يكرر اللهُ -تعالى- في مواطن عديدة من القرآن هذه القضيّة، وهي أن لا تستسلموا للنسيان، وذلك في إشارته للأمم السالفة. يقول: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾[1]، اكتسب بنو إسرائيل ذات يوم قوّة معنويّة استطاعوا بها الانتصار على فرعون والصمود والمقاومة مع أنّ رجالهم ونساءهم وأبناءهم كانوا تحت تعذيب فرعون، إلى أن فتح الله -تعالى- الدرب أمامهم، ومَنَّ عليهم بمثل ذلك الفرج العظيم بإغراق فرعون وأعوانه. لكنّ بني إسرائيل هؤلاء أنفسهم بعد مدّة وجيزة -﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، عندما مضى عليهم الزمن بعض الشيء- خرجوا عن حالهم الأوّل، وقست القلوب وثَقُلت مع مرور الزمن، وفقدوا ذلك التوكّل، وتلك الثقة بالله، وتلك الحركة في سبيل الله، وذلك الصبر، وتلك الاستقامة. فكانت النتيجة ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾[2]، هذه إحدى الآيات، وثمّة آيات عديدة أخرى. قال النبيّ موسى (عليه السلام) لبني إسرائيل: ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾[3]؛ لقد كنتم إلى الأمس تحت عذاب فرعون وضغوطه، فهل مضى زمن طويل حتّى نسيتم وصرتم تقولون: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ﴾[4]، هذه دروس، وهذا ما أكرّره دومًا.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 08/01/2020م)
[1] سورة الحديد، الآية 16.
[2] سورة البقرة، الآية 61.
[3] سورة طه، الآية 86.
[4] سورة الأعراف، الآية 138.