يُترك كما ورد عنه عليه السلام: "ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلمٌ لا يُغفر، وظلمٌ لا يُترك وظلمٌ مغفور... وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً".
وإذا حاولنا أن نستعرض المسيرة البشرية لا نجد ظلماً أفحش ولا أعظم من ما حدث في كربلاء يوم العاشر من المحرم سنة 61هـ.
فهناك كانت أعظم الجرائم وأقبحها ليس فقط لأنها لم تترك وحشية إلا اقترفتها من قتلٍ وتقطيع أوصالٍ، وسبيٍّ، وتعرّضٍ للنساء والأطفال بالقتل، وبما هو أفظع أحياناً من القتل. بل لأنه كان ظلماً لا نبالغ إذا ما قلنا أنه طال كلّ موجود من أقدسهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليها السلام إلى كل عالم الوجود من أهل السموات والأرض وهذا ربما ما تشير إليه عبارات الزيارات لا سيما زيارة عاشوراء.
إضافة إلى أنه مصداق الحديث الشريف الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يقول الله اشتد غضبي على ظلم من لا يجد ناصراً غيري".
ولقد كان الحسين عليه السلام وركبه في تلك الواقعة وفي تلك البقعة بلا ناصر أمام الحشد الهائل لجند الظالم.
وقد أظهر الإمام الحسين عليه السلام ذلك باستدعائه الناصر بقوله: "هل من ناصر ينصرنا".
الظالم لا يخاف الله:
إنّ للظلم أسباباً كثيرة ترجع في أغلبها إلى أمور منها أولاً: حب الدنيا ومناصبها وجاهها وسلطانها فملك الري دعا اللعين ابن سعد أن يقود الجيش الذي ارتكب الفظائع بحق أهل بيت الطهر والنبوة عليهم السلام والأمر الآخر هو عدم الشعور بالرقابة الإلهية وكذلك عدم الإيمان بالآخرة وعلى الأقل التشكيك بها فمن يؤمن بالله واليوم الآخر ويشعر بانّ الله حاضر وناظرٌ مراقب لا يجرؤ على أن يظلم. وبالتالي فمن لا يؤمن بذلك لن يخاف من الله ليكون الخوف رادعاً له عن الظلم فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "من خاف ربه كفّ ظلمه".
وكيف يجرؤ على الظلم من وصله قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "بين الجنة والعبد سبع عقاب (عقبات) أهونها الموت" قال أنس: قلت يا رسول الله فما أصعبها؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الوقوف بين يدي الله عزَّ وجلَّ إذا تعلق المظلومون بالظالمين".2
عاقبة الظلم في الدنيا:
قد يظن بعض الظلمة أن نتائج ظلمهم وعقوبتهم عليه مؤخرة إلى يوم القيامة وهذا ما قد يغريهم بالإستمرار فيه والاستبداد أكثر إلا أن هذا ليس حقيقة لأن الله وعَدَ بكتابه أن يدافع عن المؤمنين والمظلومين ولا يرضى بالظلم، ولذا فهو يؤدب الظالم في الدنيا وإن أمهله فهو تعالى وحاشا له أن يُهمِله ولذا فإن هناك آثاراً كثيرة وعواقب للظلم في الدنيا نذكر منها:
1- أعمار الظالمين قصار: عن الإمام علي عليه السلام: "من جَارَ قُصم عمره".
2- زوال النعمة: أو بمعنى آخر تعريض الملك للزوال: عن الإمام علي عليه السلام: "بالظلم تزول النعم" أو ما ورد بأن الحكم مع الكفر يبقى ومع الظلم لا يبقى.
3- استجابة دعاء المظلوم بحق الظالم: عن الإمام علي عليه السلام: "... فإن الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد". وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً فإنه ليس دونه حجاب".
4- تعجيل النقمة: وعنه عليه السلام: "ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم".
عاقبة الظلم في الآخرة:
يقول الإمام علي عليه السلام: "ظلامة المظلومين يُمهلها الله ولا يَهملها" فالظلم غير متروك والظالم غير مُهمل وقد سبق فيما مرَّ من الروايات أن من عواقب الظلم هو تشديد الحساب، وفي ساحة المحشر وأمام الخلق جميعاً حيث يترك للمظلومين أن يمسكوا برقاب ظالميهم ليسوقوهم إلى الحساب وليقتصوا منهم. وحينها كيف ستكون ساحة المحشر وكيف سيكون يوم القيامة بالنسبة للظالمين وما هي هيئتهم وكيف يشعرون.
1- الندم والحسرة: قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا﴾3 وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الظلم ندامة".
2- العذاب الأليم: ويقول عزَّ من قائل: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾.4
3- السقوط عن الصراط: عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ قال عليه السلام: قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة.
4- ظلمات: ورد عن رسول الله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "... وإياكم والظلم فإن الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة...". والظلمات يوم القيامة قد تكون العمى كما في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيل﴾. وقد تكون بمعنى التقلب في ألوان المهانة والعذاب والشدائد.
5- عقوبة الظالم أشد من الظلم: عن الإمام علي عليه السلام: "يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم". لأن المظلومية تذهب بذهاب الألم الناتج عنها وعلى الأكثر بالموت بينما الإقتصاص من الظالم في الدار الآخرة يكون بعذاب أشد وأبقى وأدوم ولذا قال الإمام علي عليه السلام: "إياك والظلم فإنه يزول عمن تظلمه ويبقى عليك".
6- الله خصم الظالم: عن الإمام علي عليه السلام: "من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده".
عاقبة ظالمي أهل البيت عليهم السلام في الدنيا:
لقد ذكرت الروايات أن الإمام الحسين عليه السلام وكذلك غيره من أصحابه وكذلك أخته العقيلة زينب عليها السلام قد صدر منهم ما يلفت إلى عواقب القتلة والمجرمين.
فقد أخبر الإمام الحسين عليه السلام ابن سعد أنه لن يكون له ملك الري وقد حصل ذلك وأنه سيذبح على فراشه وقد حصل ذلك على يدي المختار الثقفي الذي قتل أيضاً قتلة الإمام الحسين من ابن زياد إلى حرملة إلى شبث بن ربعي إلى آخرين.
وقد أخبرت زينب عليها السلام الطاغية في مجلسه بزوال ملكه وملك آل أبي سفيان عما قريب وعدم حصول مبتغاهم حيث أطلقت صرختها للتاريخ: "كد كيدك واسع سعيك وناصب جَهدك فوالله لن تُميت وحينا، ولن تمحو ذكرنا..." وهكذا كان فبعد ما لا يزيد على سنوات ثلاث هلك يزيد وانتقل ملك آل أبي سفيان إلى آل مروان. وها هو ذكر آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يملأ المحافل وينير الآفاق ويجلو الظلمة عن الأبصار والبصائر وفعلاً، "كذب الزمان فالحسين مخلد".
1- سورة الشعراء، الآية: 227.
2- كنز العمال.
3- سورة الفرقان، الآية: 27.
4- سورة الزخرف، الآية: 65.