يمكن الاستفادة من آية: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلن﴾، فبحسب الظاهر أن
الهداية الإلهية وجهاد العبد لكلٍّ منهما مراتب ودرجات، وان كل درجة من جهاد العبد
وسعيه يتعقبها درجة من الهداية الإلهية. ومن موارد العمل بالوظيفة والتكليف أيضاً
أن نتلو القرآن على وجهه بأشكال المجاهدات ومراتبها بنحو نستفيد من كل تلاوة غير
ما استفدناه من التلاوة السابقة، وفي الصلاة أيضاً أن نستفيد من كل صلاة شيئاً آخر
غير ما استفدناه سابقاً، لا أن نعيد للتكرار فقط من غير استزادة.
قوله تعالى: ﴿لنهدينهم﴾ أي لنفهّمهم الأمور التي في القرآن والسنة، لا الأمور التي
في غيرهما، والدليل على ذلك أنكم تفهمون شيئاً جديداً في كل مرة تقرأونه وتتدبرون
فيه غير الشيء الذي تفهمونه في المرة السابقة، والصلاة أيضاً كذلك فإنكم تفهمون
منها في كل مرة شيئاً غير الذي كنتم فهمتموه من قبل وإلا فإن الإنسان عندما يصلي
الصلاة الأولى فان بقية الصلوات تكرار لها، فهل أُمرنا بإتيان الصلاة دون أن نعرف
لماذا أُمرنا بها؟ وهل المطلوب أن نكرر ما عرفناه وقرأناه مرة أخرى ونعيده في اليوم
والليلة خمس مرات؟ انه لأمر عجيب.
الله عز وجل يريد إفهامكم أن في كل صلاة تأتون بها انتبهوا لتنالوا أمراً ولتفهموا
شيئاً جديداً لم تكونوا قد فهمتموه في المرة السابقة، والأمر كذلك في تلاوة السور
والآيات القرآنية أيضاً أي احصل في كل مرة على شيء غير ما كنت قد حصلت عليه في
المرة السابقة.
* كتاب: في مدرسة آية الله الشيخ بهجت المقدس