كان الدرس الأول للعرفان لروح الله: "تحرر من نفسك، فعندما تكون موجوداً لا يبقى مكان خال في قلبك. ولكن إذا حررت نفسك من نفسك سيستقر نور الحكمة في المحل الذي كنت تشغله"؛ وقد أخذ روح الله في هذا الدرس الأول يتمرن على تحرير نفسه من نفسه.
وعلى مدى ستة أعوام كان يحضر عنده في كل يوم حيناً وأحياناً مرة كل بضعة أسابيع، ليتعرف على العرفان النظري ويحلق في أجواء العرفان العملي. وقد علّمه العرفان النظري أن يرى الله في كل ما يقع عليه نظره، وليس مظاهر الله التي يراها كل شخص حين يقع نظره عليها. وفي العرفان العملي تعلم الطريقة التي تأخذ بيد السالك من الشريعة والشاطئ إلى أنهار المعرفة.
يدرك الآن آية الله الحائري بأن هذا الشاب يطوي طريق عدة أعوام في عدة أشهر، بنحو حصل على اجازة الاجتهاد بعد عدة سنين وأصبح من أفضل أساتذة البحث الخارج. إلاّ أن مراعاة الأدب كانت تحتم عليه أن يتريث ما دام أستاذه قادراً على التدريس، معتبراً الجلوس عند كرسي الأستاذ واجباً أخلاقياً وممارسة عملية للتواضع. والأهم من كل ذلك كان حضوره الدائم درس مؤسس الحوزة الجديدة بمثابة بعث الأمل في قلب ذلك الشيخ، خاصة وأن الحوزة كانت بحاجة إلى هذا القدر من الدعم كي تتمكن من الوقوف على قدميها في تلك الظروف الشاقة. فكم كانت قصيرة عليه تلك الفترة، وكم كان مبكراً وفاة الأستاذ الذي فارق الحياة في فجر يوم بارد قبل أن تنتهي السنة الخامسة عشرة من قدومه إلى قم. حيث أعلن في العاشر من بهمن 1315 ـ 1926 إن شيخ قم أطبق جفنيه إلى الأبد، فاجتمع حشد كبير من الناس وطافوا بنعشه حول ضريح السيدة المعصومة عليها السلام ثم واروا جثمانه الثرى.
الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية