من دعاءِ الإمامِ زينِ العابدينَ عليه السلام في وداعِ شهرِ رمضانَ: "اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا، وَ بَارِكْ
لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا وَ فِطْرِنَا، وَ اجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ
عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ، وَ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ، وَ اغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ
مِنْ ذُنُوبِنَا وَ مَا عَلَنَ".
لا شكَّ في أنَّ للعيدِ فرحتَه الّتي وردتْ بها الرواياتُ، فهو فرحةٌ للصّائمِ
القائمِ لأنّه قد أحسنَ الإستفادةَ من فرصةِ شهرِ رمضانَ، فنالَ فوزاً يستحقُّ أنْ
يظهرَ فرحاً وسروراً.
ولكنْ أيضاً فَقْدُ شهرِ رمضانَ مصيبةٌ كما وردَ في دعاءِ الإمامِ زينِ العابدينَ
عليه السلام، ولذا نتوجّهُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ بالدعاءِ ليجبرَ هذا الفقدانِ،
وهذا يرجعُ إلى ما لهذا الشهرِ من أهميّةٍ عند اللهِ عزَّ وجلَّ حتى جعلَهُ باباً
لمغفرةِ الذنوبِ ومضاعفةِ الثوابِ على الأعمالِ.
كما إنَّ من خصوصيّةِ العيدِ كما وردَ في دعاءِ الإمامِ عليه السلام أنْ يتعهّدَ
الإنسانُ بالإستمرارِ على خطِّ طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فلا يُقصِّرْ ولا يتراجعْ،
ولذا كان طلبُ التوبةِ حتى في يومِ العيدِ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَتُوبُ إِلَيْكَ
فِي يَوْمِ فِطْرِنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِيداً وَ سُرُوراً، وَ
لِأَهْلِ مِلَّتِكَ مَجْمَعاً وَ مُحْتَشَداً مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، أَوْ
سُوءٍ أَسْلَفْنَاهُ، أَوْ خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ، تَوْبَةَ مَنْ لَا
يَنْطَوِي عَلَى رُجُوعٍ إِلَى ذَنْبٍ، وَ لَا يَعُودُ بَعْدَهَا فِي خَطِيئَةٍ،
تَوْبَةً نَصُوحاً خَلَصَتْ مِنَ الشَّكِّ وَ الِارْتِيَابِ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا،
وَ ارْضَ عَنَّا، وَ ثَبِّتْنَا عَلَيْهَا".
كما إنّ أهميّةَ أيامِ شهرِ رمضانَ تَظهرُ في السلامِ الّذي يوجِّههُ الإمامُ عليه
السلام لهذا الشهرِ الكريمِ فيقول:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ ، وَ يَا عِيدَ أَوْلِيَائِهِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَ يَا خَيْرَ
شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ وَ السَّاعَاتِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الْآمَالُ، وَ نُشِرَتْ فِيهِ
الْأَعْمَالُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ
مَفْقُوداً ، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً
فَمَضَّ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ، وَ قَلَّتْ فِيهِ
الذُّنُوبُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ، وَ صَاحِبٍ سَهَّلَ
سُبُلَ الْإِحْسَانِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِيكَ، وَ مَا أَسْعَدَ مَنْ
رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ، وَ أَسْتَرَكَ لِأَنْوَاعِ
الْعُيُوبِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ، وَ أَهْيَبَكَ فِي
صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ لَا تُنَافِسُهُ الْأَيَّامُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ، وَ لَا ذَمِيمِ الْمُلَابَسَةِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ، وَ غَسَلْتَ عَنَّا
دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً وَ لَا مَتْرُوكٍ صِيَامُهُ سَأَماً.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَ مَحْزُونٍ عَلَيْهِ قَبْلَ
فَوْتِهِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَّا، وَ كَمْ مِنْ خَيْرٍ
أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا.
السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَحْرَصَنَا بِالْأَمْسِ عَلَيْكَ، وَ أَشَدَّ
شَوْقَنَا غَداً إِلَيْكَ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى فَضْلِكَ الَّذِي حُرِمْنَاهُ، وَ عَلَى مَاضٍ مِنْ
بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين