بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
يعتقد البعض أن تدريس الأحكام للناشئة بالطرق المتبعة يؤدي إلى كسل وتعب المستمعين، لذلك قد يتساءل الكثير من الحوزويين الذين يدرسون الأحكام: ما هي الطرق والأساليب التي يجب اعتمادها لنجعل تعليم الأحكام جذاباً؟
في الجواب يجب القول: يجب الالتفات إلى بعض الأمور عند تعليم الأحكام:
1 ـ المواد التعليمية.
2 ـ إمكانات ووسائل التعليم.
3 ـ أصول التعليم (تشتمل على 30 أصلاً تعليمياً).
4 ـ أساليب التعليم (تشتمل على 9 أساليب).
5 ـ القوالب التعليمية (تشتمل على 8 قوالب).
في بعض الأوقات نغفل نحن مدرسو الأحكام عن النقاط الثلاث الأخيرة، ولا نوليها الأهمية المطلوبة مع العلم أن:"عالم التعليم المعاصر هو عالم الأصول، والأساليب والقوالب التعليمية" ولعل الجذابية والموفقية التي يحظى بها التعليم عند غير المسلمون، أنهم قد تقدموا خطوات كبيرة فيما يتعلق بالنقاط الثلاث المذكورة.
بناءً على ما تقديم سنتحدث حول "أصول تعليم الأحكام" بهدف الارتقاء بتعليم الأحكام من الناحيتين الكمية والكيفية، ونوكل الأمور الأخرى إلى فرصة أخرى.
الأصل الأول: ايجاد الدافع:
لعل من أهم أصول تعليم الأحكام، إيجاد الدافع والرغبة عند المخاطب.
قد يفتقد بعض المشاركين في جلسات الأحكام الدافع أو أنهم يمتلكون دافعاً ضعيفاً. لذلك يجب أن يعمل مدرس الأحكام ومن الجلسة الأولى على ايجاد الدافع والرغبة لديهم بحيث يجعلهم يتعطشون للدرس. وهنا لا بد من الحديث عن طرق لايجاد الدافع والرغبة.
طريق ايجاد الدافع:
ألف: توضيح ما يجهله المستمعون ولكنهم يدّعون معرفته:
من جملة الأمور التي تؤدي إلى ايجاد الدافع والرغبة توضيح "مسائل" موجودة في الأحكام الإسلامية لا يعلمها أغلب المستمعين ولكنهم يدعون المعرفة بها.
وهنا حديث مفصل وطويل.
ـ المسألة الأولى:
نقرأ في رسائل توضيح المسائل مضمون أحد شروط صحة الوضوء التالي:
"يجب أن يقوم الشخص عند الوضوء بغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والقدمين ويبطل الوضوء إذ تولى شخص ثانٍ مساعدة الأول" 1.
يظن البعض عند قراءة هذه المسألة بطلان أن يقوم شخص بصب الماء للمتوضئ. واتفق المراجع على عدم بطلان هذه المساعدة، بل اعتبروها عملاً مكروهاً. فالغسل والمسح يقوم بهما الشخص المتوضأ بنفسه وليس المساعد.
نعم إذا قام المساعد بغسل وجه المتوضأ ويديه ومسح رأسه وقدميه من غير اضطرار عند ذلك يبطل الوضوء2.
ـ المسألة الثانية:
قد يقول البعض ببطلان وضوء النساء إذا حصل أمام غير المحرم وفي بعض الأماكن الأخرى كمحطات القطار أو في الطريق؟ والواقع ان أغلب المراجع يفتون بصحته. نعم إذا قامت المرأة بالوضوء أمام غير المحرم بحيث ظهر شيء من شعرها أو يديها... فقد ارتكبت عملاً حراماً لعدم رعايتها الحجاب الشرعي ومع ذلك فوضوءها صحيح 3.
ـ المسألة الثالثة:
أجاز بعض المراجع العظام كالإمام الخميني (قدس سره) أن يجري الوضوء الاضطراري طبق عشر حالات:
1 ـ باليد اليمنى.
2 ، باليد اليسرى.
3 ـ من الأعلى إلى الأسفل.
4 ـ من الأسفل إلى الأعلى.
5 ـ بباطن اليد.
6 ـ بظاهر اليد.
7 ـ من خلال الساعد إلى المفصل.
8 ـ بشكل طولي وعمودي.
9 ـ بشكل عرضي وأفقي.
10 ـ بشكل ملتوٍ (العمودي والأفقي معاً) 4.
ـ المسألة الرابعة:
يظن البعض أن الوضوء يصبح باطلاً إذا اتصل كفّ اليد عند المسح بالرطوبة الموجودة على الجبهة. ويوضح المراجع أن للمسألة وجهين:
1 ـ إذا حصل مسح القدم بنفس اليد التي وصلت رطوبة الجبهة إليها، عند ذلك يبطل الوضوء.
2 ـ وأما إذا تم مسح القدم بجزء من اليد ولم يصل إليه رطوبة الجبهة عند ذلك يكون الوضوء صحيحاً. مثلاً عند مسح الرأس قد تكون رطوبة الجبهة قد وصلت إلى الكف ولم تصل إلى الأصابع. في هذه الحالة يمكن مسح القدم بالأصابع 5.
ـ المسألة الخامسة:
يجيز بعض المراجع كالإمام الخميني قراءة الدعاء في الصلاة بغير اللغة العربية (الفارسية، التركية والانجليزية) وكذلك قراءة الأبيات الشعرية التي تمتلك حالة الدعاء. وعلى هذا الأساس بناءً على فتوى بعض المراجع وليس جميعهم يمكن للمصلي أن يقرأ في الصلاة:
إلهي عبدك العاصي أتاكا مقراً بالذنوب وقد دعاكا
ـ المسألة السادسة:
إذا أردنا الحصول على كامل ثواب الأعمال المستحبة، فيجب الاتيان بها كما أراد الشارع المقدس طبق ما ذكر مراجع التقليد. ومن جملة الأعمال المستحبة رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام والتكبيرات ما بين الصلاة6.
يعتقد بعض المراجع أمثال الإمام الخميني (قدس سره) باستحباب رفع اليدين عند التكبير إلى مستوى الوجه أو الأذنين بحيث يبدأ التكبير مع بداية رفع اليدين وينتهي عند وصولهما إلى محاذاة الأذنين 7.
الأفضل أن لا يرجع الكفان إلى وراء الأذنين، وكذلك يفضل أن تبقى الأصابع متصلة ببعضها متوجه نحو القبلة 8.
ـ المسألة السابعة:
نقرأ في رسائل توضيح المسائل ما مضمونه: يجب على المصلي أن يضع رأس الاصبع الأكبر من القدمين على الأرض. وتبطل الصلاة إذا وضع أصابعه الأخرى على الأرض 9.
يظن البعض أثناء قراءة هذه المسألة أن وضع أصابع القدمين والاصبع الأكبر يبطل الصلاة، بل المقصود منها أن الصلاة تبطل إذا لم يضع المصلي الاصبع الأكبر في القدمين على الأرض بل اكتفى بوضع الأصابع الأخرى. وهذه الحالة لا تقع للمصلي إلا في حالات نادرة 10.
ـ المسألة الثامنة:
يقوم بعض المصلين بالأخص النساء وبعد انتهاء القنوات بمسح الوجه باليدين. ويعتقد المراجع العظام أن هذا العمل مكروه في الصلاة سواء كانت واجبة أم مستحبة ويعتقد بعض المراجع بكراهته في الصلاة الواجبة فقط. فأكد الجميع على أن ترك هذا العمل فيه ثواب 11.
ـ المسألة التاسعة:
يقول بعض المراجع: يجب أن يكون بدن المصلي هادئاً ثابتاً عند الأذكار سواء المستحبة أو الواجبة إلا عند قول: بحول الله... بحيث لو تلفظ بالذكر في غير تلك الحالة عند الهبوط للركوع أو السجود (عند حالة حركة البدن) فعليه اعادة الصلاة. أما إذا أتى بالأذكار بقصد أن ذكر الله حسن على كل حال، فإن صلاته صحيحة حتى لو كان بدنه في حال الحركة12.
ـ المسألة العاشرة:
إذا سألنا الناس: ماذا يفعل المصلي إذا قام طفلٌ بانتزاع السجدة من أمامه أو قذفها أحدهم بعيداً عند مروره؟ يجيب البعض بأن على المصلي أن يسجد على ظهر يده أو على الأظافر بالأخص الأكبر. بينما يؤكد المراجع العظام ومن جملتهم الإمام الخميني قدس سره على ضرورة اتباع الخطوات التالية:
أولاً: إذا كان الشخص يمتلك شيئاً يصح السجود عليه كالورق... فعليه السجود عليه.
ثانياً: إذا كان المصلي لا يمتلك شيئاً يسجد عليه، وكان وقت الصلاة ضيقاً، عليه أن يقطع صلاته ويُحْضر ما يصح السجود عليه.
ثالثاً: إذا كان وقت الصلاة ضيقاً إلى مستوى لا يتسع لاحضار شيء للسجود، يمكنه السجود على لباسه إذا كان من القطن أو الكتان.
رابعاً: إذا لم يكن لباسه من القطن والكتان يمكنه السجود عليه كيفما كان.
خامساً: إذا لم يكن بالامكان السجود على اللباس يمكنه السجود على ظاهر كف اليد.
سادساً: إذا لم يمكن ذلك يمكنه السجود على أي شيء من المعادن كالخواتيم...
طبعاً يجب التذكير بأنه إذا كان الوقت متسعاً للصلاة وكان ما يصح السجود عليه قريباً من الشخص بحيث تتطلب حركة صغيرة للإتيان بها، عليه التحرك نحوها مراعياً جهة القبلة ومن دون التلفظ بالأذكار...13
وفي النهاية أود التذكير بأن على المكلف في المسائل الشرعية العودة إلى المرجع الذي يقلده والعمل بفتواه.
مهدي فاطمي
1-توضيح المسائل للمراجع، جمع السيد محمد حسن بني هاشمي الخميني، مجلدان، الطبعة الأولى، قم، مركز النشر الإسلامي، 1376هـ.ش، ج1، ص167، الشرط الحادي عشر.
2- مقتبس من: العروة الوثقى، آية الله العظمة السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، تصحيح السيد هدايت الله مسترحمي، مجلدان، الطبعة الثانية، طهران، المكتبة العلمية الإسلامية، 1399هـ.ش، ج1، ص234، التاسع.
3-المصدر نفسه، ص241، المسألة 30.
4- المصدر نفسه، ص209، المسألة 24 وما قبلها.
5-مكتب الإمام الخميني (قده سره)، قسم الاستفتاءات.
6- مقتبس من العروة الوثقى، ج1، ص699، المسألة 2 و3.
7- توضيح المسائل للمراجع، مصدر سابق، ج1، ص506، المسألة 955.
8- تحرير الوسيلة، الإمام الخميني، مجلدان، الطبعة الثانية، قم، مؤسسة إسماعيليان للطباعة، ج1، ص162، المسألة 4.
9- توضيح المسائل للمراجع، ج1، ص543، المسألة 1062.
10-المصدر نفسه.
11- العروة الوثقى، ج1، ص701، المسألة 11.
12- توضيح المسائل للمراجع، ج1، ص509، المسألة 965 و966.
13- المصدر نفسه، ص554، المسألة 1087 وص509، المسألة 965.