المشهور بـ ملا كاظم بن محمد بن مهدي الأزري البغدادي يسكن بغداد ومدرسة النجف، صريحاً في الرأي قوي الحجة مهيباً في المطلع، وكان يتمتع بمكانة سامية في كافة الأوساط الأدبية، ولدى جميع الطبقات الشعبية، لم يكن في بغداد أشعر منه منذ نهاية العصر العباسي حتى عهده الذهبي وعاصر من العلماء الأعاظم: السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي الكبير، واتصل بالبيوت الشريفة ونادمهم وتروى له نوادر كثيرة منها انه قدم النجف الأشرف فاجتمع عليه الأدباء والعلماء ومنهم السيد صادق الفحام واستنشدوه فأنشد من شعره فلم يوفه السيد جعفر حقه بالإستحسان والاجادة، وما زاد على كلمة: موزون ـ فأنشأ الأزري:
عرضت در نظامي عند من جهلوا | فضيعوا في ضلام الجهل موقعة |
فـلم أزل لائمـاً نـفسي أعاتبـها | من باع دراً على الفحام ضيـعه |
جاء لقب الأزري من جدهم وهو محمد بن مراد بن المهدي بن إبراهيم بن عبدالصمد بن علي التميمي البغدادي المتوفى في سنة 1162 وهو الذي لقب بالأزري لأنه كان يتعاطى بيع الأزر المنسوجة من القطن والصوف.
قال السيد الأمين في الأعيان ج 43 ص 101: بيت الأزري بيت أدب وعلم وثراء.
نشأة المترجم و حياته
ولد الشيخ كاظم الازري في بغداد سنة 1143 على الأصح ولم تزل داره التي ولد فيها قائمة في محلة (رأس القرية) من بغداد وهي من جملة أوقاف والده التي وقفها عليه وعلى إخوته سنة 1159. وبقي في طفولته مقعداً سبع سنوات ثم مشى.
درس العلوم العربية ومقداراً غير قليل من الفقه والأصول على فضلاء عصره ولكنه ولع بالأدب وانقطع عن متابعة الدرس. وأخذ ينظم الشعر ولم يبلغ العشرين عاماً. كان سريع الخاطر حاضر النكتة وقاد الذهن قوي الذاكرة كما كان محترم الجانب لدى العلماء والوجهاء من أبناء عصره حتى ان السيد مهدي بحر العلوم كان يقدمه على كثيرين من العلماء لبراعته في المناظرة ولطول باعه في التفسير والحديث ولاطلاعه الواسع على التاريخ والسير، وكان قصير القامة مع سمنة فيه ،لا يفارقه السلاح ليلاً ونهاراً خشية على نفسه من اعدائه ،وفي سنة الف وماية ونيف وستين من الهجرة حج بيت الله الحرام. وله في حجه قصيدة مطلعها:
انخ المطي فقد وفدت على الحمى | والثم ثراه محييا ومسلما |
ثم عظم بعدئذ اتصاله بالحاج سليمان بك الشاوي الحميري الذي كانت له الرئاسة المطلقة والكلمة النافذة في بغداد.
وكان الحاج سليمان بك يقدر فضله ويأنس بأدبه الجم ولم يزل يحمي جانبه ويدافع عنه إلى أن توفاه الله. وكانت وفاته حسب المشهور في سنة 1212 ودفن في مقبرة أسرته في الكاظمية 2غير أن الحجز الذي وجد في داخل السرداب يدل على أن تاريخ وفاته سنة 1201 والله أعلم.
ادبه وشعره
شعر الشيخ كاظم الأزري جمع بين جزالة اللفظ وجمال الأسلوب ورصانة التركيب وحسن الديباجة. وفيه جاذبية، فالذي يقرأ قصيدة من شعره لا يتركها حتى ينتهي منها وفيه نشوة كالراح تدفع شاربها إلى المزيد منها ليزداد نشوة وسروراً. وأكثر الخبراء بالأدب يعدون الشيخ كاظم الأزري في طليعة شعراء العراق وذلك في بعض مناحيه الشعرية، ومن فحولهم البارزين في المناحي الآخرى. ويصعب التمييز بين قصائده من ناحية السلاسة والطلاوة والرقة والانسجام وهو صاحب الهائية التي تنوف على أكثر من خمسمائة بيت ويعرفها الناس بقرآن الشعر وبالملحمة الكبرى وهذه القصيدة الفذة في بابها هي صدى نفسه الكبيرة الخصب الممرع طبعت على حدة مع تخميسها للشيخ جابر الكاظمي.
أما ديوانه تلاقفته الأيدي بوقته ولا زال الناس يتطلبونه ويستنسخونه. على أن الديوان لم يستوعب شعره كله بل لا يزال عند بعض الحريصين على الأدب قسم منه غير مطبوع.
وإليك نبذة صغيرة من شعره الذي أصبح يدور على الألسن كالأمثال السائرة: منها قوله:
وما أسفي على الدنيا | ولكن على ابل حداها غير حاد |
وقوله
وقد تأتي الخديعة من صديق | كما تأتي النصيحة من معاد |
وقوله
إن من كان همه في المعالي | هجر الظل واستظل الهجيرا |
وقوله
لا تعجبا لفساد كل صحيحة | فالناس في زمن كجلد الأجرب |
وقوله
لا تنوحي إلا علي لديهم ما | على كل من يموت يناح |
وقوله
ولسوف يدرك كل باغ بغيه | المرء ينسى والزمان يؤرخ |
وقوله
ذريتي أذق حر الزمان وبرده | فلا خير فيمن عاقة الحر والبرد |
وقوله
فتيقظ إذا رأيت عيون الحظ | يقظى ونم إذا الحظ نامـا |
وقوله
ولو كان في الجبن استراحة أهله | لما سهرت عين القطار وغفى الرند |
أما ملحمته الشهيرة التي استهلها بقوله
لمن الشمس في قباب قباها | شف جسم الدجى بروح ضياها |
فقد تضمنت كثيراً من الأمثال والروائع وهي من أروع ما قيل في مدح الرسول الأعظم وعترته الطيبين وهي على جانب كبير من الجزالة والبلاغة وقوة الاحتجاج وقد طبعت غير مرة مع تخميسها، بالحروف الحجرية أولاً ثم أعيدت مرة بعد مرة.
وإليك جملة من روائع الأزري في الإمام الحسين عليه السلام
هــي الـمـعالم ابـلتها يـد الـغير | وصــارم الـدهـر لا يـنفك ذا أثـر |
يـا سـعد دع عنك دعوى الحب ناحية | وخـلـني وســؤال الارسـم الـدثر |
أيـن الأولـى كـان اشراق الزمان بهم | اشــراق نـاحـية الآكــام بـالزهر |
جـار الـزمان عـليهم غـير مكترث | وأي حــر عـليه الـدهر لـم يـجر |
وكــم تـلاعـب بـالأمـجاد حـادثة | كـمـا تـلاعـبت الـغـلمان بـالأكر |
لا حــبـذا فـلـك دارت دوائــره | عـلى الـكرام فـلم تـترك ولـم تذر |
وان يـنل مـنك مـقدار فـلا عـجب | هــل ابـن آدم الا عـرضة الـخطر |
وكـيف تـأمن مـن مـكر الزمان يدا | خـانـت بـآل عـلي خـيرة الـخير |
أفـدي الـقروم الأولـى سارت ركائبهم | والـموت خـلفهم يـسري عـلى الأثر |
مـا أبـرقت فـي الوغى يوماً سيوفهم إلا | وفــاض سـحاب الـهام بـالمطر |
يـسطو بـكل هـلال كـل بـدر دجى | بـجـنح لـيل مـن الـهيجاء مـعتكر |
هــم الاسـود ولـكن الـوغى اجـم | ولا مـخالب غـير الـبيض والـسمر |
ثــاروا ولـولا قـضاء الله يـمسكهم | لـم يـتركوا لـبني سـفيان مـن أثر |
أبـدوا وقـائع تـنسي ذكـر غـيرهم | والـوخز بـالسمر يـنسي الوخز بالأبر |
غـر الـمفارق والأخـلاق قـد رفـلوا | مـن الـمحامد فـي أسـنى من الحبر |
لـله مـن فـي فـيافي كـربلاء ثـووا | وعـندهم عـلم مـا يـجري من القدر |
سـل كـربلا كم حوت منهم بدور | دجى كـأنـها فـلـك لـلأنـجم الـزهـر |
لــم أنـس حـامية الاسـلام مـنفردا | صـفر الأنـامل مـن حـام ومـنتصر |
رأى قـنا الـدين مـن بـعد استقامتها | مـغـموزة وعـلـيها صـدع مـنكسر |
فـقـام يـجمع شـملا غـير مـجتمع | مـنها ويـجبر كـسراً غـير مـنجبر |
لـم انـسه وهـو خـواض عـجاجتها | يـشق بـالسيف مـنها سـورة السور |
كــم طـعـنة تـتلظى مـن أنـامله | كـالبرق يـقدح مـن عود الحيا النضر |
وضـربـة تـتـجلى مــن بـوارقه | كـالشمس طـالعة مـن جـانبي نـهر |
وواحــد الـدهر قـد نـابته واحـدة | مـن الـنوائب كـانت عـبرة الـعبر |
مــن آل أحـمد لـم تـترك سـوابقه | فــي كــل آونـة فـخراً لـمفتخر |
اذا نـضى بـردة الـتشكيل عـنه تجد | لاهـوت قـدس تـردى هـيكل البشر |
مـا مـسه الـخطب الا مـس مـختبر | فـمـا رأى مـنه إلا اشـرف الـخبر |
فـأقبل الـنصر يـسعى نـحوه عجلا | مـسـعى غـلام إلـى مـولاه مـبتدر |
فـأصدر الـنصر لـم يـطمع بمورده | فـعاد حـيران بـين الـورد والـصدر |
يـا مـن تـساق الـمنايا طوع راحته | مـوقـوفة بـين قـوليه خـذي وذري |
لـلـه رمـحـك اذ نـاجـى نـفوسهم | بـصادق الـطعن دون الـكاذب الأشر |
يـا ابـن الـنبيين مـا للعلم من وطن | الا لـديـك ومـا لـلحلم مـن وطـر |
يــا نـيـرا راق مــرآه ومـخبره | فـكان لـلدهر مـلء الـسمع والبصر |
لاقــاك مـنـفرداً أقـصى جـموعهم | فـكنت أقـدر مـن لـيث عـلى حمر |
صـالوا وصـلت ولـكن أيـن منك هم | ألـنقش في الرمل غيرالنقض في الحجر |
لــم تــدع آجـالهم إلا وكـان لـهم | جـواب مـصغ لأمـر الـسيف مؤتمر |
حـتى دعـتك مـن الأقـدار أشـرفها | إلــى جـوار عـزيز الـملك مـقتدر |
من روائعه في الإمام الحسين عليه السلام
إن كـنت فـي سنة من غارة الزمن | فـانظر لـنفسك واستيقظ من الوسن |
لـيس الـزمان بـمأمون عـلى أحد | هـيهات أن تـسكن الدنيا إلى سكن |
لا تـنفق الـنفس إلا فـي بلوغ مني | فـبائع الـنفس فـيها غير ذي غبن |
ودع مـصابحة الـدنيا فـليس بـها | إلا مـفـارقة الـسـكان لـلـسكن |
وكـيف يـحمد لـلدنيا صـنيع يـد | وغـاية الـبشر فـيها غـاية الحزن |
هـي الـليالي تـراها غـير خائنة | الا بـكل كـريم الـطبع لـم يـخن |
الا تـذكـرت ايـاما بـها ظـعنت | لـلفاطميين اظـعان عـن الـوطن |
ايــام طـل مـن الـمختار اي دم | وادمـيت اي عـين مـن أبي حسن |
أعـزز بـناصر ديـن الله مـنفرداً | فـي مـجمع مـن بني عبادة الوثن |
يـوصي الأحـبة ان لا تقبضوا أبدا | إلا عـلى الـدين فـي سر وفي علن |
وان جـرى أحـد الأقدار فاصطبروا | فـالصبر في القدر الجاري من الفطن |
ثـم انـثنى لـلأعادي لا يرى حكما | إلا الـذي لـم يـدع رأساً على بدن |
سـقـيا لـهمته مـا كـان أكـرمها في | سقي ماضي المواضي من دم هتن |
ولـلـظبى نـغمات فـي رؤوسـهم | كـأنها الـطير قـد غـنت على فنن |
يـا جـيرة الـغي ان انكرتم شرفي | فــإن واعـية الـهيجاء تـعرفني |
لا تـفخروا بـجنود لا عـداد لـها | ان الـفخار بـغير الـسيف لم يكن |
ومـذرقى نـبر الـهيجاء اسـمعها | مـواعظا من فروض الطعن والسنن |
لـله مـوعظة الـخطي كـم وقعت | مـن آل سـفيان فـي قلب وفي اذن |
كــأن أسـيافهن اذ تـستهل دمـاً | صـفائح الـبرق حـلت عقدة المزن |
لـلـه حـملته لـو صـادفت فـلكا | لـخر هـيكله الأعـلى عـلى الذقن |
يـفري الجيوش بسيف غير ذي ثقة | عـلى الـنفوس ورمـح غير مؤتمن |
وعـزمة فـي عـرى الأقـدار نافذة | لـو لاقـت الـموت قادته بلا رسن |
حـق إذا لم تصب منه العدى غرضا | رمـوه بـالنبل عن موتورة الضغن |
فـانقض عن مهره كالشمس عن فلك | فـغاب صبح الهدى في الفاحم الدجن |
قـل لـلمقادير قـد ابـدعت حادثة | غـريبة الـشكل مـا كانت ولم تكن |
امـثـل شـمـر اذل الله جـبـهته | يـلقى حـسيناً بـذاك الملتقى الخشن |
واحـسرة الـدين والـدنيا على قمر | يـشكوا الـخسوف من العسالة اللدن |
يـا سـيدا كـان بـدء المكرمات به | والـشمس تـبدأ بـالأعلى من القنن |
مـن يـكنز اليوم من علم ومن كرم | كـنزا سـواك عـليه غـير مؤتمن |
هـيهات إن الـندى والـعلم قد دفنا | ولا مـزيـة بـعد الـروح لـلبدن |
لـقد هـوت مـن نـزال كل راسية | كـانـت لابـنية الأمـجاد كـالركن |
لـله صخرة وادي الطف ما صدعت | إلا جـواهر كـانت حـلية الـزمن |
خـطب تـرى العالم العلوي لان له | مـا الـعذر لـلعالم الـسفلي لم يلن |
مـن الـمعزي حمى الإسلام في ملك | مـن بـعده حـرم الإسلام لم يصن |
يـهينك يـا كـربلا وشي ظفرت به | مـن صنعة اليمن لايمن صنعة اليمن |
لـله فـخرك مـا فـي جـيدة عطل | ولا بـمرآته الأدنـى مـن الـدرن |
كـم خـر في تربك النوري بدر تقى | لـولاه عـاطلة الإسـلام لـم تـزن |
حـي مـن الـشوس مـعتاد وليدهم | عـلى رضـاع دم الأبـطال لا اللبن |
يـجول فـي مـشرق الدنيا ومغربها | نـداهم جـولان الـقرط فـي الأذن |
مـن مـبلغ سـوق ذاك اليوم ان به | جـواهر الـقدس قـد بيعت بلا ثمن |
قـل لـلمكارم مـوتي موت ذي ظمأ | فـقـد تـبدل ذاك الـعذب بـالأجن |
لـقد اطـلت عـلى الإسـلام نائبة | كـقتل هـابيل كـانت فـتنة الفتن |
أقــول والـنفس مـرخاة ازمـتها | يـقودها الـوجد من سهل إلى حزن |
مـهلا فـقد قـربت أوقـاف منتظر | مـن عـهد آدم منصور على الزمن |
كـشاف مـظلمة خـواض مـلحمة | فـيـاض مـكرمة فـكاك مـرتهن |
قـوم يـقلد حـتى الـوحش مـنته | وابـن الـنجابة مـطبوع على المنن |
صـباح مـشرقها مـصباح مغربها | مـزيل مـحنتها مـن كـل ممتحن |
أغــر لا يـتـجلى نـور سـؤدده ألا | بـروض من الدين الحنيف جني |
تـسعى إلى المرتقى الأعلى به همم | لا تـحـتذي مـنه إلا قـنة الـقنن |
يـسطو بـسيفين من بأس ومن كرم | يـستأصلان عـروق البخل والجبن |
يـا مـن نـجاة بـني الـدنيا بحبهم | كـأنها الـبحر لـم يـركب بلا سفن |
طـوبى لـحظ مـحبيكم لقد حصلوا | عـلى نـصيب بقرن الشمس مقترن |
هـل تـزدري بـي آثامي ولي وله | بـكم إلـى درجـات العرش يرفعني |
أرجـوكم ورجـاء الأكـرمين عني حـياً | وبـعد اندراج الجسم في الكفن |
يـا مـن بقدرهم الاعلى علت مدحي | والـدر يـحسن منظوماً على الحسن |
فـها كـم مـن شـجي البال مغرمة | عـذراء تـرفل في ثوب من الشجن |
جـاءت تـهادى مـن الأزري حالية | مـن اجـتلى حـسنها الـفنان يفتتن |
ثـم الـصلاة عـليكم مـا بـدا قمر | فـانجاب عنه حجاب الغارب الدجن |
فـكـنت أسـرع مـن لـبى لـدعوته | حـاشاك مـن فـشل فـيها ومن خور |
إن يـقـتلوك فـلا عـن فـقد مـعرفة | الـشـمس مـعروفة بـالعين والأثـر |
لــم يـطلبوك بـثار أنـت صـاحبه | ثــار لـعمرك لـو لا الله لـم يـثر |
أي الـمـحاجر لا تـبكي عـليك دمـا | ابـكـيت والله حـتى مـحجر الـحجر |
لـهـفي لـرأسـك والـخطار يـرفعه قـسرا | فـيطرق رأس الـمجد والخطر |
قـد كـنت فـي مشرق الدنيا ومغربها | كـالحمد لـم تـغن عـنها سائر السور |
مـا انـصفتك الـظبى يا شمس دارتها | إذ قـابـلتك بـوجـه غـيـر مـستتر |
ولا رعـتك الـقنا يـا لـيث غـابتها | إذ لـم تـذب لـحياء مـنك أو حـذر |
كـم خـضت فـيها بيوم الروع معمعة | يـنبو بـها غـرب حـد الصارم الذكر |
فـعـاد خـصـمك والـخذلان يـتبعه | وعـدت تـرفل فـي بـرد من الظفر |
ايـن الـظبي والـقنا مما خصصت به | لــولا سـهـام اراشـتها يـد الـقدر |
أمـا درى الـدهر مـذوافاك مـقتنصاً | بــأن طـائـره لــولاك لـم يـطر |
يا صفق الدين لم تنفق بضاعتها | فـي كـربلاء ولـم تربح سوى الضرر |
ومـوسما لـلوغى فـي كـربلاء | جرى بـبـيعة فــاز فـيـها كـل مـتجر |
أنـظر إلـى الـدهر قـد شـلت أنامله | والـعـلم ذو مـقلة مـكفوفة الـبصر |
وأصـبحت عـرصات الـعلم دارسـة | كـأنها الـشجر الـخالي مـن الـثمر |
يـادهر حـسبك ما أبديت من غير | أيــن الأســود الله مــن مـضـر |
أمسى الهدى والندى يستصر خان لهم | والـقوم لـم يـصبحوا إلا عـلى سفر |
يـا دهـر مـالك تـرمي كل ذي خطر | عـن الـمناكب بـعد الـعز في الحفر |
جـررت آل عـلي فـي الـقيود | فـهل لـلـقوم عـندك ذنـب غـير مـغتفر |
تـركـت كــل كـمي مـن لـيوثهم | فـرائساً بـين نـاب الكلب والظفر |
وان أبــوا لــذة الأولــى مـكدرة | فـقد صـفت لـهم الأخـرى من الكدر |
انـى تـصيب الـليالي بـعدهم غرضاً | والـقـوس خـالية مـن ذلـك الـوتر |
بـني أمـية لا تـسري الـظنون بـكم | فـان لـلثأر لـيثا مـن بـني مـضر |
سـيـفا مـن الله لـم تـفلل مـضاربه | يـبري الـذي هـو من دين الإله بري |
كــم حـرمة هـتكت فـيكم لـفاطمة | وكــم دم عـندكم لـلمصطفى هـدر |
أيـن الـمفر بـني سـفيان مـن أسـد | لـو صـاح بـالفلك الـدوار لـم يدر |
مـؤيـد الـعز يـستسقى الـرشاد بـه | انــواء عــز بـلـطف الله مـنهمر |
ويـنـزل الـمـلأ الأعـلى لـخدمته | مـوصـولة زمـر الأمـلاك بـالزمر |
يـا غـاية الـدين والـدنيا وبـدءهما | وعـصمة الـنفر الـعاصين مـن سقر |
لـيست مـصيبتكم هـذي التي وردت | كــدراء أول مـشـروب لـكم كـدر |
لـقـد صـبرتم عـلى أمـثالها كـرماً | والله غـيـر مـضيع أجـر مـصطبر |
فـهـاكم يــا غـيـاث الله مـرثـية | مـن عـبد عـبدكم المعروف بالأزري |
يـرجو الاغـاثة مـنكم يـوم مـحشره | وأنـتـم خـيـر مـدخـور لـمـدخر |
سـمـي كـاظمكم اهـدى لـكم مـدحاً | اصـفى مـن الـدر بل أنقى من الدرر |
حـيـيتم بـصـلاة الله مــا حـييت | يـذكركم صـفات الـصحف والـزبر |
أمــا تـرى عـلم الاسـلام بـعدهم | والـكفر مـا بـين مـطوي ومـنتشر |
مـن ذاكـر لـبنات الـمصطفى مـقلا | قــد ولـكتها يـد الـضراء بـالسهر |
وكــيـف أســلـو لآل الله أفـئـدة | يـعار مـنها جـناح الـطائر الـذعر |
هــذى نـجـائب لـلـهادي تـقلقلها | ايـدي الـنجائب مـن بدو ومن حضر |
وهـــذه حــرمـات الله تـهـتكها | خـزر الـحواجب هتك النوب والخزر |
لـم انـس مـن عترة الهادي جحاجحة | يـسقون مـن كـدر يـكسون من عفر |
قـد غـير الـطعن مـنهم كل جارحة | الا الـمـكارم فـي أمـن مـن الـغير |
هـم الأشـاوس تـمضي كـل آونـة | وذكـرهـم غـرة فـي جـبهة الـسير |
مــن الـمعزي نـبي الله فـي مـلأ | كـانـوا بـمـنزلة الأرواح لـلـصور |
أن يـتـركوا زيـنـة الـدنـيا فـانهم | مـن حـضرة الملك الأعلى على سرر |
* أدب الطف26_ 38
1- قال الشيخ الطهراني في (الذريعة) قسم الديوان: كانت وفاة الشيخ كاظم الأزري 1 ج 1 سنة 1211 ـ والمدفون بالكاظمية تجاه المقبرة المنسوبة الى الشريف المرتضى، كما وجد بها على لوحة قبره.
2- المقبرة تسمى بمقبرة المرتضى نسبة الى ابراهيم المرتضى ابن الامام الكاظم عليه السلام.