من جملة الأخطاء الجسيمة التي كنّا نسمعها دائماً، ولا تزال تصدر الآن أيضاً من بعض الألسنة غير المكترثة لحقائق الإسلام أنّه «لا تسيّسوا الحجّ!»، ما معنى لا تسيّسوا الحجّ؟ ما نحتاجه في الحجّ من الشؤون السياسيّة هو عين تعاليم الإسلام. تحقيق الوحدة شأن سياسيّ، وهو أمر الإسلام، وهو عبادة ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا﴾[1]. إنّنا حين ندافع في الحجّ عن الشعب الفلسطينيّ أو المظلومين في العالم الإسلاميّ مثل مظلومي اليمن والآخرين وندعمهم، فهذا فعل سياسيّ، لكنّها سياسة تمثّل عين تعاليم الإسلام. فالدفاع عن المظلوم هو بذاته فريضة وواجب، وهذا الواجب يحدث. أو البراءة من المشركين، إذا كنّا نشدّد ونصرّ على قضيّة البراءة ونقوم بها -وينبغي أن تتمّ كلّ عام على أفضل وجه إن شاء الله- فالسبب هو أنّها فريضة إسلاميّة ﴿أَنَّ اللَّهَ بَريءٌ مِنَ المُشرِكينَ وَرَسولُه﴾[2]. المؤمنون «بُرَآءِ» من المشركين ﴿إِنَّا بُرَآؤُا مِنكم وَمِمَّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كفَرنا بِكم وَبَدا بَينَنا وَبَينَكمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغضاءُ أَبَداً حتى تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحدَهُ﴾[3]. هذه كلّها تعاليم دينيّة. نعم، إنّها سياسة، ثمّة في الحجّ عمل سياسيّ، بيد أنّ هذا العمل السياسيّ هو نفسه وبعينه التكليف الدينيّ، إنّه العبادة ذاتها. لاحظوا أنّ هذه من النقاط المهمّة. نعم، أن يمنعوا مثل هذه التحرّكات السياسيّة فهذا أيضاً عمل سياسيّ، لكنّها سياسة غير دينيّة، سياسة مناهضة للدين. أن يقولوا: لا يحقّ لكم في الحجّ أن تكشفوا حقيقة أميركا، فهذا أيضاً حراك سياسيّ، لكنّه حراك سياسيّ شيطانيّ، حراك سياسيّ غير إسلاميّ. ولكن أن تعلنوا هناك عن براءتكم من أيّ مشرك، ومن أيّ معادٍ للإسلام، فهذا أيضاً حراك سياسيّ، لكنّها سياسة تمثّل عين الدين، هذه هي السياسة الدينيّة. هذه نقاط يجب أن نعلمها في خصوص الحجّ.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 03/07/2019م)
[1] سورة آل عمران، الآية 103.
[2] سورة التوبة، الآية 3.
[3] سورة الممتحنة، الآية 4.