بسم الله الرحمن الرحيم
حديث السهرة: حق المسلم على المسلم
تصدير الموضوع:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، و(المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلمٍ كربة، فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة).
إن دين الإسلام الحنيف الذي عنى بمصالح البشر ومتطلبات معاشهم ومعادهم قد أوجب على بعضهم البعض حقوقاً، فبالأخذ بهذه الحقوق والتأدب بها يسود بين المؤمنين الوئام والتآخي والتعافي والإيثار؛ استجابةً لنداء رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ما حق المسلم على المسلم؟
سئل الامام الصادق عليه السلام مِن أحدُ أصحابه - المعلى بن خنيس - عن حقوق الإخوان، فقال أبو عبد الله: له سبع حقوق وواجبات، ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئاً خرج من ولاية الله وطاعته، ولم يكن لله فيه نصيب.
قلت جعلت فداك، وما هي؟
قال: يا معلى إني عليك شفيق، أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل.
قلت: لا قوة إلا بالله.
وحينئذ ذكر الإمام السبعة بعد أن قال عن الأول منها: (أيسر حق منها أن تحب له كما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك).
والحقوق السبعة التي أوضحها الإمام عليه السلام هي:
ـ أن تحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك.
ـ أن تجتنب سخطه، وتتبع مرضاته، وتطيع أمره.
ـ تعينه بنفسك، ومالك، ولسنانك، ويدك، ورجلك.
ـ أن تكون عينه، ودليله، ومرآته.
ـ أن لا تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ، ولا تلبس ويعرى.
ـ أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم، فواجب أن تبعث خادمك، فتغسل ثيابه، وتصنع طعامه، وتمهد فراشه.
ـ أن تبر قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإذا علمت له حاجة تبادره إلى قضائها، ولا تلجئه أن يسألكها، ولكن تبادره مبادرة.
ثم ختم عليه السلام كلامه بقوله: (فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك).
حقوق المسلم على المسلم:
1 ـ ستر المسلم:
في حديث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
- "يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته".
- "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"..
2 ـ صون عرض المسلم:
فى الحديث:
- "من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته".
- "ساب المؤمن كالمشرف على الهلكة".
- "ليس المؤمن بالطّعان ولا اللّعان ولا الفاحش ولا البذيء".
- "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه".
- "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمّنه الناس على دمائهم وأموالهم".
- "كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".
- "المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله.
3 ـ النصيحة حق المسلم على أخيه:
عدّ رسول الله صلى الله عليه وآله بذل النصيحة للمسلمين من أعظم الحقوق حيث قال: "حق المسلم على المسلم ست" وذكر منها: "وإذ استنصحك فانصح له". وقال: "وإذا استشار أحدكم أخاه فلينصحه". وقد ضاعف الله أجر الناصح الأمين الذي يرجو بنصيحته خير المسلمين: "و" عُرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد، وعفيف متعفف، وعبد أحسن عبادة الله ونصح لمواليه".
4 ـ نصرته في مواطن الظلم: قال عليه السلام: (أنصر أخاك ظالماً، أو مظلوماً) إن كان مظلوماً فانصره، وإن كان ظالماً فاحجزه واردعه عن الظلم، وانصح لأخيك المسلم إذا استنصح منك، نفِّس عنه كرب الدنيا، ويسّر عليه عند إعساره.
5 ـ إدخال السرور على المسلم والسعى فى قضاء حاجته:
فى الحديث:
- "أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه خبزاً".
- "من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه ديناً تقضي له حاجة تنفس له كربة".
- "أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً ومن كفّ غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام...
6 ـ الحقوق الخمسة:
يقول صلى الله عليه وآله: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتسميت العاطس)..
أ ـ رد السلام:
لقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله برد السلام؛ لما في السلام من الألفة وحصول المحبة، فقال: (والذي نفسي بيده! لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم فإذا لقي بعضكم بعضاً، فليسلم عليه، وخيركم الذي يبدأ بالسلام.
ب ـ عيادة المريض:
وكذلك من حق المسلم على أخيه المسلم: عيادته إذا مرض، له في هذه الزيارة خيرٌ كثير، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل: يا رسول الله! وما خرفة الجنة؟ قال: جناها) وأيضاً ورد: (ما من مسلمٍ يعود مسلماً غدوةً إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريفٌ في الجنة).
ج ـ إتباع الجنازة:
كذلك من حق المسلم على أخيه المسلم: اتباع جنازته ففي الوصية النبوية لحق المسلم؛ قال الرسول صلى الله عليه وآله:
(من شهد الجنازة حتى يُصلّى عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن، فله قيراطان، قيل: وما القيراط يا رسول الله؟ قال: مثل الجبلين العظيمين).
مجلة المحراب