الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1389 - 13 جمادى الأولى 1441هـ - الموافق 09 كانون الثاني 2020م
الشهادة أعلى مراتب التضحية

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



محاور الخطبة
- مفهوم التضحية
- صوَر التضحية
- أعلى مراتب التضحية
- فضل الموت في سبيل الله
- مقام الشهيد
- صفة الشهيد
- مَنِ الذي يحدّد أولويّة الجهاد بالنفس؟

مطلع الخطبة
﴿
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[1].

مفهوم التضحية
إنّ التضحية هي تقديم الإنسان ما يستطيع من خلاله، وبعون الله، إعلاءَ كلمة الله -تعالى-، وإرساءَ معالم الحقّ، وكسرَ شوكة الباطل والشيطان.

صوَر التضحية
إنّ للتضحية في سبيل الله أشكالاً وصوَراً متعدّدة، يستطيع الإنسان من خلالها أن يقوم بما عليه من واجبٍ تجاه دينه ومجتمعه وأهله ونفسه؛ كي يرتقيَ طريق الحقّ ويصلَ إليه، إيماناً منه بالله -تعالى-، وبدينه ورسالته.

وإنّ دعوة الدين الإسلاميّ لأن يكون الإنسانُ مضحّياً في سبيل الله، إنّما هي دعوة موضوعيّة، تتناغم مع قدرة الإنسان وطاقاته لما يستطيع تقديمه، وليس الأمر في ذلك محكوماً بالكمّ، بقدر ما هو محكوم بالكيف.

وبعبارة أخرى: إنّ الفعل الذي يقوم به الإنسان، إنّما الأساس فيه هو منشأ الدافعيّة والنيّة التي انطلق من خلالها في فعله هذا؛ ولذلك نجد الحثّ الشديد على الإخلاص في أيّ عمل يقوم به، فيكون حينئذٍ كبيراً وعظيماً ومتقبّلاً عند الله -تعالى-، بخلاف ما لم يكن كذلك، كأن يكون عن رياء وسمعة، أو مصلحة شخصيّة آنيّة دنيويّة، فمهما عظُم فلن يُتقبّل منه.

ومن صوَر التضحية:
- التضحية بالمال، قال -تعالى-: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾[2].

 - الجود بالعلم وإنفاقه في سبيل تعليم الآخرين ونفعهم وتطوير قدراتهم وتقوية ثقافتهم، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): «زكاة العلم أن تعلّمه عبادَ الله»[3].

- وربّما تكون التضحية تضحيةً بالبدن، من تعبٍ ومشقّةٍ في سبيل الله، ويدخل ضمنها كلّ ما هو في سبيله -تعالى-، كخدمة الآخرين وقضاء وحوائجهم...
قال -سبحانه-: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[4].

- كظم الغيظ عن الأذيّة بأيّ شكل كانت، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما من عبدٍ كظم غيظاً، إلّا زاده الله -عزّ وجلّ- عزّاً في الدّنيا والآخرة، وقد قال الله -عزّ وجلّ-: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[5]، وأثابه الله مكان غيظه ذلك»[6].

وغير ذلك ممّا يمكن للمرء أن يضحّيَ به في سبيل الآخرين، شريطة أن تكون النيّةُ خالصةً لله -تعالى-.

أعلى مراتب التضحية
ما هي أعلى مراتب التضحية؟
قبل الحديث عن ذلك، لا بدّ من أن ننظر إلى مكانة النّفس البشريّة، ومكانة الحياة الدنيا ومقامها.

أيّها الأحبّة،
إنّ للإنسان مكانةً عظمى، وقد فضّله الله -سبحانه- على سائر خلقه، قال -سبحانه-: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ﴾[7]، وهذا كافٍ للتدليل على مكانة الإنسان بعين الله، وما أولاه -تعالى- إيّاه من طاقاتٍ وقدراتٍ تميّزَ بها عن باقي المخلوقات.

وقد أودع الله -عزّ وجلّ- في الإنسان فطرة الحفاظ على نفسه، والدفاع عنها، وعدم رميها في المهالك؛ ولذلك نرى حرص الإنسان على نفسه من الموت أو المرض أو الأذيّة...

وفي الوقت عينه، فإنّ الله -تعالى- قد حرّم على الإنسان إزهاق نفسه دون وجه حقّ، فحرّم عليه الانتحار، قال -سبحانه-: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمً﴾[8].

بل ورد تشديد النكير على من يُقدِم على هذا الفعل، وبأنّه موجبٌ للعذاب الإلهيّ، فعن الإمام الصّادق (عليه السلام): «من قتلَ نفسه متعمِّداً، فهو في نار جهنّم، خالداً فيها»[9].

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ المؤمن يُبتلى بكلّ بليّة، ويموت بكلّ ميتة، إلّا أنّه لا يقتل نفسَه»[10].

وإن دلّ هذا على شيء، فإنّما يدلّ على حرمة النفس الإنسانيّة بعين الله -تعالى-، وأنّه لا ينبغي للإنسان التفريط بها، إلّا بإذنه.

فضل الموت في سبيل الله
فإذا كان الأمر كذلك، وأنّ للنفس الإنسانيّة حرمة وعظمة إلى هذا الحدّ، فإنّه من البديهيّ أن يكون تقديم هذه النّفس وحياتها في سبيل الله -تعالى-، من أعظم مراتب التضحية والبذل والعطاء، وهذا ما يتجلّى واضحاً في كتاب الله والسنّة النبويّة الشريفة.
في القرآن الكريم، ثمّة آيات عديدة تُظهِر مقام الجهاد والتضحية في سبيل الله، منها: قوله -تعالى-: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّم لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾[11].

أمّا في السنّة النبويّة الشريفة:
- عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «فوق كلّ ذي برٍّ برٌّ، حتّى يُقتَل في سبيل الله، فإذا قُتِل في سبيل الله، فليس فوقه برّ»[12].
- وعنه (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: «أشرف الموت، قتلُ الشهادة»[13].
- وعن الإمام السجّاد (عليه السلام): «ما من قطرةٍ أحبّ إلى الله من قطرتين؛ قطرةِ دمٍ في سبيل الله، وقطرةِ دمعة في سواد الليل، لا يريدُ بها العبدُ إلّا اللهَ -عزَّ وجلَّ-»[14].

وقد كان المعصومون (عليهم السلام) يطلبونها في أدعيتهم ومناجاتهم بين يدي الله -تعالى-:
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه لمالك الأشتر: «وأنا أسأل اللهَ بسعة رحمته وعظيم قدرته على عطاء كلّ رغبة، أن يختمَ لي ولك بالسعادة والشهادة»[15].
ومن دعاء الإمام السجّاد (عليه السلام): «حمداً نَسْعَدُ به في السعداء من أوليائه، ونصيرُ في نظم الشهداء بسيوف أعدائه، إنّه وليٌّ حميد»[16].

مقام الشهيد
قال -تعالى-: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[17].

ففي هذه الآيات- كما نلاحظ- خصائص ومراتب لمن استشهد في سبيل الله، هي:
1 -الحياة.
2- الاطمئنان.
3- النعيم المتواصل.
4- الفرح بالثواب.
5- الاستبشار بالتحاق رفاق الجهاد.
6- الاستبشار بالنعيم المستقبليّ.

صفة الشهيد
أيّها الأحبّة،
إنّ في صفة الشهيد التي تُطلق على من يُقتَل في سبيل الله -تعالى- مغزىً ومعنىً متضمَّناً، فكأنّ الشهادة هي القتل الذي ينبثق ويتمخّض عن معرفة كامنة في داخل من يضحّي بنفسه ويبذلها، تلك المعرفة التي يستطيع من خلالها التمييز بين الحقّ والباطل، والتمييز بين ما يحبّه الله ويبغضه -سبحانه-،  وهذا ما يجعله مُقدِماً على بذل نفسه في سبيل رضاه.

من الذي يحدِّد أولويّة الجهاد بالنفس؟
إنَّ أولويّة الجهاد بالنّفس، لا يمكن تحديدُها من أيّ شخص كان، بل لا بدّ في ذلك من قائدٍ يمتلك الكفاءةَ في العلم والإيمان والإدارة، وأن تكون لأوامره حجّيّةٌ من الله -سبحانه-، وهو المخوّل بتحديد هذه الأولويّة.

ومن هنا، فإنّ الرجوعَ إلى ولاة الأمر وإلى الوليّ الفقيه الذي يتحلّى بالصفات المطلوبة على أكثر من جهة، أمرٌ مطلوب ولازم؛ وذلك لضمان عدم ضياع البوصلة عن مسارها الصحيح، وضمان حفظ النظام.

ومن هنا ورد عن الإمام علي (عليه السلام) في وصيّته: «... الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، فإنّما يجاهد في سبيل الله رجلان؛ إمامٌ هدىً، ومطيعٌ له مقتدٍ بهداه»[18].

ولا بدّ في الختام من أن نؤكّدَ على أنّ الالتفافَ حول الإمام الخامنئي (دام ظلّه) والتقيّد بإرشاداته، أمرٌ ضروريّ ولازم؛ لما في ذلك من مرضاة الله، وتقويةٍ لشوكة المسلمين، في مواجهة أعدائه -تعالى-، من المستكبرين المتمثّلين بأمريكا والكيان الصهيونيّ الغاشم.
 
[1]  سورة التوبة، الآية 111.
[2]  سورة سبأ، الآية 39.
[3]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص41.
[4]  سورة التوبة، الآيتان 120- 121.
[5]  سورة آل عمران، الآية 134.
[6]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص110.
[7]  سورة الإسراء، الآية 70.
[8]  سورة النساء، الآية 29.
[9]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج7، ص45.
[10]  المصدر نفسه، ج2، ص254.
[11]  سورة آل عمران، الآية 157.
[12]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص53.
[13]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج97، ص8.
[14]  الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج7، ص75.
[15]  نهج البلاغة، ص445.
[16]  الصحيفة السجّاديّة، ص32.
[17]  سورة آل عمران، الآيات 169-170-171.
[18]  الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص522.

08-01-2020 | 14-52 د | 1173 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net