موقع العمل إلى جانب الفكر
تظهر القيمة الحقيقية والعينية للفكر والتأمل والتدّبر إذا كان ذلك يؤدي إلى العمل والسعي وبذل المجهود وإلا فالفكر الخالي من العمل، فاقد للقيمة الواقعية. الفكر المطلوب والمؤثّر هو الذي ينتهي بالعمل الصالح. يقول الإمام الصادق عليه السلام: "التفكر يدعو إلى البرّ والعمل به"1.
ونقرأ في الأحاديث الإسلامية تعريف العقل: "العقل ما عُبد به الرحمان واكتسب به الجنان"2.
ويؤكد الإمام الحسن العسكري عليه السلام على أهمية العمل إلى جانب الفكر: "لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض"3 . ويبين الإمام عليه السلام جزئيات العمل والسلوك الحسن حيث يمكن أن يحصل الأمر عبر طرق عدة:
1- توضيح الصفات السلوكية للشيعة
يعرض الإمام عليه السلام في هذا القسم بعض الأوصاف العملية والسلوكية التي تبين علاقة الإنسان مع خالقه ومجتمعه وعائلته ونفسه حيث يظهر من خلالها أهمية العمل إلى جانب الفكر. يقول مخاطباً شيعته: "أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحُسن الجوار"، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "صلُّوا في عشايرهم ،واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدَّى الأمانة وحسُنَ خلقه مع الناس؛ قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك"4 . ويقول الإمام عليه السلام: "المؤمن بركةٌ على المؤمن وحجة على الكافر"5.
2- تبيين من هو الأفضل ومن هو الأسوأ
يقول الإمام العسكري عليه السلام: "أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهاداً من ترك الذنوب"6.
ويقول أيضاً: "بئس العباد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً ويأكله غائباً، أن أُعطى حسده وأن ابتلى خانه"7.
3- الثناء على بعض السلوكيات
يقول الإمام عليه السلام مثنياً على بعض الأعمال: "خصلتان ليس فوقهما شيء! الإيمان بالله ونفع الإخوان"8 .
ويقول عليه السلام حول التواضع: "التواضع نعمة لا يحسد عليها"9. ويقول في مكان آخر: "من التواضع السلام على كل من تمر به والجلوس دون شرف المجلس"10 .
4- ذم بعض الأعمال
عند تقييم الأعمال يجب التمييز بين السلوك اللائق من غير اللائق. ومن هذا المنطلق نجد الإمام العسكري عليه السلام يتحدث حول بعض الأعمال اللائقة ويظهر تنفره وذمه للأعمال غير اللائقة. يقول: "ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون"11. ويقول أيضاً: "ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تُذله"12. ومن أبرز السلوكيات التي توصل الإنسان إلى القبائح، الغضب: "الغضب مفتاح كل شر".
*مجلة مبلغان
1- وسائل الشيعة، ج11، ص153؛ مجموعة ورام، ج2، ص327.
2- المصدر نفسه، ص161، وأصول الكافي، ج1، ص11.
3- تحف العقول، ص519، الحديث 22.
4- المصدر نفسه، ص518، الحديث 12؛ وسائل الشيعة، ج8، ص389، الحديث 2.
5- المصدر نفسه، ص519، الحديث 20.
6- المصدر نفسه، ص519، الحديث 18، الأنوار البهية، ص318.
7- تحف العقول، ص518، الحديث 14.
8- المصدر نفسه، ص520، الحديث 26.
9- المصدر نفسه، ص520، الحديث 31.
10- المصدر نفسه، ص517، الحديث 9.
11- المصدر نفسه، ص520، الحديث 28، ومنتهى الآمال، ج2، ص273، الحديث 6.
12- المصدر نفسه، ص520، الحديث 35.