بسم الله الرحمن الرحيم
فيما روي عن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله أنه قال: "العلماء كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر"1.
صحيح أن هذه هذه الرواية أول ما يتبادر منها هو أن هناك أركاناً ثلاثة للعمل والخلف والمعتقد هي: العلم والعمل والإخلاص. وقد صرحت الرواية بضرورة القرن بينها: كما أن الواضح هو أن قطب الرحى فيها هو الإخلاص.
ولكن أن تكون الرواية في الكلام متوجهة إلى العلماء بشكل أخص هذا هو الملفت للنظر.
إذ أن كل عامل يحتاج في عمله إلى الإخلاص حيث لا يؤثر ولا يثمر أي عمل ما لم ينقّ من شوائب النوايا والأغراض ويُِصَفَّ من النوازع والميول الشخصية كما جاء عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "إذا عملت فاعمل لله خالصاً لأنه لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان خالصاً"2.
لكن الرواية تؤكد أن على العلماء أن يلتفتوا إلى أنهم على خطر لا ينجيهم منه إلا العمل والإخلاص، ولا يكفي العلم وحده ليكون ضمانة وأماناً من الأخطار... بل قد يكون الإغترار بالعلم والمقام العلمي وحسن ظن الناس بمرتدي زي العلماء أحد الأمور التي تبعث على الغفلة والاغترار بل والتي تجعل الدواعي الذاتية والغرائزية تتسلل إلى النوايا مموهة بألف تبرير وتبرير.
ولذا فإن تخليص النوايا من الشوائب والدواعي النفسية أهم مهامنا تجاه أنفسنا وتجاه خالقنا، وصحيح أنه عمل من أصعب الأعمال كما جاء عن الإمام علي عليه السلام:"تصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد"3.
فإن كان أحدنا يجد ويجتهد لأجل النجاح في عمله وليرى ثمرته في دار الدنيا وهو أمر ممدوح محمود إلا أنه عليه أن يجتهد أكثر ويجدّ أكثر ليرى ثمار ذلك العمل في الآخرة.
1-تنبيه الخواطر، ص 385.
2 - بحار الأنوار، ج 77، ص 103.
3 - بحار الأنوار، ج 77، ص 288.