ومن أهم الخصائص التي يجب على المبلّغ الديني امتلاكها:
2 - الإخلاص في التّبليغ
أي اعتبار هذا العمل المقدّس “تبليغ الدِّين” بمثابة أمرٍ عباديّ عظيم، وكما هو
الحال في سائر العبادات، ينبغي ألاّ يكون لدينا أيّ غرض وهدف سوى تحصيل مرضاة الله
عزّ وجل والوصول إلى مقام القُرب الإلهي.
إنَّ شأن المبلّغ الدِّيني هو شأن الأنبياء القائلين للنّاس:
{ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ
إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[1].
إنَّ هدف وغاية وسرور كلّ مبلّغ للدّين أن يُعرِّف إنسانًا ما على خالقه، ويخرجه من
الضّلالة إلى صراط الله المستقيم وكما يقول القرآن الكريم:
{ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاء أَنْ يَتَّخِذَ
إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}[2].
وكذلك فإنَّ مبلِّغ الدِّين لا يلوِّث عبادة التّبليغ العظيمة بالأهداف الماديّة
والدنيوية، ولا يستغلّ القيم المقدّسة كوسيلة للوصول إلى الثّروة والسّلطة.
ومن ثمَّ فإنَّ التّفاخر وحُبَّ الظّهور، والتّناغم مع أصحاب المال والنّفوذ،
وإقصاء الأقران عن ساحة العمل باستغلال الشّعائر الدِّينية، وتقديم الأهداف
الحزبيّة والفئويّة، وانتظار الإحترام والثّناء والتّمجيد من النّاس و... لا يليق
بأيّ وجه بشأن المبلِّغ الدِّيني.
إنَّ المبلّغين من أتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، في كلّ تاريخهم المملوء
بالعزّة والإفتخار، قد نزَّهوا أنفسهم وابتعدوا عن كلّ هذه الملوّثات والرّذائل.
ومن أهم آثار وبركات الإخلاص عند المبلِّغ ما يلي:
أ- تأثير الخطاب في قلب المخاطَب وروحه.
ب- رعاية حال ومصلحة المخاطَبين.
ج- الرّاحة والطّلاقة في بيان الحقائق.
د- عدم تأثّر نشاطه التّبليغي بميول النّاس ورغباتهم.
هـ- نيل الثّواب الإلهي في الدّنيا والآخرة[3].
إنَّ المبلِّغ التقي يرجو من الله تعالى وحده عمارة دنياه وآخرته. والدّليل على ذلك
أنّه: {...وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ
فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْرًا}[4].
[1] سورة الشّعراء،
الآية 109.
[2] سورة الفرقان، الآية 57.
[3] تبليغ در قرآن وحديث (التّبليغ في القرآن والحديث)، ص200- 201، و368- 385،
القرآن والتّبليغ، ص114- 119؛ تبليغ در قرآن (التّبليغ في القرآن). ص83- 87.
[4] سورة الطّلاق، الآيتان 2-3.