يُروى أن زينبَ بنت الإمام علي عليه
السلام سمعت يزيد ينشد أشعاراً منها:
ليتَ أشياخي ببدر شَهِدوا***جزعَ الخزرج من وقَعِ الأَسَل
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً***ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشَلّ
لَعِبت هاشمٌ بالملك فلا***خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزل
وحيث إن هذه الأبيات مع سخرية يزيد بكل شيءٍ تمثل تكلماً صريحاً بالكفر، وانكاراً
بالنّص للرسول والرسالة والوحي.
قامت بنت علي عليه السلام خطيبة فحمدت الله تعالى وصلّت وسلّمت على النبي صلى الله
عليه وآله وسلم ثم قالت: صدق الله، كذلك يقول:
﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ
أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون﴾1.
لا شك ولا ريب أن زينب عليها السلام تلفتنا إلى أن يزيد (لعنه الله) هو مصداق من
مصاديق المسيئين الذين تكون عاقبة اساءتهم أن يخرجوا من الدين، ومعنى ذلك إن الذنب
له آثار مختلفة على الإنسان قد يصل إلى مستوى النيل من مرتكزات الإنسان الإيمانية
والعقائدية، حيث يسلب الإنسان أولاً اليقين ليحل محله الشك ثم يتدرج المرض فكلما
أوغل في الذنب أكثر استفحل المرض أكثر إلى أن تنزع شجرة الإيمان من أرض القلب ليحل
محلها الكفر، والتكذيب بالآيات الإلهية، بل قد يصل إلى مستوى الإستهزاء بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلم والأئمة والسخرية كما جاء في الأبيات التي تمثل بها يزيد.
وثمة إشارة أخرى هي أن السوء الذي قد يصل إلى هذا المستوى هو البغي والظلم.
ولعلنا نستطيع أن نقول إنه من خلال ما نراه في حياتنا ونصادفه في أيامنا، وفي
جولاتنا في صفحات تاريخ كثير من الذين انقلبوا بعد إيمانهم كافرين ومكذبين بآيات
الله نجد أن الكثير منهم لم يكونوا هكذا في بدايات حياتهم أو بعض مراحلها، بل ربما
كان لدى الكثيرين منهم شيء من نور الإيمان، لكن ريحاً ما هبت على هذا النور فأطفأته
وتركت تلك القلوب مظلمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
1- سورة الروم، الآية: 10.