إنّ ايصال ايّ رسالة إلى أصحابها تحتاج إلى أداة ووسيلة. والرسالة الالهية بما أنها
غاية مقدّسة فتحتاج إلى ادوات مقدّسة؛ فلابدّ من استخدام الادوات الحديثة المشروعة
لكي تؤثر الدعوة اثرها المطلوب مثل استعمال مكبّر الصوت وما إلى ذلك وترك استخدام
الأدوات غير المشروعة. تنقسم ادوات التبليغ بلحاظات مختلفة إلى اقسام فنذكر هنا
أهمها :
1- المنبر وهو يعتبر من أهم وسائل التبليغ وذلك لجلوس الخطيب عليه حين القاء
خطبته ليراه الجمهور. وقد حافظ على مكانته المرموقة على الرغم من تطوّر وسائل
التبليغ. والمنبر بشكل عام يشمل الخطابة، التبليغ، المجالس الحسينية، مجالس التأبين
و...امّا المقصود من المنبر بشكله الخاص وهو الذي نريد البحث عنه هو المنبر الذي
يستخدم للمجالس الحسينية ووعظ النّاس. لذا فانّ مثل هذه المنابر يجب ان تستخدم بشكل
صحيح. ولايتصور عمل افضل منه وأشرف. لذا يجب ان لايرتقي المنبر الاّ الاعلم. لأنه
مكان مقدّس له منزلة رفيعة في قلوب الناس. وقد اختصّت هذه السنة بشيعة علي أمير
المؤمنين (عليه السلام). والمنبر سبب لارتقاء علم المستمع وحلّ الشبهات والاسئلة
التي ربّما تطرأ في ذهنه.
ولاريب انّ طرح المسائل والموضوعات الهامشية الفاقدة لعنصر البرهان والاستدلال سيما
في واقعة الطفّ الدامية من الأمور التي يجب الاحتراز عنها على المنبر. قال الامام
الصادق (عليه السلام): «انّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبياً الاّ بصدق الحديث وأداء
الأمانة إلى البرّ والفاجر »
يجب على الخطيب ان لايتغنّى بالصوت في المجالس الحسينية وأن يراعي روحية الناس كي
لاتستغرق المجالس وقتاً طويلاً تسفر عن الملل والتضجر وان لايشير إلى ما فيه وهن
بشخصية المعصوم (عليه السلام) بل يجب ان يأخذ هذه النقطة الهامّة بنظر الاعتبار كي
لايلبَس الفرو قَلباً ولا يفهَم الاسلام عكساً!!
يجب ان يراعي حين اعتلائه المنبر ان لايروّج الباطل، ولايبذر فيهم بذر الشتات
والفساد، وان لايستخفّ بالذنب وان لايفسّر الايات والروايات بالرأي وان لايدخل في
بحث لا يجيده.
2- الصف: تشكيل الصفوف التعليمية تعتبر من اروع وسائل التبليغ بالاخص
للناشئين الذين لم يعتادوا المشاركة في المجالس العامة ولم يأنسوا استماع
المحاضرات.
3- الرحلة: في هذه الرحلات الجماعية التي تقام بهدف ترسيخ العقائد وما جاء
به الاسلام من اخلاق عالية ترصد جميع حركات المبلّغ وسكناته من قبل الطلاّب ليأخذوا
منها الدروس، فعليه أن يبدي اخلاقاً راقية باعماله وبكلامه لينفذ إلى قلوب طلاّبه
ويترك أثراً فيها لا تتركه سائر الوسائل التبليغية.
يمكن ان تطبع بطابع ثاني كمشاهدة الاثار التاريخية وأخذ العبرة كما يحثّ القران
الكريم ويقول:
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ".
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ
يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
او بصورة جولة علمية يتعرّف فيها على عظمة الكون والخلق ونري فيها آثار العلوم وما
اثبته.
4- الندوات: بما انّ العالم الاسلامي اليوم يواجه هجمات ثقافية من إثارة
الشبهات الاعتقادية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، فإنّ انعقاد هذه المؤتمرات
التي تطرح فيها الاسئلة وتسمع فيها الاجوبة يمكن أن تجدي في صدّ هذه التيارات
الجارفة وتنقذ المجتمع من الاضمحلال والانحطاط.
5- وسائل الاعلام العامة: نعني بذلك كما هو واضح الاذاعة والتلفزه والسينما،
والصحف والمجلات. هذه الادوات تعتبر آليات مهمّة في الدعوة فهي التي تأخذ بيد
المجتمع من الشقاء إلى السعادة، ان هي سخرت للدعوة إلى الحق وتأخذ بيده من السعادة
إلى الشقاء، ان هي سخرت للدعوة إلى الباطل.
المراكز الاعلامية العالمية كشبكة المعلومات (الانترنيت) الذي اصبح من السهل بمكان
ان يرسل عبرها رسالة إلى جميع انحاء العالم. لابدّ من المساهمة فيها مساهمة فعّالة
لايصال مذهبنا والدعوة اليه؛ ولايمكننا ان نغفل او نتغافل عن هذه الادوات المهمّة
لخدمة مصالحهم وبثّ افكارهم المسمومة واهدافهم الشيطانية.
والذب عن حوزة الدين رهن استخدام هذه المراكز بنحو أفضل ولو اعرضنا عنها فسوف تفضي
إلى تبعات خطيرة من هدم الدين وبواره وكل ما يمت اليه بصلة بحيث لايبقي منه إلا
رسمه. "انا لله وانا اليه راجعون".
6- الرياضة: كلنا نعلم ان الشباب له شغف بالرياضة ويحبّها حبّاً جمّاً،
فيمكن للداعي الواعي أن يشكّل فرق رياضية منتمية إلى المساجد تحضرها وتسندها ائمة
الجماعات، وان ينظم المبلّغ والداعي مسابقات بين الفرق ليبثّ في اوقات الاستراحة
تعاليمه الاسلامية بالاخص هذه الفكرة وهي تقوية الروح والجسم، ناصحاً الشباب ان
يواسبوا على نفوسهم مثلما يواظبوا على اجسامهم بل يعطوا النفوس اهتماماً أكثر.
7- الفن: الفن هو البيان بذوق مناسب والفنان هو الّذي يعبّر عن احساسيه
ومدركاته وضميره بانسجام واتساق. والفن ادق وسيلة لبيان الافكار والمقاصد، وبالفن
تخلد الافكار وتصان من الاندثار.
فالفن للانسان ضرورة بها يعبّر عن مكنونات ضميره وعن اعماق قلبه وبالفن تمد العلائق
الروحية مع الآخرين والفن بما انه يتلاءم مع طبيعة الانسان واحاسيسه يترك أثراً
خاصاً على النفس يجعلها تنفعل به، ويبرز هذا الانفعال من خلال تأثّر المشاعر
والأحاسيس.
وبما انّ شأن مبلغي الدّين مع الارواح والقلوب كشأن الفنّ معها، فيعتبر الفن اذن من
اروع الوسائل لانتقال المفاهيم والمعارف الدينية. إلاّ انه وللأسف الشديد اتخذ الفن
وسيلة من قبل خبثاء الانفس لانحراف الآخرين. فعلى المبلّغين أن لا يغفلوا عن هذه
الأداة ولايتركو الساحة لأعداء الدين.
8- الكتابة والقلم، القلم لأهميته البالغة وقع قَسَماً لله سبحانه وتعالي.
ولايقسم العظيم الاّ بالعظيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ن وَالْقَلَمِ
وَمَا يَسْطُرُونَ".
كما انّ الروايات التي ورد فيها القلم وتثني عليه ليست بقليلة، القلم هو الذي حفظ
لنا التاريخ، وحفظ لنا ما جري على
الماضين. القلم هو الذي حفظ لنا العلم. هو الذي ربّي لنا المضحّين والشهداء، هو
الذي شجّع المقاتلين ليسلكوا طريق ذات الشوكة وطريق الشهادة.
قال رسول الله صلی الله عليه وآله: "اذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء
الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء".
ولعلّ للخصائص الموجودة في القلم صار اوّل مخلوق في الكون. قال الصادق عليه السلام:
"ان اوّل ما خلق الله القلم".
9- الفصاحة والبلاغة: الفصاحة والبلاغة وان لم تعتبر اداة عامة للتبليغ الاّ
انها من الادوات الناجحة وهي بالحقيقة والواقع فنّ خاصّ يضفي على الكلام جمالية
خاصة. والكلام الجميل، هو اداة حسنة للابلاغ وللنفوذ في داخل قلوب الاخرين والهيمنة
عليهم وتأثير القرآن هو من هذا الجانب:
"اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ
مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ
وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ
يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.
كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام) أروع مثال للفصاحة والبلاغة هذه
خطبة همام الجميلة والبليغة الذي تركت اثراً خاصاً في قلب همام حيث نشق نشيقاً كان
فيه حتفه.
تأمّلوا لحظات في الصحيفة السجّادية فستجدون هذا الواقع يملأ كيانكم: اللهمّ صلّ
على محمّد وآل محمّد واجعل اوسع رزقك عليّ اذا كبرت، وأقوى قوتك فيّ اذا نصبت، ولا
تبتلني بالكسل عن عبادتك ولا العمى عن سبيلك، ولا بالتعرض لخلاف محبتك، ولا مجامعة
من تفرّق عنك، ولا مفارقة من اجتمع اليك. اللهمّ خذ لنفسك من نفسي ما يخلّصها، وابق
لنفسي من نفسي ما يصلحها، فانّ نفسي هالكة او تعصمها.
10- الحكمة والموعظة والجدل:
اشار الله سبحانه وتعالى إليهم في قرآنه الكريم:
"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ
عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
ذكر كلمة الرّب مقارنة للدعوة (ادع) في الآية الكريمة دليل على ان التربية لا تتم
الاّ بهذه الوسائل الثلاثة.
الحكمة يعني الكلام المتقن غير قابل للاشكال، العلم اليقيني والعقل الخالص. الدعوة
بواسطة الحكمة، التي هي برهان ودليل عقلي وعلمي محض يختصّ بالّذين لهم هذه
القابلية.
الموعظة الحسنة، هي النصيحة الرائعة التي تقبل اليها القلوب. لأنها تتمّ بواسطة
التمثيل والقصة والحكاية. فكل شيء يرقق القلب ثمّ يهديه إلى الحق، يعتبر موعظة
حسنة.
وجادلهم بالتي هي احسن: إذا كان خصمك لايريد الحق بل هو في مقام المجادلة والاشكال
فقط، أنت ايضاً جادله مجادلة حسنة، بحيث لاتخرج عن الحق والحقيقة، فالمهمّ كشف
الحقائق واثباتها وهذا ممّا يحتم به علينا العقل والشرع. نستطيع القول بانّ الحكمة
والموعظة والجدل كالفصاحة والبلاغة والشعر من آلات التبليغ المعنوية لا الآلات
المادية.
المعارض الثقافية:
المعرض تختلف مستوياته فيمكن ان يكون على مستوى كبير كالمعارض العالمية ويمكن ان
يكون دون ذلك كمعرض المحافظة اوعلى مستوى صغيرٍ جدّاً كمعرض المدينة او القرية او
المحلّة والمنطقة.ففي معرض المحلّة تعرض آثار سكنة المحلّة في جامعهم ويكن هذا
العمل منا اهتماماً بالثقافة وتشجيعا للآخرين لخلق الآثار ولتنمية قابلياتهم والصحف
الجدارية، خلاصة الجرائد، حديث الاسبوع، اخبار المحلّة وغيرها تعتبر عملاً ثقافياً
مفيداً.