الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
البنى التحتية للاصلاحات الاجتماعية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


تشتمل الاصلاحات على جزأين أساسيين وهامين الفردي والاجتماعي، ويساعد الإصلاح في كل جزء منهم في تحقق اصلاح في الجزء الآخر. وتعتبر التقوى والتزكية الأرضية المناسبة للاصلاحات الاجتماعية، والاصلاحات الاجتماعية هي الأرضية المناسبة لنمو الفضائل الأخلاقية.

ولا يمكن أن تتحقق الاصلاحات الاجتماعية من دون تربية للنفس والفرد، وتفتح الاصلاحات الاجتماعية الطريق العام أمام التدين ونمو الفضائل الأخلاقية.

أهمية الاصلاحات الأخلاقية:

تتألف أرضية الاصلاح الاجتماعي من إصلاح الأفكار والاعتقادات واصلاح المثل والأهداف والتوجهات، واصلاح المعنويات، واصلاح العادات والسلوكيات، واصلاح اللسان والقلم. وتعتبر التربية الأخلاقية مقدمة على أي محاولة للاصلاح الاجتماعي، لا بل تعتبر التقوى والتزكية مقدمة على عملية تنظيم الاصلاحات القومية والوطنية.

ينقل الشيخ الكليني (رحمه الله) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: "من صدق لسانه زكى عمله"1 ونقرأ في غرر الحكم الحديث التالي: "الصدق صلاح كل شي‏ء والكذب فساد كل شي‏ء"2.

لا يمكن أن تتحقق الاصلاحات الحقيقية من خلال توسيع الشبكات الخبرية ووكالات الأنباء وزيادة عناوين الصحف والمجلات. جاء عن الإمام باقر العلوم(عليه السلام) قوله: "تعلموا الصدق قبل الحديث"3.

ولذلك وقبل التخطيط لتوسيع الاعلام وتقديم الإمكانات الخبرية ووضع الميزانيات يجب العمل على التربية الأخلاقية ونشر المعنويات والصدق...

لا يمكن أن تتحقق الاصلاحات الاجتماعية بواسطة الكذب والخداع... وكلما ازداد حجم ومقدار مراكز إنتاج وتوزيع الكذب ازداد غبار الجهل وعدم العلم وأصبحت الحياة أكثر اضطراباً، وعندها تظلم العدالة والحرية والمعرفة. لا بل يمكن القول أن البشر اليوم هم ضحايا وسائل اعلام الاستبكار الذين يضيقون الخناق بحجة الاعلام.

الصدق هو الاساس الأول للعدالة، وتظهر عدم العدالة دائماً في هالة من الجهل والكذب. ومن هنا كان ادعاء الاصلاح من قبل غير الصادقين مجرد نفاق لا أكثر.

الصدق عبارة عن أمانة تتعلق بحقوق البشر والكذب ليس إلا جريمة بحقهم. إن الذين يخونون الناس بأقوالهم لن يتعاملوا معهم بصدق في سلوكياتهم. وهنا نتذكر قول الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): "الصدق أمانة والكذب خيانة"4.

الإصلاح ونظام التعليم والتربية:

لقد كان أساتذة الجامعة، والنظام التعليمي، والمعلمين والمبلغين في مقدمة النهضة الاصلاحية.

لا يمكن أن تتحقق الاصلاحات الاجتماعية من دون الصدق ومن دون وعي وتعاون القيمين على النظام التعليمي في الحوزة والجامعة، وما لم تحاول الحوزة والجامعة من تطبيق النصوص والأساليب والأهداف... مع الإسلام والقرآن ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)، ستبقى الاصلاحات مجرد رؤيا لن تتحقق.

أبعاد الاصلاح الاجتماعي‏:

إن الجهل وعدم الاطلاع على معارف القرآن والعترة (عليهم السلام) بمثابة أم الفساد على المستوى الثقافي والاجتماعي ولن تتحقق الاصلاحات إلا من خلال حالة التعاون بين النظام التعليمي والتبليغي وبمساعدة النظام السياسي والاقتصادي. فعندما تكون الميزانيات والبرامج متوجهة إلى التوسعة السياسية والأحزاب والحرب الاعلامية للمجموعات والأجنحة وحوار الحضارات، أكثر مما هو متوجه إلى تعليم القرآن والدراسات القرآنية ونشر أفكار المعصومين (عليهم السلام)، عند ذلك لن يبقى أي مجال للحديث عن الاصلاح الصادق.

عندما نصرف من الميزانيات على الإرث الثقافي أكثر مما نصرف على المساجد وهي أكثر الأماكن شعبية، عند ذلك ستصبح المساجد في خدمة الإرث الثقافي لا العكس.

أما الفقر والبطالة فهما سببان للكثير من المفاسد الاجتماعية، والنظام التعليمي والتربوي في البلد هو الذي يمكنه القضاء على الفقر من خلال تربية أجيال مجدة ومجتهدة ومؤمنة تتبع الإيثار والتعاون. وما لم يتم دعم المعلمين والأساتذة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وما دامت مداخيل التجار والأبطال في الساحات الرياضية أكثر بكثير من الأساتذة والمعلمين، عندها لن تكون الاصلاحات سوى رؤى بعيدة المنال.

وتشكل الأمراض الجسمية المقدار الأكبر من مشكلات المجتمع، حيث يساهم تعليم طرق الوقاية في القضاء على الأمراض في اللحظات الأولى.

وتعود جذور الظلم والاعتداء على الآخرين إلى الجهل وتنمو هذه الأمور في المكان الخالي من الإيمان. والحوزة والجامعة هما المكان الوحيد الذي يمكن من خلاله القضاء على الجهل والطمع واستبدال الظلم والظلمة بأنوار الإيمان والأخلاق.

ويعود الفصل العنصري والتمييز إلى الاستكبار الروحي. والإسلام يدعو ليكون المسلمون أخوة ومتساوين في النظام الحقوقي. ويؤدي تفضيل بعض الطبقات الاجتماعية على أخرى إلى رواج الكثير من المفاسد الاجتماعية.

لن تتحقق الاصلاحات الاجتماعية إلا إذا خضعت المجموعات الاجتماعية للقانون الإلهي وليس للقوانين الشرقية والغربية، أي إذا تم التسليم المطلق للقرآن والسُّنة النبوية وقيادة أهل البيت(عليهم السلام).

أركان الاصلاح‏:

للاصلاح أربعة أركان في الفكر الإسلامي، يشكل الإيمان بالله والأنبياء والقيامة دعامتها الأساسية.

وأما هذه الأركان فعبارة عن المعرفة، العبادة، العدالة، والوحدة. ولن تتحقق الاصلاحات من دون المعرفة الإلهية والرؤية المعنوية، ومن دون العبودية لله والصلاة والتسليم للقانون الإلهي ومن دون الرضوخ للعدالة وحقوق الآخرين.

إن أكبر وأعمق الاصلاحات هي الاصلاحات العقائدية والإيمانية والأخلاقية، أما الذين يدعون إلى الاستسلام والكفر والشرك فهم في الواقع يحملون لواء المفاسد الثقافية وهم أعداء الاستقلال والحرية والعدالة والعيش بسلام.

إن جذور أغلب المفاسد الداخلية والخاريجة فتعود إلى سلطة الرأسمالية وتجار السلاح وأصحاب وسائل الاعلام حيث تؤثر هذه الأمور على المصير السياسي والاقتصادي والثقافي للبشر وهي سبب عدم الاهتمام بالقوانين الإلهية وإخراج الله تعالى عن أذهان وقلوب البشرية.

إن الاصلاح الاجتماعي هو حركة مستمرة ونسبية قد ترتفع تارة وقد تنخقض أخرى، لذلك فإذا اقتربت البشرية أكثر من المعايير القرآنية وأفكار حاملي الوحي والأحكام الإلهية، عندها تتحقق الاصلاحات.

إن الاصلاح هو حركة توحيدية، تكاملية، أخلاقية، عادلة، تحررية، ومعرفية إيمانية وصادقة، إذا تم التغافل عن هذه الأمور في العملية الاصلاحية فهذا يعني أن الاصلاح كاذب.

أما برامج الشرك والارتجاع ومخالفة الأخلاق والغفلة والجهل، كل هذه الأمور لا تدخل في الاصلاح. ولن تكون السياسة التي تؤدي إلى عدم الاستقلال الاقتصادي والارتماء في أحضان السلطة الخارجية اصلاحاً على الإطلاق. أما البرامج التي تحصل تحت إدارة وإشراف الأجانب والتي تطال الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية، هي في الواقع مخالفة للاصلاحات الصادقة.

ولا يمكن أن تتحقق الاصلاحات الصادقة من خلال وجود برامج وسياسات تشرف عليها الأمم المتحدة. ولا تتحقق إذا كانت مقبولة من اعلام تابع للصهيونية العالمية. والواقع أن الاصلاحات الصحيحة الصادقة هي التي تجري في ظل القوانين والسياسات والبرامج التي تضمن استقلال المسلمين، وتقوي الإيمان وتدفع الفقر والبطالة، وتؤمن الأمن والقوة الوطنية، وتنشر العدل الاجتماعي وتقيم المعروف وتزيل االباطل وتمجد عزة المسلمين، وتخذل الكفار والمنافقين..

إن الاصلاحات الصادقة عبارة عن كلمتين: إحياء السُّنة النبوية وإزالة بدع الجاهلية القديمة والحديثة.

* محمود مهدي بور - بتصرّف


1- الكافي، ج‏2، ص‏104، ح‏3.
2- غرر الحكم، الحديث 1119.
3- الكافي، ج‏2، ص‏104، ح‏4.
4- ميزان الحكمة، ح‏10175.

28-03-2012 | 04-33 د | 2369 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net