محاور الموضوع ألرئيسة:
1- إدخال السرور أحب الأعمال
2- معنى السرور
3- آثار وثواب إدخال السرور
4- وسائل إدخال السرور
5- شكراً للشهداء والمجاهدين
الهدف:
بيان ثواب وفضل إدخال السرور على المؤمنين والحثّ عليه من خلال بيان ثوابه وأثره. والإلفات إلى الشهداء والمجاهدين.
تصدير الموضوع:
عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: "تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذى عنه حسنة، وما عُبد الله بشيء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن"1.
مقدمة:
إدخال السرور أحب الأعمال:
من الأخلاق العملية ومفردات السلوك الإيماني، التي حثّ عليها الإسلام، وأوصت بها تعاليمه عبر العديد من الروايات المنقولة عن النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم إدخال السرور على قلب المؤمن.
ذلك أن الإنسان المؤمن لا يقتصر في علاقته مع أخوته أبناء مجتمع الإسلام على نشر العقائد والعلوم، وبثّ القيم، وفعل الخيرات، بل إنَّ له تكاليف لها علاقة بالجوانب النفسية لأبناء مجتمعه منها ما يتعلق بمعالجة الحالات النفسية السيئة فردية أو عامة. ومنها ما له علاقة بإحلال المشاعر، والحالات الإيجابية والتي قد تكون بنفسها طاردة للحالات المبغوضة من جهة وحالّة محلّها كحالة وشعور إيجابي كإدخال السرور والفرح، التي تطرد حالات الحزن والأسى والكآبة وقد تكون وسيلتها وواسطة إحلالها مؤدية لدور اجتماعي آخر كقضاء الحاجات مثلاً.
فما أجمل أن يكون الأخ المؤمن عاملاً ومتحرّياً عما يُفرح أخاه المؤمن ويسرّه.
فهذا بحد ذاته سلوك إنساني في مرتبة عالية من الرقي والنبل ودعوة الإسلام إلى هذا الخُلُق هو تربية إيمانية ولذا ورد عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي بن الحسين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ أحبّ الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمنين"2.
ولذا فإنَّ على المؤمن أن يعتبر إدخال السرور على قلوب المؤمنين لا سيّما أصحاب القلوب المنكسرة والحزينة توفيقاً إلهياً عليه أن لا يكفّ عن شكر الله تعالى عليه.
معنى السرور:
السرور من السرّ وهو الضم والجمع لما تشتت، وكأنّ الإنسان وخصوصاً المؤمن إذا أصيب بأمر ما، كأن تلمّ به حاجة، أو فقر، أو دين أو تعرض لشدة في معيشة، أو نزلت به نازلة، أو لحقه ضرر ما في نفسه أو ماله أو عياله، وأثرت به فقد تشتت أمره وتفرّق تحت ضغط ما أصابه... فإذا سعيت في رفع ما نزل به من شدة وقضيت ما عرض له من حاجة، وسدّدت ما حلّ به من فقر، فقد جمعتَ عليه ما تشتّت من أمره، وضممت ما تَفرّق من سرّه، ففرح بعدهمّ، واستبشر بعد غمٍّ، وهذا الفرح يسمى سروراً3.
آثار وثواب إدخال السرور على المؤمن:
عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من سرَّ مؤمناً فقد سرَّني ومن سرَّني فقد سرَّ الله"4.
فهذه الرواية تفيد أنَّ إدخال السرور له من البركات المطلقة ما يجعله يصل إلى الله ماراً عبر قلوب أوليائه المقربين محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآله الطاهرين وفي ذلك ورد أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام قوله: "لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سروراً أنه عليه أدخله فقط بل والله علينا بل والله على رسول الله "5.
وهل من مؤمن حق الإيمان لا يحب ولا يرغب في ادخال السرور على الله ونبيه وأهل بيته. ولنا أن نتفكر ونتأمل ونتصور ما هو المقابل لإيصال هذا السرور إلى المقام الإلهي. فكل ما يمكن أن يوصف من الآثار والثواب هو من المصاديق وليس تمام الأثر والثواب.
فمن هذه الآثار في الدنيا:
1- رد النوائب: عن الإمام علي عليه السلام: "... فو الذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة، جرى إليها كالماء في انحداره حتى يردها عنه، كما تطرد غريبة الإبل"6.
فكأن إدخال السرور يتحول بلسماً يداوي الإنسان من آثار المصائب والنوائب، ولنا أن نعتبر ذلك طمأنينة وسكينة ينزلها الله على قلب من سر مؤمناً.
2- الأمن يوم القيامة: فعن النبي : "من أدخل على مؤمن فرحاً فقد أدخل عليَّ فرحاً، ومن أدخل عليَّ فرحاً فقد اتخذ عند الله عهداً، ومن اتخذ عند الله عهداً جاء من الآمنين يوم القيامة"7.
3 ـ الأنس يوم القيامة وتيسير الحساب: عن سدير الصيرفي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في حديث طويل: "إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدم أمامه، كلما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويأمر به إلى الجنة..."8.
4- مقام خاص في الجنة لمن فرَّح يتيماً: وقد وضح ذلك من الرواية السابقة لكن إضافة إلى ذلك فإن هناك مقاماً خاصاً في الجنة هو فقط لمن أدخل السرور على قلوب يتامى المؤمنين فقد جاء في كنز العمال عن النبي أنه قال: "إنَّ في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرّح يتامى المؤمنين".
5- السرور من الله: عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "أيّما مسلم لقي مسلماً فسرَّه سرَّه الله عز وجل"9.
6- حكام الجنة: فعن عبيد الله بن الوليد الوصافي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "إنَّ فيما ناجى الله عز وجل به موسى عليه السلام قال: إنَّ لي عباداً أبيحهم جنتي وأحكمّهم فيها". قال: يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتك وتحكِّمهم فيها؟ قال: من أدخل على مؤمن سروراً..."10. فأبيحهم جنتي معناها جعلت الجنة مباحة لهم ليتبوؤا منها حيث يشاؤون، والمراد من أحكِّمهم فيها، جعل الحكم فيها إليهم ولعل ذلك إشارة إلى إعطائهم الشفاعة فيشفعون لمن يشاؤون ويدخلونه الجنة.
وسائل إدخال السرور:
إنَّ هناك أساليب مختلفة لإدخال السرور إلى قلوب المؤمنين تختلف باختلاف الأسباب ونذكر منها:
1- التبسم في وجهه: فعن النبي : "إلقَ أخاك بوجه منبسط"11.
2- الكلمة الطيبة: وقد جاء ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْن﴾12. وقد جاء ذلك أيضاً في الحديث المعروف، الكلمة الطيبة صدقة.
3- إشباع المؤمن وقضاء الدين: عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: "إنُّ أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن: شبعة مسلم أو قضاء دينه"13. ويمكن أن نعمم ذلك لكل نوع من أنواع قضاء الحوائج وليس ذكر إشباع البطن وقضاء الدين إلا من قبيل ذكر المصداق.
4- كشف الكرب وإزالة الحزن: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله : "أحب الأعمال إلى الله السرور الذي تدخله على المؤمن تطرد جوعته، أو تكشف كربته"14. ومعنى كشف الكربة وتنفيسها، إزالتها والكربة بالضَّمّ الحزن يأخذ بالنفس وجمعه كرُبَ.
5- حمايته: قال رسول الله : "من حمى مؤمناً من ظالم بعث الله ملكاً يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم".
خاتمة: شكراً للشهداء والمجاهدين:
كل ما ذكر آنفاً هو من مصاديق إدخال السرور إلى قلب المؤمن ولنا أن نضيف إليها أمثالها مثل المواساة في المصائب، وإعانته ونصرته. وإن من أفضل أنواع إدخال السرور ما كان أثره عاماً، يدخل على قلوب أكبر عدد ممكن من المؤمنين. ومنها ومن أبرزها فعل ما به الانتصار على الأعداء لأنه مما تحبه النفوس المؤمنة، وأخرى تحبونها "نصر من الله" فإذا وصل إلى النفوس ما تحبه فرحت.
كما في سورة الروم: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ﴾. ولذا فإنَّ أهم من يدخل السرور على قلوب الأمة وقلوب الأئمة لا سيما صاحب العصر والزمان|هم الشهداء والمجاهدون ولذا فإن لهم علينا حقاً أن نديم شكرهم بدوام ذكرهم وحفظ إرثهم.
والحمد لله ربِّ العالمين.
1- شرح أصول الكافي، المازندراني ج9، ص71.
2- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص71 و72.
3- راجع شرح أصول الكافي، للمازندراني، ج9، ص71.
4- المصدر نفسه.
5- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص73.
6- بحار الأنوار، ج74.
7- نفسه.
8- شرح أصول الكافي المازندراني، ج9، ص73 و74.
9- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص76.
10- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص71.
11- بحار الأنوار، ج74.
12- سورة البقرة، الآية: 83.
13- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص73.
14- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج9، ص75.