اليأس من روح الله والأمن من مكر الله عز وجل:
روح الله تعالى هو: رحمته وفرجه وإحسانه في الدنيا، وشفاعتة أنبيائه
وملائكته، وغفرانه وجنته في الآخرة. والمكر: أخذه في الدنيا بنحو الإستدراج وغيره،
وعقابه في الآخرة.
ويظهر من النص والفتوى تحريم الأمرين، وقد عدهما أصحابنا في الفقه من المعاصي
الكبيرة، وظاهرهما كون نفس الحالتين معصية محرمة فتحرم التسبيب لحدوثهما، ويجب
السعي في إزالتهما لو اتفق حصولهما بالتأمل والتفكر في مفاد النصوص الواردة فيه، في
الكتاب والسنة والعقل الحاكم بقبحهما بعد ملاحظة سعة رحمة الله تعالى وشمول عفوه
وغفرانه، وبعد التوجه إلى قدرته وسطوته وما يقتضيه ذنوب عباده، ولو لم يقدر على
التأمل في ذلك فعليه أن يراجع أهله من علماء الدين ورواة الأحاديث وحملة العلوم
والمعارف الاسلامية، وأطباء النفوس من علماء الأخلاق وغيرهم.
وقد قال تعالى: (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم
الكافرون)[1]، وقال: (فلا تكن من الفانطين... قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا
الضالون)[2]، وقال: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي)[3]،
وقال: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر
الذنوب جميعاً)[4]، وقال: (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم
الخاسرون)[5].
من هم المغلّبة وجوههم:
وروي: أن الله يبعث المقنطين يوم القيامة مغلّبة وجوههم، يعني: غلبة
السواد على البياض، فيقال لهم: هؤلاء المقنطون من رحمة الله[6].
* آية الله الشيخ علي المشكيني - بتصرف
[1] يوسف: 87.
[2] الحجر: 55 ـ 56.
[3] العنكبوت: 23.
[4] الزمر: 53.
[5] الأعراف: 99.
[6] بحار الأنوار: ج2، ص55 وج72، ص338.