مولده
ولد أبو جعفر محمّد بن حسن الطوسي، المعروف بـ «شيخ الطائفة» في خراسان عام 385 للهجرة وكان من النجوم الساطعة في عالم الإسلام وله مؤلّفات عديدة في الفقه والأصول والحديث والتفسير والكلام والرجال.
الأسرة
ينتسب الشيخ الطوسي لبيت من بيوت العلم والفقاهة، وابنه الشيخ أبو علي الملقّب بـ «المفيد الثاني» فقيه جليل، له كتاب بعنوان «الأمالي» وهو ما أملاه أبوه عليه في المجالس التي كان يعقدها لنقل الحديث، كما وشرح كتاب النهاية لوالده. وعلى ما نقل في كتاب «لؤلؤة البحرين» فإنّ بنات الشيخ الطوسي كنّ من الفقيهات الفاضلات أيضاً، وكان للشيخ أبو علي ولد اسمه "الشيخ أبو الحسن" الذي تقلّد زعامة الشيعة ورئاسة الحوزة العلميّة.
يقول عماد الطبري لو كانت الصلوات جائزة على غير الأنبياء لكنت أصلّي على هذا الرجل، وقد توفّي الشيخ أبو علي سنة 540 هـ.
هاجر الشيخ الطوسي عام 408 هـ أي في سنّ الثالثة والعشرين إلى بغداد وكان نزيل بغداد حتى آخر حياته وقد أنيط إليه الزعامة الدينيّة والفتيا والرئاسة العلميّة بعد أستاذه السيّد مرتضى علم الهدى.
درس الشيخ الطوسي لمدّة خمس سنوات عند الشيخ المفيد كما تتلمذ على أبرز تلاميذه السيّد مرتضى علم الهدى لسنوات طويلة.
توفّي السيّد المرتضى علم الهدى أستاذه سنة 436 للهجرة ولم يزل يزاول زعامته حتى عام 448 هـ إلى أن حدثت اضطرابات وفوضى أدّت إلى سلب ونهب منزل الشيخ وإحراق مكتبته فاضطرّ الشيخ بعد ذلك للهجرة إلى النجف الأشرف وقام بتأسيس الحوزة العلميّة هناك وتوفّي في النجف الأشرف سنه 460 للهجرة ومرقده معروف في النجف الأشرف.
منزلته العلميّة ومكانته
للشيخ الطوسي كتاب في الفقه بعنوان "النهاية" كان يُدرّس في الحوزات العلميّة سابقاً وله كتاب آخر في الفقه أيضاً باسم «المبسوط» حيث فتح آفاقاً جديدة في الفقه وكان من أكثر الكتب الفقهيّة بسطاً في زمانه.
وكتابه الآخر هو "الخلاف"، استعرض الشيخ فيها الآراء الفقهيّة لكلا الطائفتين الإماميّة والسنّة كما ألّف كتباً فقهيّة أخرى.
إنّ العلماء كانوا يلقّبون الطوسي بـ "الشيخ" على وجه التحديد حتى قبل القرن الأخير. كما كانوا يلقّبون الشيخ المفيد والشيخ الطوسي بـ "الشيخان" على الحصر.
زعامة الشيعة
بعد ارتحال السيّد المرتضى علم الهدى خوّل إلى الشيخ الطوسي زعامة الشيعة وقيادتها وكان منزل الشيخ في محلّة الكرخ ببغداد حيث كانت تشدّ إليه الرحال من أدنى الأقطار الإسلاميّة وأقاصيها وكان العلماء والفضلاء يرتوون من منهله الفياض ويروون غليلهم به.
التلامذة
ذاع صيت واشتهار الشيخ حيث غطّى العالم الإسلامي واجتاز جدران قصر الخلافة العبّاسي أيضاً وقد خصّص له القائم بأمر الله العبّاسي بمساعدة السلاطين البويهيّين مسند تدريس الكلام في مركز الخلافة ببغداد. وفي ذلك الزمان كان كان يخوّل ذلك المنصب إلى أكبر عالم في العالم الإسلامي، وهذا يدلّ على أنّه لم يكن في ذلك العصر عالم آخر يدانيه في مستواه الثقافي والعلمي.
الحادث المؤسف
هاجم السلاجقة الأتراك بغداد وباحتلال مركز الخلافة استطاعوا القضاء على البويهيّين مستغلّين ضعف الدولة البويهيّة. فقام وزير السلطان طغرل بيك المتزمّت الحاقد على الشيعة، عبد الملك بحملات واسعة على المناطق السكنيّة الشيعيّة في بغداد وأصدر أمراً بسلب ونهب المنازل وإضرام النار فيها كما قاموا بقتل العديد من وجوه الشيعة وعلمائها وهاجموا منزل الشيخ الطوسي ونهبوا منزله وأشعلوا النار في مكتبته العظيمة وأبادوها.
وبعد هذه الأحداث المخزية المؤسفة هاجر الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف.
في النجف الأشرف
لقد كان النجف الأشرف قرية يسكنها عدد قليل من الشيعة بجوار المرقد المقدّس لأمير المؤمنين علي (عليه السلام). فقام الشيخ بتأسيس الحوزة العلميّة هناك بعدما هدأت فورة العصبيّة العمياء والحقد الجاهلي المقيت ضدّ العلم والعلماء، فأصبحت الحوزة العلميّة في النجف الأشرف مناراً ونبراساً لعشّاق العلوم والمعارف الإسلاميّة وأكبر حوزة عرفها التاريخ في العالم الشيعي.
المؤلّفات
إنّ للشيخ الطوسي مرجعين أساسيّين ومهمّين من كتب المراجع الأربعة للشيعة وهما «تهذيب الأحكام» و«الاستبصار» وكلاهما من الكتب والمصادر الروائيّة حيث يستند إليها في المسائل الفقهيّة والأحكام الشرعيّة كما أنّ للشيخ الطوسي مؤلّفات أخرى منها:
1- النهاية.
2- المبسوط.
3- الخلاف.
4- عدّة الأصول.
5- الرجال.
6- الفهرست.
7- تمهيد الأصول.
8- التبيان.
الوفاة
انتقل الشيخ الطوسي إلى رحمة الله في ليلة الاثنين الثاني والعشرين من محرّم الحرام سنة 460 للهجرة، ودفن في النجف الأشرف بمنزله وبذلك قد فقد العالم الإسلامي أكبر الوجوه اللامعة الزاهرة في الفقه والذي لم يعوّض التاريخ مثله وإنّ الفقهاء والأعلام والمحقّقين ينهلون من مناهله ويستنيرون بأنواره البهيّة حتى يومنا هذا.