الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1438 – 02 جمادى الأولى 1442 هـ - الموافق 17 كانون الأول 2020م

السيّدةُ زينب، نموذجُ المرأة الفاعلة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

نبارك لصاحب العصر والزمان الإمام المهديّ المنتظر (عجّل الله فرجه)، وللإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وللأمّة الإسلاميّة جمعاء، ذكرى ولادة السيّدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام).

أيّها الأحبّة،
ثمّة العديد من الموضوعات التي يمكن تناولها والحديث عنها في ما يخصّ السيّدة زينب (عليها السلام)؛ ذلك أنّ شخصيّتها المباركة كانت تتحلّى بصفات عظيمة، لها أن تكون عنواناً لكلّ امرأة ورجل، في سلوك طريق الحقّ والتكامل الإنسانيّ.

إن أردنا الإضاءةَ على واحدةٍ من صفاتها تلك، يمكننا الحديثُ عن صفة الصبر التي تحلّت بها في مسيرة حياتها، وهي الصفة التي تُعَدُّ من أبرز علامات الإيمان، وبها يتميّز المتوكِّلون من غير المتوكِّلين.

تتعدّد ميادينُ الصبر، فتارةً يكون الصبُر عن المعصية، وتارةً يكون على الطاعة، وثالثةً عند المصيبة.

قال -سبحانه- في مَنْ آمن من قوم فرعون بربِّ النبيّ موسى (عليه السلام): ﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾[1].

وعن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): «رُفِع إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قومٌ في بعض غزواتِه، فقال: مَنِ القوم؟ فقالوا: مؤمنون يا رسول الله، قال: وما بلغ من إيمانِكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بالقضاء، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): حلماء علماء، كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتَّقوا اللهَ الذي إليه تُرجعون»[2].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «رأسُ طاعة الله الصبرُ والرضا عن الله في ما أحبّ العبدُ أو كره، ولا يرضى عبدٌ عن الله في ما أحبّ أو كرِه، إلّا كان خيراً له في ما أحبّ أو كرِه»[3].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: «إذا كان يوم القيامة، يقوم عنق من الناس، فيأتون بابَ الجنّة فيضربونه، فيُقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيُقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله -عزّ وجلّ-: صدقوا، أدخلوهم الجنّة، وهو قول الله -عزّ وجلّ-: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾»[4].

وقد تمثّل الصبرُ في السيّدة زينب في ميادينه كلِّها هذه، حتّى كانت مثالاً أعلى في الإيمان والتقوى.

الصبر عند البلاء
إنّ من أبرز ما عُرِفتْ به (عليها السلام)، وكان له الأثرُ الكبيرُ في النّفوس، صبرَها على ما حلّ بها من بلاء، حتّى استطاعت من خلاله أن تتعدّى تلك البلاءات بكلّ قوّة وصلابة، بل وأكثر من ذلك، فقد استطاعت أن توجّه الحزنَ في قلبها وحال الأسى الذي كان عليه أهل بيت العترة، لأن يكون في خدمة الإسلام والرسالة المحمّديّة الأصيلة، وذلك من خلال بيان مظلوميّة الإمام الحسين (عليه السلام) وسرّ ثورته المباركة، وقد وقفت في ذلك مواقف شجاعة أمام الجبابرة العتاة، من دون أيِّ تردّد.

جسّدت السيّدةُ زينب (عليها السلام) في صبرها هذا، ما دعانا إليه الإسلام من خلال آيات القرآن الكريم وأحاديث النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، بأن يكون الإنسانُ صابراً محتسباً في الضرّاء، وأن لا يثنيَه عن العطاء والفعل، وعن التوجّه إلى الباري -سبحانه-، واللّجوء إليه.

وقد ورد عنها (عليها السلام) أنّها لم تترك صلاةَ الليل في ظلّ المصائب والمحن كلِّها التي حلّت بها.

وقد قرنت ذلك كلَّه بالنظر إلى رضا الله -تعالى-، وخير شاهد على ذلك، تلك الكلمات التي صدرت عنها بعد ما رأته من ظلم حلّ بأخيها الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، فقالت ممّا نُسِب إليها: «اللّهمّ، تقبّل منّا هذا القربان!»[5]، وهذا يشير إلى تمام إخلاصها وتوكّلها عليه -تعالى-.

وممّا يشير إلى أنّ البلاءَ لم يكن ليثنيَها عن مقارعة الباطل وقول كلمة الحقّ، خطابُها الموجّه إلى يزيد: «كِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها (أي لا تغسله)، وهل رأيُك إلّا فَنَد، وأيّامك إلّا عَدَد، وجمعك إلّا بَدَد؟[6]«.

السيّدة زينب، أيّ نموذج نسائيّ تمثّل؟
ممّا تقدّم، وهو قليل ممّا يمكن إيراده في حقّ السيّدة زينب (عليها السلام)، يظهر لنا أنّها (عليها السلام) تمثّل نموذجاً رائداً للمرأة المثاليّة التي تستطيع العطاءَ بإرادة صلبة وعزيمة قويّة، وهي مع ذلك تحفظ مبادئَ دينها وضوابطَه الشرعيّة من دون أيّ تنازلٍ في أيٍّ منها، وهذا في الواقع ما ينبغي أن يكون درساً لكلّ امرأة تعيش في ظلّ الضوضاء الثقافيّة التي تحيط بنا في هذه الأيّام من كلّ جانب، فلا تستكين ولا تضعف أمام السهام التي تُصوَّب إلى كيانها ودورها كامرأة أعطاها الله -تعالى- الكثيرَ من الفضل، لتكون شريكةً في صناعة المجتمع كما يريده هو -سبحانه وتعالى-.

والحمد لله ربِّ العالمين


[1]  سورة الأعراف، الآية 126.
[2]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص48.
 [3] المصدر نفسه، ج2، ص60.
[4]  المصدر نفسه، ج2، ص75.
[5]  القرشيّ، باقر شريف، حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، ج2، ص301.
[6]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص135.

17-12-2020 | 08-33 د | 1092 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net