بسم الله الرحمن الرحيم
هناك عوامل عديدة تمنع الناس من التفكر، مجموع هذه العوامل أو بعض منها، أو حتى
واحد فقط، قد يعيق تفكر الإنسان ويمنعه من إدراك الحقائق. لذلك يجب عليه أن يحدد
العوامل التي تؤثر فيه سلباً ليتخلص منها، وإلا فإنّه لن يستطيع أن يرى الوجه
الحقيقي لهذه الحياة الدنيا، فيخسر خسراناً مبيناً في الآخرة. وفيما يلي بعض
العوامل التي تمنع الناس من التفكر:
1- اتباع الأكثرية يؤدي إلى الجمود العقلي: اعتقاد الناس أن ما تفعله الأكثرية
بينهم هو الصحيح، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الضلال. فالإنسان عادة يفضل قَبول
ما تعلمه من الناس من حوله على البحث عن الحقيقة عبر التفكر، ويرى أنّ الأشياء التي
تبدو غريبة للوهلة الأولى، يعتبرها الناس عادية لدرجة أنهم لا يتنبهون إليها، لذلك
فإنّه بعد فترة يبدأ بالاعتياد عليها. مثال على ذلك: كثير من الناس حولنا لا يسلّم
بأننا سنموت في يوم من الأيام، حتى أنهم لا يسمحون لأحد بالتحدث عن هذا الموضوع كي
لا يذكرهم بالموت.
2- التكاسل الذهني: التكاسل هو العامل الذي يمنع أغلبية الناس عن التفكر، وبسبب
التكاسل الذهني يقوم الناس بأعمالهم بالطريقة التي تعوّدوا أن يروها دائماً دون
تغيير. ولإعطاء مثال من خضم حياتنا اليومية، فإن ربات البيوت ينظفن بيوتهنّ بنفس
الطريقة التي شاهدن والداتهنّ يقمن بها، وهنّ بشكل عام لا يتساءلن كيف يمكن إنجاز
الأعمال بشكل أفضل وطريقة عملية أكثر، والأمر نفسه بالنسبة إلى الرجال، فلو احتاج
شيء ما إلى إصلاح فإنّهم يصلحونه بنفس الطريقة التي تعلموها منذ طفولتهم، ومعظمهم
يرغب عن تطبيق أسلوب عملي جديد أكثر فاعلية.
3- كثرة التفكير مضرّة! هناك قناعة سائدة في المجتمعات أنّ التفكير العميق مضر!
فتجد الناس يحذر بعضهم بعضاً بالقول: «لا تفكر كثيراً، وإلا فقدت صوابك»! وهذه
بالطبع ليست صحيحة. ليس على الناس أن يتجنبوا التفكير ولكن عليهم أن يتجنبوا
السلبية أو الانجراف في الوسوسة المبالغ فيها وسوء الفهم.
4- تفادي المسؤولية التي تترتب على التفكر: يظن معظم الناس أن بإمكانهم التملص من
مختلف المسؤوليات عبر تفادي التفكر وتشغيل ذهنهم بقضايا معينة، وهم يحسبون أنهم إن
فعلوا ذلك فسوف ينجحون بإبعاد أنفسهم عن كثير من الموضوعات. فواحدة من الطرق التي
تخدع الناس تكمن في افتراضهم أن بإمكانهم التهرب من مسؤولياتهم تجاه ربهم عبر عدم
التفكر، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الناس لا يتفكرون بالموت والبعث من بعده.
5- عدم التفكر بسبب الانجراف في تيار الحياة اليومية: غالبية الناس يقضون حياتهم
كلها في «عجلة»، فعندما يصلون إلى سن معينة يتوجب عليهم العمل والاعتناء بأنفسهم
وبأسرهم، ويسمون ما يفعلونه: «كفاحاً من أجل الحياة» ويشكون من عدم وجود وقت لديهم
ليفعلوا أي شيء، إذ عليهم أن يندفعوا في سبيل كفاحهم هذا. وعلى كل حال يجب ألا يكون
هدف الإنسان تبديد الوقت بالاستعجال من مكان إلى آخر.
6- النظر إلى كل شيء بعين العادة، وبالتالي عدم رؤية أيّة حاجة للتفكر فيها: عندما
يصادف الناس أموراً معينة للمرة الأولى قد يفهمون طبيعتها الاستثنائية مما قد
يحفزهم على التحري أكثر عما يرونه، وبعد فترة تنشأ لديهم مقاومة إعتيادية لهذه
الأشياء فلا تعود تؤثر بهم. وبالتحديد فإنّ الأشياء والأحداث التي يلاقونها كل يوم
تصبح عادية بالنسبة لهم. فعلى سبيل المثال، قد يتأثر من يدرس الطب تأثراً بالغاً
عندما يرى جثة للمرة الأولى، أو في المرة الأولى التي يموت فيها أحد مرضاه، مما
يجعلهم يتأملون ملياً.
* الوفاق - بتصرّف