من أجل أن يؤدّي الإنسان هذا السعي دائماً والواجبات المنوطة به، التي تشكّل ذلك السعي، يكون التذكّر ضروريّاً. والدِين رأى له بعض التذكيرات؛ الأنبياء أنفسهم هم مُذَكِّرون في الأساس، ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾[1]. و«القرآن» وسيلة للتذكّر، فقد وردت مرّات عدّة في الكتاب الإلهيّ نفسه هذه الصفة والمَهمّة للتذكير الخاصّة بـ«القرآن». من وسائل التذكّر الصلاة، فالصلاة تذكّرنا في خمس أوقات. والأخرى هي الموعظة، فموعظة الوعّاظ تذكّرنا. والأخرى هي الدعاء، فالاهتمام بالدعاء يذكّرنا. والأخرى هي تلاوة كلام الله، فتلاوة الآيات الإلهيّة تُخرجنا من الغفلة... ومن قبيل هذه الوسائل.
إذاً، هذه الوسائل كلّها تعمل حتّى لا نُصاب بالغفلة. إذا نسينا وأُصبنا بالغفلة، فسنتوقّف عن السعي، وإذا توقّفنا عن السعي، فإنّ وضعنا في تلك الحياة الموعودة سيكون وضعاً سيّئاً بالتأكيد. عموماً لدينا مثل هذا المصير والعاقبة من البداية إلى النهاية.
هذا التأكيد كلّه بشأن التقوى، [هدفه] أن ينتبّه الإنسان إلى نفسه، وأن يحرص على ألّا تحدث له زلّة، وألّا يغفل عن وضعه ومصيره وهدفه وطريقه وتكليفه. إنّه كالقيادة على طريقٍ متعرِّجٍ وزلقٍ وخطير، فإذا غفلتم ونسيتم في أيّ وضعيّة أنتم، فمن الممكن أن تتدهوروا.
التقوى تعني تلك المراقبة والاهتمام الدائمَين اللذين يصيران عند الأشخاص السامقين على صورة مَلَكة؛ أيْ خصلة غير قابلة للانفكاك عن الإنسان، فيكون منتبّهاً دوماً.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 28/05/1987م)
[1] سورة الغاشية، الآية 21.