تشتمل الإصلاحات على جزءين أساسيين وهامين: الفردي والاجتماعي، ويساعد الإصلاح في
كل جزء على تحقق الإصلاح في الجزء الآخر. وتعتبر التقوى والتزكية، الأرضية المناسبة
للإصلاحات الاجتماعية، والإصلاحات الاجتماعية هي الأرضية المناسبة
لنمو الفضائل الأخلاقية.ولا يمكن أن تتحقق الإصلاحات الاجتماعية من دون تربية للنفس
والفرد، وتفتح الإصلاحات الاجتماعية الطريق العام أمام التدين ونمو الفضائل
الأخلاقية.
أهمية الإصلاحات الأخلاقية
تتألف أرضية الإصلاح الاجتماعي من إصلاح الأفكار والاعتقادات وإصلاح المثل والأهداف
والتوجهات، وإصلاح المعنويات، وإصلاح العادات والسلوكيات، وإصلاح اللسان والقلم.
وتعتبر التربية الأخلاقية مقدمة على أي محاولة للإصلاح الاجتماعي، لا
بل تعتبر التقوى والتزكية مقدمة على عملية تنظيم الإصلاحات القومية والوطنية.ينقل
الشيخ الكليني رحمه الله عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "من صدق لسانه زكى
عمله"1 ونقرأ في غرر الحكم الحديث التالي: "الصدق صلاح كل شيء والكذب فساد كل
شيء"2. ولا يمكن أن تتحقق الإصلاحات الحقيقية من خلال توسيع الشبكات الخبرية ووكالات
الأنباء وزيادة عناوين الصحف والمجلات. جاء عن الإمام باقر العلوم عليه السلام قوله:
"تعلموا الصدق قبل الحديث"3. ولذلك وقبل التخطيط لتوسيع الإعلام وتقديم
الإمكانات الخبرية ووضع الميزانيات يجب العمل على التربية الأخلاقية ونشر المعنويات
والصدق...
كما لا يمكن أن تتحقق الإصلاحات الاجتماعية بواسطة الكذب والخداع... وكلما ازداد
حجم ومقدار مراكز إنتاج وتوزيع الكذب ازداد غبار الجهل وعدم العلم وأصبحت الحياة
أكثر اضطراباً، عندها تظلم العدالة والحرية والمعرفة. لا بل يمكن القول أن البشر
اليوم هم ضحايا وسائل إعلام الاستكبار الذين يضيقون الخناق بحجة الإعلام.
فالصدق هو الأساس الأول للعدالة، وتظهر عدم العدالة دائماً في هالة من الجهل والكذب.
ومن هنا كان ادعاء الإصلاح من قبل غير الصادقين مجرد نفاق لا أكثر.
الصدق عبارة عن أمانة تتعلق بحقوق البشر، والكذب ليس إلا جريمة بحقهم. إن الذين
يخونون الناس بأقوالهم لن يتعاملوا معهم بصدق في سلوكياتهم. وهنا نتذكر قول الإمام
أمير المؤمنين عليه السلام: "الصدق أمانة والكذب خيانة"4.
* مجلة مبلغان
1- الكافي، ج2، ص104، ح3.
2- غرر الحكم، الحديث 1119.
3- الكافي، ج2، ص104، ح4.
4- ميزان الحكمة، ح10175.