الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
العزة الحسينية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

باسمه تعالى


يجري التركيز في فلسفة الأخلاق على مسألة تجذر القيم الأخلاقية في روح الإنسان فتكون مؤثرة على الأفراد أم أن القيم الأخلاقية تتشكل تحت تأثير الثقافات والآداب والسنن الاجتماعية بحيث يعتبر السلوك قيمياً في مجتمع وغير ذلك في مجتمع آخر. وهنا تطرح العديد من النظريات والاستدلالات وهي خارجة عن مجال بحثنا في هذا المقال، إلا أنه يمكن الحديث وبشكل مختصر أن القيم الأخلاقية الموجودة في كل مجتمع تقسم إلى مجموعتين: القيم الأخلاقية الثقافية، والقيم الأخلاقية الإنسانية.

ألف- القيم الأخلاقية الثقافية
القيم الأخلاقية الثقافية عبارة عن القيم السائدة في مجتمعات متعددة والتي تختزن في داخلها ألواناً متعددة مثال ذلك يظهر الحجاب في المجتمع الإيراني والعديد من الدول الإسلامية متأثراً بقيم الثقافة الإسلامية مع العلم أن الحجاب قد يظهر معارضاً للقيم الاجتماعية في بعض المجتمعات الغربية، وقد يعتبر في بعض المجتمعات الشرقية فساداً ومناقضاً للقيم.

لو دققنا أكثر في هذه المسألة لوصلنا إلى نتيجة أخرى وهي أن العفة عبارة عن قيمة في المجتمعات وذلك بعيداً عن الحجاب والسلوكيات الاجتماعية المتعلقة بهذه المقولة. وهذا يعني أن عدم العفة في هذه المجتمعات مخالف للقيم، ومن هنا نرى أن العديد من غير المحجبات في الدول الغربية يحاولون الحفاظ على مسألة العفة.

ب- القيم الأخلاقية الإنسانية
تعتبر هذه القيم مقبولة في كافة المجتمعات والأمم، كالعدالة التي هي ضابطة وقيمة اجتماعية، بينما الظلم حالة مخالفة للقيم في جميع الثقافات. وعلى هذا الأساس نلاحظ أن الظالمين يحاولون بكل ما أوتوا من قوة الابتعاد عن الظلم والاقتراب نحو الاتصاف بالعدالة.

واليوم نلاحظ أن العديد من المفاهيم أصبحت تندرج تحت عنوان الظلم كالاغتيال والتهديد والارهاب وهي مفاهيم ترفضها الثقافات على اختلافها.

ومن هنا نشاهد أن الدول المدافعة عن الارهاب الدولي للكيان الصهيوني تتحدث عن نفسها باعتبارها مناهضة للاغتيال والظلم... طبعاً هناك فارق كبير في معايير العدل والظلم في هذه الدول التي تسعى في الدرجة الأولى وراء مصالحها.

ولكن ما يهمنا هنا هو أن العدل عبارة عن قيمة مقبولة في كافة المجتمعات بينما الظلم عبارة عن حالة مناقضة للقيم.

العزة واحدة أخرى من القيم التي يسعى وراءها كافة الأمم والأفراد المنصفون في العالم.

ويشهد العالم على امتداد التاريخ أن الشعوب تسعى للحصول على عزتها الوطنية لا بل هناك العديد من الشعوب التي قدمت الكثير من الضحايا للحفاظ على هذه العزة.

* العزة والفخر لغوياً
جاء في معنى العزة: "العز حالة مانعة للإنسان من أن يُغلب... والعزيز الذي يُقهر ولا يقهر" .1
"العزة المغالبة والممانعة" .2

وجاء في معنى الفخر أنه: "فَخَرَ فخراً باهى وتمدح بالخصال والمناقب والمكارم أما فيه أو في أهله" .3
"الفخر المباهات في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه" .4

ويظهر من الآيات القرآنية الشريفة أن العزيز جاء فيها بنفس المعنى المذكور في اللغة، وجاء أيضاً بمعنى آخر هو الاهتمام الزائد، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم .5

ويتضح من خلال دراسة هاتين الكلمتين في اللغة العربية أن العزة جاءت بمعنى المنتصر والذي لا يقبل الهزيمة، والافتخار بمعنى المباهات وإظهار فضائل الذات، ويؤدي التوغل والتدقيق إلى ادراك أن العزة تتعلق بالمسائل الحقيقية والتي تتعلق في الغالب بداخل الإنسان وهي حالة تدعو الإنسان إلى عدم قبول الهزيمة فتبعده عن الذلة والوضاعة، والفخر يتعلق بالأمور الخارجية والواهية والاعتبارية في الغالب.

قد يفتخر الشخص بأمر غير موجود وإذا كان موجوداً فقد يكون غير ذي قيمة، فيكون هذا الافتخار مخالفاً للقيمة، أما العزة فتنبع من مناعة الطبع والشرف وصفات الطهارة الداخلية.

العزة موجودة سواء تم توضيحها أو لم يتم ذلك بينما الافتخار على العكس من ذلك إذ يحتاج إلى التوضيح فإذا لم يوضح الإنسان كمالاً أو ما يشبه الكمال فلا يتحقق الافتخار.

وإذا أمكن إرجاع الافتخارات الإنسانية إلى العزة تصبح من جملة القيم، وأما إذا كان الافتخار يعود إلى الأمور الاعتبارية والأمور النفسانية والخيالاتية وغير الأخلاقية عندها لا يكون من القيم.

وينبغي التأكيد على أن الافتخار ليس قيمة بحد ذاته، بل يصبح قيمة إذا كان يدور حول القيم وهو خلاف ذلك إذا كان يدور حول الأمور غير الواقعية.

* العزة في القرآن الكريم
رفض القرآن الكريم الذي هو الفرقان ومعيار معرفة الحق من الباطل، الكثير من الأمور المخالفة للقيم الاجتماعية والتي كانت رائجة بين الناس، وكذلك حاول نقد وإصلاح بعض القيم الاجتماعية الصحيحة بهدف تصحيحها.

ومسألة العزة واحدة من جملة هذه القيم. وإذا عدنا إلى آيات القرآن الكريم لوجدنا أن الآيات التي تناولت مسألة العزة قد ركزت على المطالب الآتية.

1- الله تعالى العزيز: تحدثت العديد من الآيات القرآنية عن أن الله تعالى هو العزيز: عزيز حكيم، عزيز ذو انتقام، عزيز مقتدر، هو القوي العزيز و...
2- القرآن عزيز: "إنه لكتاب عزيز".
3- إن العزة كلها لله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً .6
4- العزة لله وللرسول والمؤمنين: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ .7

يتضح من الآيات القرآنية الشريفة ما يلي:
ألف- الله تعالى هو العزيز الذي لا يقبل القهر.
ب- كتاب الله الذي أراده الخالق المتعالي محفوظ عن التحريف فهو عزيز.
ج- العزة كلها لله لذلك استعمل عبارة جميعاً حول الله تعالى ولم يستعملها حول غيره.
د- العزة لله وللمؤمنين المتمسكين بهذه العزة.
هـ- لا ينبغي طلب العزة من الكفار.

يحاول البعض اللجوء إلى الكفار حفاظا على عزة يعتقدون أنها ستحصل، أما القرآن الكريم فقد تحدث حول هؤلاء الأشخاص معتبراً أن: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً.

* العزة الحسينية
يعتبر الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) المثال الأبرز لمسألة العزة في العمل والقول وقد واجه أنواع الإذلال متمسكاً بالعزة الإلهية حفاظاً على دين الله تعالى، حيث قدم في سبيل ذلك الغالي والنفيس، فقدم أبناءه شهداء أمام عينيه ومن ثم أخذت عائلته السيرة مع الأعداء وواجه بنفسه أقسى أنواع الشهادة ومع ذلك لم يسمع منه إلا حمد الله والثناء عليه، فكان راضياً مسروراً. يقول الإمام (عليه السلام) في بعض خطاباته: "ليس شأني شأن من يخاف الموت. ما أهون الموت على سبيل نيل العز وإحياء الحق، ليس الموت في سبيل العز إلا حياةً خالدة وليست الحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه... هل تقدرون على أكثر من قتلي؟ مرحباً بالقتل في سبيل الله ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي وشرفي فإذاً لا أبالي بالقتل" .8

ويستفاد من عبارات الإمام (عليه السلام) ما يلي:
1- إن شخصاً كالحسين بن علي (عليه السلام) لا يخاف الموت على الإطلاق، فإذا كان إمام المسلمين يخاف الموت فكيف بغيره.
إن الذي يخاف الموت هو الذي لا يوقن بالعالم الآخر. والذي يخاف الموت هو الذي أصبح ذليلاً لملذات الدنيا وكل ذلك ليس من شأن الحسين بن علي (عليه السلام).
2- إن القيمة عند الإمام الحسين (عليه السلام) هي للعزة وإحياء الحق قبل الحياة، لذلك كان الموت في سبيل العزة وإحياء الحق سهلاً.
3- الموت في سبيل العزة عند الإمام الحسين (عليه السلام) عبارة عن الحياة الخالدة الأبدية.
4- والحياة الذليلة عبارة عن الموت والزوال في رؤية الإمام (عليه السلام).
5- يستوقفنا حديث الإمام عندما يقول: هل تقدرون على أكثر من قتلي؟ مرحباً بالقتل في سبيل الله.
6- إن أعداء الإمام (عليه السلام) لم يتمكنوا من انتزاع المجد والعظمة والعزة والشرف الذي كان يتحلى به، وإذا كان الوضع على هذا المنوال فلما يخاف الموت.

يقول الإمام الحسين (عليه السلام) في أبيات شعرية جميلة:
الموت أولى من ركوب العار     والعار أولى من دخول النار 9

وهنا نستذكر عبارته (عليه السلام) عندما يبين تخييره بين الذلة والموت فيقول: "هيهات منا الذلة".


* محمد حسن نبوي - بتصرّف

1- مفردات الراغب.
2- مجمع البحرين.
3- المنجد.
4- مفردات الراغب.
5- سورة التوبة، الآية: 128.
6- سورة فاطر، الآية: 10.
7- سورة المنافقون، الآية: 8.
8- موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع)، ص360.
9- موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع)، ص499.

02-12-2011 | 06-53 د | 3028 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net