باسمه تعالى
قد يبدو للوهلة الأولى أن
تطهيرَ الأرض من الظلم والمعاصي والقضاء على الطواغيت والظلمة أمرٌ غير ممكن، وكأنَّ
أهل الأرض قد أَلِفوا الظلم والمعاصي، وأن المظلومين لا نصير ولا صوت لهم. وليس من
السهل نصرة الحق. وكأنَّ العالم قد اعتادَ على الوجود المشؤوم للظلم حتى أن البشرية
لا تذكر لنا مرحلة تأريخية كانت الأرض فيها خالية من الظلم.من جهة أخرى فإن حكمة
الله تعالى قد اقتضت أن تجري حياة الإنسان على أساس الفطرة الموهوبة له من الله
تعالى والتي ينتج عنها إرادة العدالة ورفض الظلم.وأما الظلم فيتحول نحو الفناء مع
ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ويترك مكانه للعدل، وتحل العدالة
الاجتماعية أرجاء المعمورة حيث تكون، فترى الظهور مرحلة إثمار جهد وسعي الأنبياء
والأولياء فيتذوق الناس طعم العدالة العذب.لقد توجه الإمام عجل الله تعالى فرجه
الشريف بعد ولادته بالدعاء قائلاً: "... اللهم أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري،
وثبت وطأتي، وأملأ الأرض لي عدلاً وقسطاً"1. لم يتم التأكيد في الأحاديث التي
تتناول ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف مسائل التوحيد ومواجهة الشرك والكفر
الاعتقادي كما تم التأكيد على إيجاد العدالة وإجراءها، والسبب في ذلك حاجة المجتمع
البشري الكبير للعدالة.يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قام القائم عجل الله
تعالى فرجه الشريف حكم بالعدل وارتفع الجور في أيامه وآمنت به السبيل وأخرجت الأرض
بركاتها وَرُدَّ كل حق إلى أهله"2. يقول الإمام الحسين عليه السلام:
"لو لم يبق
من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزَّ وجلَّ ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي
فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً كذلك سمعت رسول الله يقول"3.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "أما والله ليُدْخلن ]القائم[ عليهم عدالة جوف
بيوتهم كما يدخل الحر والقر"4.
ويقول الإمام الرضا عليه السلام: "فإذا خرج وضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم
أحدٌ أحداً"5.
* مجلة مبلغان
1- اكمال الدين واتمام النعمة، ج2، ص428؛ بحار الأنوار، ج51، ص13.
2- بحار الأنوار، ج52، ص338؛ الارشاد، ص334.
3- اكمال الدين واتمام النعمة، ج1، ص318.
4- الغيبة للنعماني، ص159؛ اثبات الهداة، ج3، ص544؛ بحار الأنوار، ج52، ص362.
5- كمال الدين،