الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1398- 17رجب 1441هـ - الموافق 12آذار 2020م
الصحّة الجسديّة، نعمة ومسؤوليّة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



محاور الخطبة
- نعمة الصحّة
- الدعاء بحفظ الصحّة
- كيف اهتمّ الإسلام بالصحّة؟
-الدعوة إلى الطهارة والنظافة
- الدعوة إلى الاهتمام بالتغذية
- الدعوة إلى عدم إرهاق الجسد

مطلع الخطبة
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾[1].

نعمة الصحّة
أيّها الأحبّة،
قد أفاض الله -تعالى- على عباده نعماً لا تُعدّ ولا تُحصى، وأجزل عليهم كثيراً من العطايا التي يستطيعون من خلالها أن يعيشوا في هذه الحياة الدنيا في رغد وعافية.

ومن تلك النعم العظيمة، نعمة الصحّة في الجسد، التي لا يدرك عظمتها في كثير من الأحيان إلّا من افتقدها، وأصابته الأسقام والأمراض، وإنّ هذا في الواقع ينشأ من الغفلة عن كرم الله وَجوده في ما ينعمه علينا -سبحانه-، بل ربّما يكون كفراناً بنعم الله، ما لو استقللنا أهمّيّته وضيّعنا ما بين أيدينا بالتقصير والتعدّي.

عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «من أصبح وأمسى معافىً في بدنه، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فإن كانت عنده الرابعة، فقد تمّت عليه النعمة في الدّنيا والآخرة، وهو الإيمان»[2].

وليست الصحّة البدنيّة والجسديّة إلّا طريقاً للعبور إلى أفق أخرى، يحتاجها الإنسان في هذه الحياة، لكي يقوى على مواجهة تحدّياتها، ويستطيع التقدّم في مسيرها.

بل إنّها مدعاة للتنعّم بملذّات هذه الدنيا التي أباحها الله لعباده، من مأكل ومشرب وملبس وغيرها الكثير، وأذن لهم بالترفّه بها، فعن الإمام عليّ (عليه السلام): «بالصحّة تُستكمل اللّذّة»[3].

وإنّ تجربة الناس خير دليل على ما قاله أمير المؤمنين أيضاً: «أَلاَ وإِنَّ مِنَ الْبَلاَءِ الفاقة، وَأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَن»[4].

نعم، إنّها كذلك، ذلك أنّ المرء مهما تنعّم بالمال وزخارف الدنيا، إلّا أنّه لا يقدّم شيئاً على صحّته، حتّى ترى أصحاب المال، إذا ما مرضوا، فإنّهم يدفعون ما يملكونه كلّه إزاء شفائهم.

الدعاء بحفظ الصحّة
ولأنّ عافية البدن أمر ضروريّ ومهمّ، فقد كانت محطّ اهتمام النبيّ وآله في أدعيتهم، فقد كانوا يحثّون الناس على الدعاء بين يدي الله للعافية من الأمراض والأسقام. ورد أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ الأكرم، فقال: يا رسول الله، علّمني أفضل دعاء أدعو به، قال: «اطلب من الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة». وجاء في اليوم الثاني، فقال: يا رسول الله، علّمني أفضل دعاء، فقال له نفس الدعاء، وجاء في اليوم الثالث أيضاً بنفس الطلب، وفي اليوم الرابع قال له: «تسأل ربّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، فإنّك إذا أُعطِيتهما في الدنيا، ثمّ أُعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت»[5].

وعن الإمام عليّ (عليه السلام): «ما المبتلى الذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء»[6].

ومن هنا لا بدّ من أن نتنبّه بأنّ الدعاء للشفاء وحفظ النفس لهو أمر مطلوب؛ ذلك أنّ كلّ شيء بيد الله، وأنّ الله على كلّ شيء قدير، هو الذي يبرئ الأكمه ويشفي المرضى ويحيي الموتى -سبحانه-.

كيف اهتمّ الإسلام بالصحّة؟
لو نظرنا في التراث الإسلاميّ، من كتاب وسنّة مطهّرة، بما فيهما من أحكام وإرشادات، لوجدنا أنّ هناك منظومةً متكاملةً في حفظ الصحّة والاهتمام بها، وقد تبلورت هذه الأحكام والإرشادات ضمن النقاط الآتية:

أوّلاً: الدعوة إلى الطهارة والنظافة
إنّ أحكام الطهارة في الفقه الإسلاميّ واضحة وجليّة، ويكاد ليس هناك أحد من المسلمين إلّا ويهتمّ بهذا الجانب؛ لما له من ارتباط بعباداته وواجباته الشرعيّة تجاه الله -سبحانه وتعالى-، من صلاة وصوم وطواف وغير ذلك، فنجد أحكام الوضوء والغُسل والتيمّم، إنّها جميعاً مصاديق للطهارة الواجبة والمستحبّة في الشرع الإسلاميّ.

بل نجد غير الملتزم بالواجبات الشرعيّة، مهتمّاً بأحكام الطهارة والنجاسة.

وبالإضافة إلى حثّ الإسلام على الطهارة الشرعيّة، والتي تعني في حقيقتها أعلى درجات النظافة، فإنّه أيضا حثّ على النظافة بعنوانها، والتي تعتبر من آكد المستحبّات في الشرع الإسلاميّ، بل والتي تحمل بعداً دينيّاً وإيمانيّاً، لما ورد فيها من أحاديث هامّة.
عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «الطهور شطر الإيمان»[7].

وقد ورد العديد من الأحاديث التي تحثّ على النظافة الظاهريّة، نذكرها ضمن العناوين الآتية:

أ- نظافة الجسد
والبدء من نظافة الجسد التي دعا إليها الإسلام باعتبارين:
الأوّل: احترام الذات، ففي الحديث عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «طهّروا هذه الأجساد، طهّركم الله، فإنّه ليس عبد يبيت طاهراً إلّا بات معه ملك في شعاره، ولا يتقلّب ساعةً من الليل إلّا قال: اللهمّ اغفر لعبدك، فإنّه بات طاهرًا»[8].
الثاني: احترام الآخر، ففي الحديث عن الإمام عليّ (عليه السلام): «تنظّفوا بالماء من النتن؛ الريح الذي يُتأذّى به، تعهّدوا أنفسكم، فإنّ الله -عزّ وجلّ- يبغض من عبده القاذورة؛ الذي يتأنّف به من جلس إليه»[9].

ب- نظافة الأسنان
ومن مصاديق النظافة، نظافة الأسنان، عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «تخلّلوا، فإنّه من النظافة، والنظافة من الإيمان، والإيمان وصاحبه في الجنّة»[10].
وعنه (صلّى الله عليه وآله): «لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك عند وضوء كلّ صلاة»[11].

ج- نظافة اليدين
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر... ويجلو البصر»[12].

د- نظافة الثياب
عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «من اتّخذ ثوباً فلينظّفه»[13].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): النظيف من الثياب يُذهِب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة»[14].

ه- نظافة البيوت
أكّدت الروايات الواردة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) على أهمّيّة الاعتناء بنظافة البيوت بنحو دقيق.
عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «لا تبيّتوا القمامة في بيوتكم، وأخرجوها نهارًا، فإنّها مقعد الشيطان»[15].
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «كنس البيوت ينفي الفقر»[16].

و- نظافة الشوارع
ذمّت الروايات أولئك الذين يؤذون الناس بوضع القاذورات في الشوارع والطرقات العامّة. ففي الحديث عنه (صلّى الله عليه وآله): «اتّقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، والظلّ، وقارعة الطريق»[17].

ثانياً: الدعوة إلى الاهتمام بالتغذية
ومّما أرشد إليه ديننا الحنيف في الاهتمام بالصحّة الجسديّة، هو التغذية السليمة، وإنّ هناك العديد من الأحاديث الواردة عن المعصومين في الأطعمة والأشربة المفيدة والصحّيّة، إضافةً إلى الحكم العامّ الذي شدّد فيه الله -تعالى- على الالتزام به، ألا وهو عدم الإسراف في الطعام والشراب، حيث قال-سبحانه-: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُو﴾[18].

وليس خافياً كم أنّ للإسراف في الطعام والشراب من مساوئ على الصحّة.

وكذلك تحريمه -سبحانه وتعالى- لبعض الأطعمة والأشربة وغيرها من الأمور التي تندرج تحت عنوان الخبائث، قال -سبحانه-: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾[19].

وليس تحريم مثل هذه الأمور إلّا لما ينتج عنها من أضرار جسيمة على الصحّة البدنيّة.

ثالثاً: الدعوة إلى عدم إرهاق الجسد
لم يقتصر إرشاد ديننا الحنيف في حفظ الصحّة البدنيّة، على ما له علاقة بالمأكل والمشرب وما شاكل ذلك، بل دعا إلى أن يعطى الجسد حقّه من الراحة من نوم وغيره، ورد عن داود الرقيّ قال: سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول: «لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه»، قيل له: وكيف يذلّ نفسه ؟ قال: «يتعرّض لما لا يطيق»[20].

أيّها الأحبّة،
إنّ الالتزام بإرشادات الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، وأحكام الشرع الإسلاميّ، في ما يتعلّق بالنظافة الجسديّة، والنظافة العامّة، وكذلك التغذية، إنّ ذلك كلّه يتناغم مع دعوات علماء الطبّ في إرشاداتهم الصحّيّة للوقاية من الأمراض والأسقام، وخاصّةً في ما لو حلّ بالمجتمع الإنسانيّ وباء ما، لذلك ينبغي على المؤمن أن يلتزم بتلك الإرشادات، وأن لا يتهاون بها.


[1]سورة إبراهيم، الآية 34.
[2]ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص36.
[3]الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص 186.
[4]نهج البلاغة، ج4، ص93.
[5]السيوطيّ، الدرّ المنثور، ج1، ص 233.
[6]نهج البلاغة، ج4، ص 73.
[7]الهنديّ، كنز العمال، ج9، ص 276.
[8]النوريّ، مستدرك الوسائل، ج1، ص 297.
[9]الشيخ الصدوق، الخصال، ص 620.
[10]النوريّ، مستدرك الوسائل، ج 16، ص 319.
[11]الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج1، ص 354.
[12]الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج6، ص 290.
[13]الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج6، ص441.
[14]المصدر نفسه، ج6، ص444.
[15]الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 510.
[16]الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج5، ص 317.
[17]الهنديّ، كنز العمال، ج9، ص 365.
[18]سورة الأعراف، الآية 31.
[19]سورة الأعراف، الآية 157.
[20]الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج 16، ص 158.

12-03-2020 | 11-38 د | 1323 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net