الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الهداية والتبليغ في كلام وسلوك الإمام الصادق (ع) - 1
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

مقدمة
تشير التعاليم الإلهية إلى أنّ رسالة أنبياء الله وخلافائهم الوحيدة هي هداية الناس نحو الخالق. يخاطب الله تعالى نبيه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرً[1]. ويقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله خلفائي، فقيل يا رسول الله من خلفاؤك؟ قال: "الذين يحيون سنتي ويعلّمونها عباد الله"[2].
 
أمّا الإمام الصادق عليه السلام صاحب مقام الإمامة وشأن الهداية فهو يعتبر أنّ هذا الشأن هو لعلماء الدين. يقول الإمام عليه السلام: "الراوية لحديثنا يَشُدُّ به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابدٍ"[3]. من هنا من المناسب الإطلالة على أسلوب الهداية عند الإمام الصادق عليه السلام، هذا الأسلوب الذي يتناسب مع أساليب القرآن الكريم في الهداية وهذا ما قام الإمام عليه السلام بتبليغه للمسلمين.
 
لا يخفى أنّ أساليب الإمام في الهداية والتبليغ والتي تأتي في إطار وظائف وشأن الإمامة، قد تركت آثاراً عميقة على مجتمع ذاك الزمان. وإذا كانت الإمكانيات العسكرية غير متوفرة لأحداث انقلاب، إلا أنّ النشاطات التبليغية، وبرامج الهداية عند الإمام عليه السلام قد زلزلت أركان الحكم وجعلتهم يعيشون حالة الخوف على حكومتهم.
 
واجه الخليفة آنذاك (المنصور) حركة الإمام حتى إنه يقول: "وكان أمده وإن كان ممن لا يخرج بسيف أغلظ عندي وأهم عَلَيَّ من أمر عبد الله ابن الحسن فقد كنت أعلم هذا منه ومن آبائه على عهد بني أمية"[4].
 
أساليب الإمام الصادق عليه السلام في الهداية:

1- الاستفادة من التنظيم والانسجام والتربية والتخصّص.
شجّع الإمام عليه السلام المؤمنين على التبليغ بشكل جماعي. يقول الإمام عليه السلام: "رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذكّرا أمرنا"[5].
 
حاول الإمام تعميق الانسجام من خلال التنظيم الفكري لمدرسته، تربية الطلبة ودفعهم نحو التخصص في فروع خاصة، التعريف بالخط الشيعي، إيجاد التنظيم ذي الهوية الشيعية و... وهناك العديد من النماذج على ذلك حيث نقرأ ما جاء على لسان هشام بن الحكم:
 
كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله عليه السلام بالجلوس. ثم قال له: ما حاجتك أيها الرجل؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأناظرك. فقال أبو عبد الله عليه السلام فيمَ ذا؟ قال: في القرآن وقطعه وإسكانه وخفضه ونصبه ورفعه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران دونك الرجل.
 
فقال الرجل: إنما أريدك أنت لا حمران فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن غلبت حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر وملّ وعرض وحمران يجيبه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كيف رأيت يا شامي؟! قال: رأيته حاذقاً ما سألته عن شيء إلا أجابني فيه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران سل الشامي، فما تركه يكشر فقال الشامي: أرأيت يا أبا عبد الله أناظرك في العربية فالتفت أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبان بن تغلب ناظره فناظره فما ترك الشامي يكشر، قال: أريد أن أناظرك في الفقه فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا زرارة ناظره فما ترك الشامي يكشر قال: أريد أن أناظرك في الكلام، فقال: يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام بينهما، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به.  فقال: أريد أن أناظرك في الاستطاعة فقال للطيار: كلمه فيها قال: فكلمه فما ترك يكشر، فقال أريد أن أناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم: كلمه فسجل الكلام بينهما ثم خصمه هشام، فقال أريد أن أتكلم في الإمامة فقال: لهشام بن الحكم كلمه يا أبا الحكم فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر، قال: فبقي يضحك أبو عبد الله عليه السلام حتى بدت نواجذه[6].
 
تشير هذه الحادثة إلى حالة الانسجام والعمل الجماعي الذي كان يهتم به الإمام الصادق عليه السلام:

2-  ذكر الآثار والنتائج
من جملة الأساليب الأخرى التي استفاد منها الإمام الصادق عليه السلام في مسيرة الهداية، ذكر الآثار والنتائج الإيجابية والسلبية للأعمال والنعم و... ويُشاهد هذا الأسلوب بوضوح في سيرة وكلام الإمام الصادق عليه السلام من جملة ذلك ما جاء في وصيته لابن جندب يقول: "يا ابن جندب لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة ولأظلهم الغمام ولأشرقوا نهاراً ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم وما سألوا الله شيئاً إلا أعطاهم"[7].

ويوضح الإمام عليه السلام آثار "الإحسان إلى المؤمن" و"أداء الصلاة" والآثار السلبية لترك ذلك "يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائده، قلت يا بن رسول الله وما هي؟ قال أما مصائده فصدٌّ عن برّ الإخوان وأما شباكه فنوم عن قضاء الصلوات التي فرضها الله. أما أنه ما يعبد الله بمثل نقل الاقدام إلى برّ الإخوان وزيارتهم. ويل للساهين عن الصلوات، النائمين في الخلوات، المستهزئين بالله وآياته في الفترات ﴿أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[8] .[9]
 
ويذكر الإمام عليه السلام بأثر ترك الدنيا ويقول: "إن أحببت أن تجاور الجليل في داره وتسكن الفردوس في جواره فلتهن مليك الدنيا واجعل الموت نصب عينك ولا تدخر شيئاً لغدٍ واعلم أنّ لك ما قدّمت وعليك ما أخّرت"[10].
 
3- تحريك العواطف الإنسانية
تروى بعض القصص الجميلة عن الإمام الصادق عليه السلام والتي استفاد فيها من أسلوب تحريك العواطف: "عن الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خرج العطاء أيام أبي جعفر وما لي شفيع، فبقيت على الباب متحيراً، وإذا أنا بجعفر الصادق عليه السلام فقمت إليه فقلت له: جعلني الله فداك أنا مولاك الشقراني فرحب بي وذكرت له حاجتي فنزل ودخل وخرج وأعطاني من كمه فصبه في كمي ثم قال: يا شقراني إن الحسن من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح وإنه منك أقبح. وعظه على جهة التعريض لأنه كان يشرب"[11].

حاول الإمام عليه السلام في مكان آخر إظهار عمق الكراهية للتعاون مع بني العباس، وقد منع أحد الأشخاص الشيعة من التعاون معهم، لذلك قال: "ما أُحب أني عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاءً وإن لي ما بين لا تبيها، لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد"[12].
 
4- إيقاظ الوجدان
تشير التعاليم الإلهية إلى أنّ الإنسان قد ينسى الحقائق في الظاهر إلا أنه لا ينساها في باطنه على الإطلاق لذلك يمكن إيصاله إلى النجاة من خلال مخاطبة فطرته وباطنه.

يقول الله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[13]. ويقول أيضاً: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[14]. إن هذا الأسلوب يُشاهد بشكل كامل في سيرة الإمام الصادق عليه السلام، حيث يريد الإمام من المخاطب أن يجعل نفسه في موقع الفرض المطلوب ليرى ماذا تحدثه فطرته وماذا تريد منه.

جاء رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام وطلب منه أن يعرفه الله بعد أن غلبه المجادلون. قال الإمام عليه السلام: "يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال نعم. قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: هل تعلق قلبك هنالك أن شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال: فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي وعلى الإغاثة حيث لا مغيث".[15]
 
* محمد عابدي


[1] سورة الإسراء، الآية: 105.
[2] الحياة، ج2، ص281.
[3] أصول الكافي، ج1، ص33.
[4] بحار الأنوار، ج47، ص199.
[5] م.ن، ج1، ص200.
[6] تهذيب الكمال، ج5، ص79، سير اعلام النبلاء، ج6، ص258، بحار الأنوار، ج47، ص217.
[7] تحف العقول، ص302، وصية أبي عبد الله عليه السلام إلى جندب.
[8] سورة آل عمران، الآية: 77.
[9] تحف العقول، م.ن.
[10] تحف العقول، ص304.
[11] بحار الأنوار، ج47، ص349.
[12] وسائل الشيعة، ج12، ص129.
[13] سورة العنكبوت، الآية: 61.
[14] سورة العنكبوت، الآية: 63.
[15] بحار الأنوار، ج3، ص41.

28-03-2017 | 12-38 د | 2672 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net