الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
القصة أقدم القوالب التبليغية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تمهيد
فيما يلي سنحاول الاشارة إلى قسم من القوالب التبليغية. أما الهدف من عرض هذه القوالب وفي المرحلة الأولى، تعريف المبلغين الأعزاء بها، وفي المرحلة الثانية العمل على امتلاكها والاستفادة منها في التبليغ حيث تحصل هذه الأمور من خلال المطالعة والتعليم والسعي.

تجربة
هناك الكثير من الأعمال الفنية والأدبية الموجودة في عالمنا المعاصر والتي لا يمكننا الغفلة عن مدى تأثيرها وجذابيتها عند الناس. وفي الكثير من الحالات يقوم الفنانون باستشارة مبلغي الدين فإذا وجدوهم أصحاب آراء هامة جعلوهم مستشارين في أعمالهم الفنية. وعلى هذا الأساس يمكن القول أن معرفتنا بالقوالب التبليغية المختلفة أمر هام وضروري. ولعل من الأفضل الاشارة إلى هذه المسألة من خلال حادثة قصيرة.

منذ مدة طلبت مني مجموعة المسرح في إحدى القرى، اعطاء رأيي في مسرحية لأحد المؤلفين المسيحيين تحمل عنوان "الحياة الأبدية". وقالوا: نرغب أن تعطينا معلومات حول قالب ومضمون هذا النص على أساس أنه يتعلق بقضية المعاد. في البداية قدمت أفكاراً كلية ثم طالعت النص فوجدت فيه اشكالات هامة وأساسية على اعتبار أن المؤلف مسيحي حيث إِن الأفكار التي قدمها لا تتناسب مع الاعتقادات الإسلامية، فلو تم اجراء المسرحية لأدت إلى وجود اشكالات وشبهات متعددة حول المعاد.

إقترحت عليهم اجراء بعض التغييرات في الشكل والمضمون والشخصيات مما يجعل المسرحية تتناسب مع الدين الإسلامي.
كان هذا نموذجاً صغيراً لعشرات النماذج التي يتم تنفيذها (في إيران) والتي تحمل اشكالات على مستوى القالب والمضمون. فما هي المسؤولية التي يجب أن نطلّع بها للحؤول دون وجود هذه الاشكالات؟
فيما يلي نشير إلى أحد القوالب الكتابية.

القصة
موقع القصة في حياة الإنسان:
إن الاستماع والاصغاء إلى القصص واحدة من الأمور التي زرعت في جبلَّة الإنسان منذ نعومة أظافره وتستمر معه حتى مراحل متقدمة من حياته. والسبب في ذلك كما تؤكد الدراسات علاقة الإنسان ورغبته في التعرف على مصير ابطال القصص، على اعتبار أن الإنسان يبحث بشكل لا إرداي عن أوجه شبه بين مصير ابطال القصة وحياته الشخصية. فهل من الممكن أن تتطابق بعض الحقائق المذكورة في القصة مع حياته الشخصية؟

إذا راجعنا الأدب الفارسي لا بل الأدب الموجود بين جميع الأمم والشعوب لوجدنا أن هناك وجوداً للأساطير والقصص والحكايات، وقليلاً ما نجد مجتمعاً لا يمتلك حكايات اجتماعية وبطولية ودينية1...

طبعاً هذا لا يعني عدم وجود مجموعات أو أشخاص لا ينظرون إلى القصة وكتابتها بعين الاستخفاف، بل هذه المجموعات أو الأشخاص كانوا موجودين على مَرّ التاريخ، ولكن الحقيقة غير ذلك. والجميع يعلم أن قصص وحكايات القرون الماضية قد تركت آثاراً عميقة على البشر، وهذا ما غفل عنه أصحاب النظريات المخالفة.

القصة تحاكي فطرة الإنسان، لذلك نرى الطفل ينجذب إلى سماعها، لا بل في الكثير من الحالات يطلب من والديه اخباره بقصة ما. وبالإضافة إلى أن القصة تحاكي الفطرة، فهي وسيلة تمكن الشخص من ايصال ما يريد إلى الآخرين بلغة سهلة وبسيطة2.

القصة في الرؤية الدينية:3
لعل من أبرز الأعمال والدراسات التي بدأنا نشاهدها في الفترة الأخيرة والتي تتناول القرآن الكريم، دراسة اعجاز القرآن الكريم من جهة ما يتمتع به من فن على مستوى كتابة القصة. ويمكن اعتبار كتابة القصة أهم فن يجري الحديث عنه في العالم المعاصر لما يتركه من آثار هامة وكبيرة في الحياة الاجتماعية. واليوم يشعر البشر بمدى الحاجة إلى امتلاك ما يؤدي إلى وجود حياة روحية هادئة بعد الغوغاء والضوضاء الكبيرة التي أحدثتها الحياة المدنية الجديدة، فكانت القصة إحدى الوسائل الناجعة في ذلك، وعلى هذا الأساس كان تطور القصة أحد أبرز السمات التي يمكن مشاهدتها في هذا العصر. وتشير بعض الدراسات الجديدة إلى أن التقدم الصناعي في الدول الغربية لم يتمكن من القضاء على تذوق القصة سواء لجهة القراءة أو الكتابة او الاصغاء، لأن هذه المسألة ترتبط بشكل عميق مع الجوانب الروحية في حياة الإنسان.

صحيح أن بعض الشعب وبعض الأشخاص يعتبرون القصة وسيلة للتسلية وللترفيه إلا أنه يجب الاعتراف أن القصة وسيلة أيضاً للتعليم، على أساس أن القصة تحتوي على نقاط تعليمية غير مباشرة. وهذا ما نشاهده في القرآن الكريم عندما تحدث عن القصص وأهميتها ودورها في هداية الناس واصلاح سلوكهم: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ4.

وإذا دققنا بعض الشيء في الكتب السماوية لوجدنا الكثير من القصص التي يراد منها ايصال المفاهيم والمقاصد الدينية بلغة يفهمها الناس ويتأثرون بها، وهذا يضمن الهداية والارشاد للمستمعين.

من جهة أخرى نرى أن القرآن الكريم نقل بعض القصص الأخرى حيث أراد استعمالها والاستفادة منها لاثبات مجموعة من الأمور من أبرزها اثبات التوحيد والوحي والرسالة والوحدة الدينية واصلاح المجتمع و...

طبعاً ما يميز القرآن الكريم عن سائر الكتب السماوية الأخرى أنه يتمتع بخصائص فنية وأدبية راقية، بحيث لو نظرنا إليها من وجهة نظر فن كتابة القصة لظننا بأن تلك القصص جاءت فقط لبيان الأهداف الفنية والأدبية للقرآن الكريم، والواقع غير ذلك، لأن القرآن الكريم قد استخدم الصناعات الأدبية كوسيلة لتحريك الوجدان الديني عند الناس. من الواضح أن جعل الناس يرتضون ويقبلون المفاهيم والتعاليم الدينية يتوقف على ايصالها لهم بلغة يفهمونها وتتناسب معهم.
وقد اهتم العلماء المسلمون منذ القديم بهذه الحقيقة وأدركوا مقدار الأثر الذي تتركه على الناس، لذلك أوصوا الناس بمطالعة القصص والاستماع إليها.

بناءً على ما تقدم فإن لجوء العلماء إلى أسلوب القصة يجعلهم أكثر توفيقاً في الهداية والارشاد. وقد ظهر العديد من المفسرين الذين بدأوا يقدمون القرآن الكريم بلغة قصصية سهلة وبسيطة حيث يمكن الاشارة إلى الدور الذي لعبه المفسرون الخراسانيون5.

تحدث القرآن الكريم حول فلسفة قصص الأنبياء والماضين واعتبر أن ذلك يكمن في التفكير حول حالاتهم ومصيرهم: ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ6.
ويقول الإمام علي عليه السلام حول حياة المتقدمين: "تدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم"7.

يمكننا من خلال القصة أن نتحدث حول حياة الماضين بشكل جميل جذّاب لنجعلهم مرآة تقتدي بها الأمم على مَرّ التاريخ. ثم إِن القرآن الكريم يتحدث في مكان آخر حول الهدف من الأخبار بقصص أنبياء الله تعالى فاعتبر أن ذلك سببٌ لقوة القلب...: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِين8.

صحيح أن للقصة أهمية خاصة في الإسلام إلا أنها ما زالت مجهولة لا يستفاد منها في أوساط المبلغين. يقول الإمام القائد في هذا الخصوص: "ما يؤسف له أننا ما زلنا متأخرين على مستوى فن كتابة القصة في اللغة الفارسية، وهذا لا شك فيه. وإذا دققنا في القصص الفارسية لوجدناها ما زالت غافلة ومتأخرة عن العديد من الأساليب الفنية، فلو تأخرنا وغفلنا عن فن السينما، فلا ضير في ذلك لأن هذا الفن مستورد أما فن القصة فليس بمستورد..."9.

"إن وضع كتابة القصة ليس حسناً، أي أن تطورها كان قليلاً نحن لم نشاهد وجود كتَّاب قصة مبدعين في إيران منذ القديم مع أن هذه الصنعة كانت موجودة منذ القديم"10.

أنواع القصة
هناك أنواع متعددة للقصة: القصة القصيرة، الطويلة، المسرحية...

القصة القصيرة:
ليس المقصود أن تكون القصة قصيرة فقط، بل هي التي تشتمل على الأمور الآتية:
أ- أن تمتلك خطة وإطاراً واضحاً ومنظماً.
ب- أن يكون فيها شخصية أساسية.
ج- تقديم وتعريف هذه الشخصية من خلال حادثة أساسية.

وتمتاز القصة القصيرة بالاختصار، الابداع، الموضوع وتقديمها الجديد ويجب أن تتمتع بوحدة الزمان والمكان والشخصية الأساسية. يتم عادة دراسة مقطع خاص من حياة الشخصية الأساسية وذلك خلافاً للقصة الطويلة.

القصة الطويلة:
لا يوجد في هذا النوع من القصة أي محدوديات على مستوى الأشخاص، الزمان والمكان ويمكنها أن تشتمل على كافة المواضيع الاجتماعية والسياسية و.... لذلك يمكن أن تتمحور القصة الطويلة حول أكثر من شخصية ويمكن أن تدور أحداثها في القرى والمدن والبلدان والقارات المختلفة. وأما أشهر القصص الطويلة فهي قصة "البؤساء".

المسرحية
المسرحية أحد أنواع القصة أيضاً وهي شبيهة بالقصة القصيرة من حيث الخصائص، ويجب أن يعمل الكاتب على عدم جعلها محدودة بمدة زمنية معينة أو شخص خاص إلا إذا كانت من أنواع المسرحيات الطويلة.
يمكن الحديث من خلال المسرحية حول مشاكل العمل، الحياة اليومية،... وكلما كانت المسرحية كثيرة الحركة ومتعددة الحوادث كلما كانت جاذبة ومقبولة.

كتابة القصة:
يتضح من خلال القصة أمور متعددة من أبرزها كيفية حياة المؤلف وأوضاعه وتربيته لأن ما يخرج من القدر ليس سوى ما يوضع فيه.
وإذا كانت ظروف وأفكار المؤلف مفيدة فهذا يعني أن ذلك سيظهر في القصة التي يدونها، وإذا كانت أفكاره تعتريها المشاكل والجوانب السلبية فهذا سيتضح من خلال ما يدونه أيضاً.

يتضح مما تقدم أننا إذا رغبنا في ايجاد آثار مكتوبة مفيدة في المجالات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والاعتقادية... يجب علينا أن نبحث عن أشخاص أصحاب مواصفات خاصة تؤهلهم للقيام بهذه المهمة.

خطة القصة
خطة القصة عبارة عن اطارها. وخطة القصة هي الخطوط الأساسية من دون الاشارة إلى المسائل الفرعية.
أثناء تدوين القصة يجب العمل على ربط الحوادث الأساسية ببعضها بحيث تحكمها علاقة العلية والمعلولية.
يجب أن تتضح عدة أمور في الخطة من أبرزها: الشخص أو الأشخاص، أدوارهم، صفاتهم، تخصيص الأدوار بهم وكيفية اجراء الأدوار. 

بعد وضوح الأمور المتقدمة يجب أن نرى هل شخصيات القصة تتوافق مع الأخلاق والعادات والقوى التي أوكلناها إليها أو لا تتوافق. فإذا لم تتوافق يجب عندها اعادة النظر في الخصائص والصفات التي وضعناها وقد يؤدي الأمر إلى تغيير مسير القصة. من هنا يجب القول بأن خطة القصة ينبغي أن تكون مرنة تقبل التغيرات والتبديلات التي تأتي من أماكن متعددة.

كلما كانت الخطة كاملة كلما كان عمل المؤلف سهلاً. يقول أحد كتاب القصة المشهورين حول خطة القصة: "إن ايجاد قصة جيدة أمر صعب يجب أن تكون القصة مرتبطة ببعضها. ويجب أن تكون بمستوى ايجاد الاحتياجات التامة للقصة، ومحتملة الوقوع ويجب أن تشير من حيث البسط والسعة إلى خصوصيات أشخاص القصة.ينبغي أن تكون الخطة كاملة، بمعنى أن لا يبقى أي مجال للحديث في نهايتها حول الأشخاص وأعمالهم. وينبغي أن تشتمل على البداية والوسط والخاتمة، وكذلك ينبغي أن نمتلك أمراً جديداً وابداعياً.إن أفضل الخطط هي التي تجعل الناس تتوجه نحو المسير المناسب وتهديهم إلى الهدف المقصود، ولعل هذه المسألة هي أهم ما في القصة. لأن الكاتب يمكنه نقل القارئ من حادثة إلى أخرى مع ما يملكه من مشاعر وأحاسيس من خلال مخاطبة ميوله ورغباته"11.

يجب في القصة الحفاظ على علاقة العلية والمعلولية بين الأحداث، وينبغي أن تكون الأحداث وآثارها ونتائجها وردات الفعل عليها واضحة. وينبغي أن ترتبط الأحداث السابقة واللاحقة مع بعضها بشكل منطقي.

أساليب البيان
أساليب البيان من جملة الأمور التي ينبغي الاهتمام بها في القصة، هنا ينبغي على المؤلف أن يراعي إذا ما كانت الشخصيات من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة. فلو كانت القصة من الدرجة الأولى أي أن كانت تحكي أوضاع وأحوال المؤلف فهي تمتلك بعض المحدوديات والمشكلات غير الموجودة في الدرجات الأخرى.

الوصف، الشرح، التجسيم
يعتبر الوصف الماهر والدقيق للوقائع والمناظر وشرح الأحداث والأحوال والسلوكيات البشرية من جملة الفنون الهامة. ويلعب التخيل دوراً هاماً على مستوى القصة إذ يعتبر الركن الأساس في وجود القصة.
الحوادث هي المواد الأولية للقصة حيث يقوم الكاتب بوضعها في وعاء ذوقه وفنه وخياله ويعمد إلى مزجها مع بعضها البعض. والخيال عمل مناسب بما أنه يضفي على القصة جاذبية خاصة وذلك بما لا يتعارض مع العقل.


1- الدكتور نادر وزين بور، على عرش الكلام، الخلاصة، ص241 - 244.
2- دراسة في التجليات الفنية للقصص القرآنية، ترجمة محمد حسين جعفر زاده، ج2، ص7.
3- المصدر نفسه، ترجمة موسى دانش، ج1، ص10 - 11.
4- يوسف: 111.
5- دراسة في التجليات الفنية للقصص القرآنية، ترجمة محمد حسين جعفر زاده، ج2، ص8 - 9.
6- الأعراف: 176.
7- نهج البلاغة، الخطبة 192.
8- هود: 120.
9- الموعظة الحسنة، ارشادات الإمام القائم في مجال التبليغ، ص111-
10- المصدر نفسه.
11- على عرش الكلام، ص226 - 227.

12-04-2013 | 09-11 د | 3082 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net