التبليغ في العهد الذي لا يحكم فيه الإسلام يتفاوت إلى حدٍّ بعيد عن التبليغ في عهد حاكميّة الإسلام؛ ففي عهد حاكميّة الإسلام يمكن أن يكون أيّ جانب من جوانب الدين في موقعه المناسب، وهو يقع تبليغاً من خلال أيّ جزء من المجموع الذي تستلزمه إدارة حياة الناس، بينما يختلف الحال في الظروف التي لا يحكم فيها الإسلام، إذ تكون الأجزاء منفصلةً عن بعضها وغير متكاملة، ولا يربط في ما بينها رابط. فرضاً، لو أراد أحدٌ التحدّثَ عن الأحكام الفقهيّة في عهد حاكميّة الإسلام، فبإمكانه تصنيفها من حيث البحث والدراسة إلى طائفتين: إحداهما طائفة الأحكام الفقهيّة الخاصّة بالفرد، وأخرى قد يبحث المرءُ في الحكم الفقهيّ نفسه بما يمثّله من فرع صغير أو كبير في كيفيّة إدارة المجتمع، هذان الموضوعان يختلفان عن بعضهما، بل ويختلف الحكم المستنبَط في المورد في الصورتين، حتّى في موضوع كالطهارة والنجاسة، باعتبارهما جزءاً من مجموعة النظم التي تدير الفرد والمجتمع في ظلّ حاكميّة الإسلام، وقد تُعرَض تارةً أخرى بعيداً عن النظام الشامل المجموعيّ للإسلام، وكحكمٍ لشخص واحد فقط.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 25 ذي الحجة 1417هـ.)