قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة تسرّه إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله"1.
الهدف:
إلفات النظر إلى جملة من الأمور التي تشكّل ثقافة مهمّة لكلّا الزوجين على صعيد ضبط مسار الحياة الزوجيّة.
مقدّمة
لا شكّ أنّ قضايا الأسرة ليست كلّها في إطار الحقوق والواجبات بل هناك مساحة كبيرة تركها الشرع الحنيف للتعاطي الإيجابيّ والأخلاقيّ للزوجين، وهذه المساحة تعتبر صمّام الأمان في سلامة هذه الأسرة.
1 - حسن المعاشرة: وقد عدّ الإسلام حسن المعاملة أو قبحها بين الزوجين من المسائل التي يثيب ويعاقب الله تعالى عليها في الآخرة، فقد أوصى رسول الله صلى الله علية واله وسلم الزوجين بقوله: "من كانت له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله وكانت أوّل من ترد النّار". ثم قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إن كان مؤذياً ظالماً"2.
ويشير أمير المؤمنين عليه السلام إلى السياسة التي ينبغي اعتمادها مع الزوجة بقوله عليه السلام: "داروهنّ على كلّ حال وأحسنوا لهنّ المقال لعلهنّ يحسنّ الفعال"3 .وعن الإمام عليّ عليه السلام: "لا يكوننّ أهلك وذو ودّك أشقى الناس بك"4.
2 - الإطلاع على فقه الأسرة: أي ضرورة أن يكون الطرفان ملمين بثقافة الحياة الزوجيّة من حقوق وواجبات ومطّلعين على التفاصيل الفقهيّة لبناء الأسرة والمسؤوليّات المترتّبة على ذلك وكيفيّة إدارتها، وهذا الأمر يقع في إطار مسائل الإبتلاء التي ينبغي تعلّمها ومعرفتها.
3 - الأمان الأسريّ: أي سعي الطرفين لإضفاء حالة من الأمن والإستقرار المنزليّ وعدم التوتّر لما يساهم ذلك من تعزيز الثقة والإستعداد للتحمّل والإبتعاد عن تعمية الأمور وإخفاء بعضها وعدم إشراك أحدهما للآخر في قضاياه والتسبّب بالغيرة وما شاكل.
4 - توزيع العمل: وهذا ليس من باب الحقوق وإنّما من باب التعاطي الأخلاقيّ التي تتطّلبها ضرورة الشراكة القائمة، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "تقاضى عليّ وفاطمة إلى رسول الله صلى الله علية واله وسلم في الخدمة (أي خدمة المنزل) فقضى على فاطمة بخدمتها ما دون الباب وقضى على عليّ عليه السلام بما خلفه"5.
وهذا رسول الله صلى الله علية واله وسلم قمّة الخلق الإنسانيّ يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"6.
تعزيز الروابط
1 - التصريح بالحبّ والمودّة: قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "قول الرجل لزوجته إنّي أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً"7. والمراد تحديداً التعبير بالقول واللفظ لأهميّته الخاصّة ودلالته التي تفوق سواه من التعابير بالسلوك أو الهديّة أو سوى ذلك.
2 - الاحترام المتبادل: ويعني ذلك الإبتعاد عن سوء الخلق واستخدام الكلمات النابية والألفاظ البذيئة فضلاً عن السب والشتائم وسوى ذلك ممّا يضعف المودّة ويزعزع الرابطة الزوجيّة.فالإحترام سبيل المودّة والإستقرار، والإخلال به سبيل الإنهيار ودمار الأسرة.
3 - التزيّن: قال الإمام الكاظم عليه السلام: "إنّ التهيئة ممّا يزيد من عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهن التهيئة"8. وهناك روايات تفيد أيضاً بأنّ المرأة تحبّ من الرجل أن يتزيّن لها كما أنّ الرجل يحبّ من زوجته ذلك.
وقد نقل عن النبيّ الأكرم صلى الله علية واله وسلم حديثٌ يفيد بأنّ من واجب المرأة أن تتعطّر لزوجها، فقد شكت امرأة لرسول الله صلى الله علية واله وسلم إعراض زوجها عنها فأمرها أن تتطيّب له.
ويقول الإمام الباقر عليه السلام: "لا ينبغي للمرأة أن تعطّل نفسها ولو أن تعلّق في عنقها قلادة"9.كما ورد عنه عليه السلام توصية للرجل أن يتهيّأ لزوجته تماماً كما تتهيّأ هي له.
يبقى الإشارة إلى أنّ هناك أموراً تساهم في حفظ الروابط الزوجيّة وتعزيزها كالذريّة وما تفرضه من مساحة مشتركة بين الزوجين، والعفاف لقناعة الطرفين ضمناً أنّه غاية تدرك بالزواج.
* خير الزاد في شهر الله، المركز الإسلامي للتبليغ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، تموز 2010م.
1- المقنعة، ص497.
2- جامع أحاديث الشيعة، ج20، ص245.
3- مكارم الأخلاق، ص213.
4- عيون الحكم والمواعظ، ص521.
5- وسائل الشيعة، ج14، ص123، ح1.
6- جامع أحاديث الشيعة، ج20، ص245.
7- الكافي، ج5، ص569.
8- الكافي، ج5، ص567.
9- وسائل الشيعة، ج3، ص335.