في كل محطة زمنية نشعر أن هناك هجوماً من لوابس الزمان، تطرق باب الفكر محيرة، باحثة عن جواب شافٍ...
لكن سمة هذا العصر الآخذة بالتعاظم هي هذا الحول الذي يصيب الناس... وربما يتطور ليصبح عند آخرين عمى...
بعبارة أوضح ما هو مشترك في ما نرى من أهل زماننا هو أننا نراهم بعد وضوح الأمور وجلائها وتميزها وتحت ضغط الضخ الإعلامي وغيره قد انطمست لديهم الحقائق وضاعت المعالم فهم في تيه عن الحقيقة والحق رغم أنهما أوضح من شمسٍ وأبين من أمس...
فجأة يتحول عشاق الحرية والنضال ومقارعو الطغاة إلى عبيد وأدوات في يد المستكبر الطاغي... بل ويتحولون مراهنين على جبروت أمريكا وعلو إسرائيل ويصبحون مصفقين لمجازرها بحق شعوب أمتهم ويقيمون لأجل انتصارهم وهيمنتهم مجالس الدعاء...
ما الذي يجعل الأمور ملتبسة هكذا... رغم أن "العقل مصباح في يد القلب" يضيء له ليميز الصحيح من السقيم والصواب من الخطأ والحسن من القبيح والحق من الباطل؟ لكن لينتفع القلب من المصباح لا بد له من بصر... فإذا هاج ضباب الغرائز والعصبيات فلا قلوب ولا بصائر... وربما يتضاعف أثر الضباب لتصل القلوب إلى العمى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.