شروط الخطيب السياسي:
1)الدقة في اختيار الموضوع: القضايا السياسية كما تعلم على انواع مختلفة, لذا يجدر
بالخطيب ان لا يطرح كل مسألة سياسية في كل مكان وزمان ولا بدّ له من ملاحظة الزمان
والمكان في إلقائها وايرادها فمثلاً عندما غُصبت الخلافة من امير المؤمنين عليه
السلام بما ان الرأي العالم انذاك لم يكن مستعداً لسماع كلامه عليه السلام لذلك
التزم السكوت الا انه عندما رأى ابا سفيان وغيره يريدون بث الفتنة اورد خطبة لفقع
عين الفتنة فقال:" ايها الناس شُقوا امواج الفتن بسفن الجاه وعرجوا عن طريق
المنافرة" وبعد ان لبى النبي(ص) دعوة ربه وبعد انقضاء حادثة السقيفة اتى العباس بن
عبد المطلب وابو سفيان الى امير المؤمنين عليه السلام وعرضا عليه البيعة ونظرا لعلم
الامام بسوء نوايا ابي سفيان قال:"
أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ - وعَرِّجُوا
عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ - وضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ - أَفْلَحَ مَنْ
نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ - هَذَا مَاءٌ آجِنٌ ولُقْمَةٌ
يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا - ومُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا -
كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِه .
فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ - وإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ
مِنَ الْمَوْتِ - هَيْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي - واللَّه لَابْنُ أَبِي
طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ - مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّه - بَلِ انْدَمَجْتُ
عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِه لَاضْطَرَبْتُمْ - اضْطِرَابَ الأَرْشِيَةِ
فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ
2)على الخطيب السياسي ان يكون خبيراً في اقناع السامع بحيث يسدّ عليه طريق الاشكال
والمحاجة
3)يجب ان يكون حاضر الذهن سريع الانتقال مقتدرا على ارتجال الخطابة مهيئاً لأجوبة
الأسئلة المفاجئة التي تطرح جلال كلامه وان يكون دقيقاً في الجواب وان يجيب بعدة
اجوبة مقنعة.
4)ان يكون مؤمناً بكلامه بحيث لا يخلو من الحرارة العاطفية لكي ينفذ كلامه الى قلب
السامع ويؤثر تأثيراً خاصا فيه.
5)ان يكون متمتعاً بالمنطق والاستدلال لكي يجيب جازماً وان يجتنب التهم للأحزاب
والفرق السياسية.
شروط الخطبة السياسية:
أ-الاعتماد على الخيال والمشاعر: بما ان الخطيب السياسي يحتاج الى تبرير
الاعمال واقناع الناس او تهييج المشاعر لذا يجب عليه ان يكون متمتعاً بالخيال
الواسع والشعور المرهف الجياش ليحرك مشاعر المخاطبين لاحياء الآمال وابهار القلوب..
ب-التنوع: الخطيب السياسي لا بدّ له من ان
يراعي مقتضى الحال والزمان والمكان لهذا يلزم عليه ان يستفيد من اساليب واطوار
مختلفة فتارة يتكلم بحرارة وحماس واخرى بهدوء .كلامه في بعض الاحيان يجب ان يكون
صريحاً واضحاً وفي حين اخر مُبهماً ومجملاً وعليه ان يتكلم احياناً بجدية واخرى
بمزاج وضحك والتنوع هو افضل طريقة يراعي فيها الخطيب مشاعر خصومه اذ لا يجدر به ان
يثير غضبهم ونقمتهم حيث يتمكن من خلال ذلك الى الوصول لهدفه وغايته المرسلة.
ج-الاعتماد على القانون : اذا اعتمد الخطيب
السياسي في خطبته غلى القانون وعلى عظماء الشعب كان كلامه مقبولًا لدى الناس لذا
يجدر به ان يعتمد على الاستدلال المنطقي واراء العظماء من بلده وشعبه.
د-الاعتماد على المقدسات: كل مجتمع تُنزه
وتُقدّس فيه بعض الأشياء فاذا لم يكن في المجتمع دين وإيمان تكون هذه المقدسات
ركيزة مهمة لخلق الملاحم التأريخية الكبيرة مثلاً: يستفيد الخطيب من الشعور الديني
في المجتمع الديني ومن الضمائر العفيفة الطاهرة في المجتمع اللاديني لينبّه
الغافلين وليجذب قلوب الملايين من الناس في مسيرته قال الامام علي عليه السلام:
"ذِمَّتِي بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ * ( وأَنَا بِه زَعِيمٌ ) * - إِنَّ مَنْ
صَرَّحَتْ لَه الْعِبَرُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْه مِنَ الْمَثُلَاتِ - حَجَزَتْه
التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ - أَلَا وإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ
كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللَّه نَبِيَّه - ( ص ) والَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ
لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً - ولَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً ولَتُسَاطُنَّ سَوْطَ
الْقِدْرِ - حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ -
ولَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا - ولَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ
كَانُوا سَبَقُوا - واللَّه مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً ولَا كَذَبْتُ كِذْبَةً -
ولَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وهَذَا الْيَوْمِ - أَلَا وإِنَّ الْخَطَايَا
خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا - وخُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ
بِهِمْ فِي النَّارِ - أَلَا وإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَيْهَا
أَهْلُهَا -وأُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ - حَقٌّ وبَاطِلٌ
ولِكُلٍّ أَهْلٌ - فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ - ولَئِنْ قَلَّ
الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا ولَعَلَّ ولَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ..."