كلمة الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظلّه) لدى لقائه النوّاب والعاملين في مجلس
الشورى الإسلامي 20/06/2018
أعداؤنا خبثاء ومجرمون ولا بد من الوقوف بوجههم
محاور رئيسية
§ ينبغي للمجلس أن يجسّد فضائل الشعب
§ لتحكيم الروح الإيمانيّة والثوريّة في جميع أعمالكم
§ لمُجانَبة النزعة الأرستقراطية في نمط حياتكم
§ لمراعاة أولويّة الطبقات الفقيرة عند سنّ القوانين
بسم الله الرحمن الرحيم[1]
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى
محمّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.
أرحّب بالإخوة والأخوات الأعزّاء النوّاب المحترمين. إنَّ ميزة لقائنا هذا العام هي
أنَّ مجموعة العاملين في الأقسام المختلفة من مجلس الشورى الإسلامي قد شرّفوا
بالمجيء اليوم؛ وهم حاضرون في هذه الجلسة والحمد لله؛ الأقسام المهمة التابعة لمجلس
الشورى والمديرون والمسؤولون والعاملون فيها. أرحّب بكم جميعاً وأتقدّم بالشكر لكم
على ما تتحمّلونه من جهود وأتعاب، وأسأل الله تعالى لنا ولكم المزيد من التوفيق في
طريق الهداية والإصلاح.
خدمة الناس وسيلة للتقرّب إلى الله
أولاً، بمناسبة هذه الأيام، حيث خرجنا لتوّنا من شهر رمضان ولا تزالون
في الأجواء الرمضانية إلى حدٍّ ما ولا نزال فيها إن شاء الله، أحبّ أن أتكلّم ببضع
كلمات [حول الموضوع]. إنّ روح الخدمة [خدمة الناس] هي [نوعٌ من أنواع] التقرُّب إلى
الله. كلُّ الأعمال التي تقومون بها، سواءً تحت قبّة المجلس، أو في اللجان والأجهزة
التابعة للمجلس؛ كل هذه الخدمات إذا تمّت وأُنجزت لله وفي سبيل الله فستكون خدمة
حقيقية ووسيلة للتقرُّب إلى الله. والحقّ أنه قلّما توجد عبادة تضاهي مثل هذه
الخدمات إذا ما أنجزت في سبيل الله. إذا سادت هذه الروح المعنويّة والإلهيّة على
نشاطاتنا وخطواتنا وكلامنا وسكوتنا؛ فإنّ ذلك سيؤثّر في ارتقاء المجتمع وإعلاء شأنه،
وتقريب الأشخاص من جوهرهم الحقيقي الذي دعا إليه الأنبياء.
العمل في سبيل الله يضاعف من صفاء النفوس وطهارتها
إنّنا أسرى المادة؛ فبصرنا وأعيننا لا ترى إلّا مظاهر المادة وعلاماتها، ولهذا
نتعلّق بهذه المظاهر وتجتذبنا الجماليات المادية. وأعيننا لا ترى أكثر من هذا عندما
تكون أسيرة الأجواء والمناخات المادية. إذا زدنا من [منسوب] المعنويات ورفعنا من
مستوى الصفاء القلبي وأخذنا مسألة التقرُّب إلى الله على نحو الجد، وعوّدنا أنفسنا
على العمل لله ومضينا قُدُماً، فإنّ تلك الروح الصافية التي ستحصلون عليها سوف
تؤدّي إلى فتح العيون على مناظر أجمل وأسمى وأرقى ممّا نشاهده في هذه الدنيا من
الجماليّات والجاذبيّات الدنيويّة.
إذا حلَّقت إلى الأعالي عن هذه الدنيا الدنيّة يوماً فسترى
أنَّ مُلك ذلك العالم أفلاك وأكوان[2]
وليس المراد من «مُلك ذلك
العالم» الجنة فقط والقيامة فقط. ففي هذه الدنيا أيضاً كان ولا يزال هناك أشخاص
رأوا بأعينهم التي ترى الحقائق وتبصر المعنويّات، حقائق في هذه الدنيا، وعاشوا حياة
هنيئة طيّبة بالنظر إلى تلك المناظر المعنويّة والإلهيّة والنِّعم الإلهيّة الأفضل.
وغالباً ما كانوا غير آبهين وغير مكترثين لهذه الأشياء التي نتشبّث نحن بها. يمكن
السير في هذا الدرب، وكلنا نستطيع السير فيه، فهو ليس بالطريق الوعر الصعب. إذا
راعينا في أعمالنا هذا الأمر، فنظرنا في هذه الخطوة التي نريد اتخاذها وهذا الكلام
الذي نريد قوله، وهذا القانون الذي نعتزم المصادقة عليه، وهذا الرأي الاستشاري الذي
نريد تقديمه وطرحه، وهذه الأعمال الخدماتية التي نقوم بها، إن كانت لله ومرضية له
قمنا بها، وإن شعرنا بأنّها ليست مما يرضى الله عنه فلا نقوم بها؛ بإمكان الجميع
القيام بهذا الأمر ومراعاة الدقّة فيه، ويمكننا جميعاً القيام به؛ إذا عملنا بهذه
الطريقة فسوف يأخذنا هذا تدريجياً إلى الأمام، وسيجعلنا أنقياء [السريرة] وسيزيد من
صفائنا وطهارتنا.
حسناً، لنتطرّق إلى قضايا مجلس الشورى. لقد سجَّلت عدّة نقاط وملاحظات لأطرحها على
النوّاب المحترمين. وبالطبع فقد تطرّقنا في جلسات الأعوام الماضية إلى النقاط التي
بدت ضروريّة ومفيدة، لذلك ستكون بعض النقاط مكرّرة وقد يكون بعضها غير مكرّر. على
كلّ حال سنتكلّم فيما نراه لازماً.
لتحسين أداء المجلس نحتاج لعمل أكثر وأفضل
يجب، بحسب ما يبدو، على نواب مجلس الشورى والمسؤولين الكبار فيه، أن يسعوا، في كلّ
دورة [من دورات المجلس]، لتكتسب هذه الدورة امتيازات أكثر وتتفوق، كما ينبغي أن
يعمدوا لرفع مستوى أداء المجلس. حسناً، إذا أردنا كسب درجات وامتيازات أكثر؛
فالسبيل إلى ذلك أن نعمل أكثر وبشكل أفضل. هكذا هي ساحة العمل والخدمة. يجب أن نعمل
ونسعى. ولا بُدَّ من عملٍ أفضل ولا بُدَّ من المبادرة والإقدام والقيام بالأعمال
الأساسية.
أ ـ لابدّ من ملاحظة الكيفيّة إلى جانب الكميّة
قدَّم حضرة رئيس المجلس المحترم السيد لاريجاني (حفظه الله)، بالطبع، لائحة جيدة.
وسبق أن قدَّم تقريراً مكتوباً طالعتُه ودقّقتُ فيه. لقد أنجزت الكثير من الأعمال
بحمد الله، لكن ثمّة نقطة مهمّة؛ وهي أن المؤشرات الكميّة غير كافية للتقويم. لا
يكفي أن نقول هذا هو عدد القرارات التي صادقنا عليها. بل يجب أن يُشخّص مدى أهمّيّة
وتأثير هذه القرارات في إدارة البلاد. فأنتم مديرو البلاد ومشرّعو القوانين فيها،
وأنتم من تضعون الخطوط لحركة التنفيذ، وهذا الجزء المهم من الإدارة تحت تصرّفكم؛
فكم يؤثّر هذا الشيء الذي صادقتم عليه في إزالة مشاكل البلاد وتقدّمها ومراعاة
أحوال عموم الناس؟ إذاً، الكمّية وحدها لا تكفي، ولا بُدَّ من ملاحظة الكيفية
والجودة. وبالطبع ثمّة شروط أخرى سأذكرها. هناك أشياء أخرى ضرورية غير هذه.
ب ــ ينبغي للمجلس أن يجسّد فضائل الشعب
أقول هذا على نحو عام؛ مجلس الشورى يجب أن يكون مظهراً للعزّة الوطنيّة ومظهراً
لاقتدار النظام واستحكامه. هذا هو مجلس الشورى. لماذا؟ لأنَّ مجلس الشورى منتخبٌ من
قبل عموم أبناء الشعب في أنحاء وأرجاء البلاد المختلفة؛ حيث جاؤوا وانتخبوا هذا
الشخص، الأخ أو الأخت، بدوافع محدّدة. وقد قال الإمام الخميني إنَّ مجلس الشورى
عصارة فضائل الشعب[3]. وهذه النقطة نقطة مهمة. لاحظوا: [لقد قال] عصارة الفضائل، لا
عصارة كلّ الخصال. فبعض الخصال ليست من الفضائل. يجب أن يكون مجلس الشورى عصارة
فضائل الشعب. وفضائل هذا الشعب كثيرة جداً. ينبغي لمجلس الشورى أن لا يكون رمزاً
للتردّد واستصغار الذات. عليه ألّا يكون رمزاً لليأس والقنوط أو رمزاً لعدم
الاكتراث واللا مبالاة بقضايا البلاد. وعلى مجلس الشورى ألّا يُظهر بأنّ نظرته
للإمكانيّات والقدرات الوطنيّة هي نظرة يائسة. هذه هي فضائل الشعب التي ينبغي أن
تجتمع عصارتها هنا.
ج ــ شعبنا على مدى التاريخ رمز للعزّة والقوة
يجب أن أعرب هنا عن أسفي لأن مطالعة التاريخ ضعيفة وباهتة بين شبابنا وعند شعبنا
إلى حدٍّ ما. وإلا إذا اطّلع الإنسان على التاريخ؛ فسيجد أنّ هذا الشعب شعب بارز في
التاريخ وفي الزمن الحاضر أيضاً. شعبنا في التاريخ رمز للإيمان والعلم والثقة
بالنّفس والفخر بالإمكانيات والطاقات الذاتيّة، ورمز للثبات والصمود. هكذا هو على
مَرّ التاريخ.
1 ــ إيران صهرت السلاجقة الوافدين إليها بثقافتها
وحضارتها
وأشير هنا إلى نموذج أو نموذجين. لاحظوا أنّ السلاجقة قد جاؤوا إلى إيران في
القرنين الخامس والسادس للهجرة. قسمٌ جاء إلى إيران من الجنوب، وقسمٌ توجَّه من
الشمال إلى آسيا الصغرى. القسم الذي توجَّه نحو آسيا الصغرى غيَّر لغة تلك البلاد
وغيَّر حضارتها وثقافتها وكلَّ شيء فيها. حوّلوا [ثقافة] بلاد الأناضول القديمة
التي كانت تابعةً للدولة البيزنطية إلى الثقافة التي كانوا يمتلكونها. أمّا الذين
جاؤوا من الجنوب ـ وهم سلاجقة إيران ـ فذابوا في الحضارة والثقافة الإيرانيتين.
كانوا نفس أولئك [الذين ذهبوا إلى آسيا الصغرى] لكنهم ذابوا هنا، ولم يذوبوا في
الحضارة والثقافة الإيرانية فحسب، بل اضطرّوا لأن يكونوا دُعاة ومبلّغين ومروّجين
للثقافة الإيرانية. لاحظوا؛ في أيّ ذروة بلغت فنوننا وعمارتنا وشعرنا ونثرنا في
العهد السلجوقي. لم يكن هؤلاء إيرانيين. كانوا سلاجقة أجانب، لكن إيران أذابتهم
وصهرتهم في صلب المجتمع الإيراني. هذا هو معنى اقتدار الشعب ومناعته وقوّته.
2 ــ ما حدث للسلاجقة الوافدين تكرّر مع المغول المهاجمين
وهذا ما حدث تماماً مع المغول. فقد جاء المغول بصفتهم مهاجمين إلى هنا، وقاموا بتلك
الأعمال المعروفة. لكن ماذا كانت النتيجة؟ لم يستطع المغول فرض حضارتهم وثقافتهم
و"ياساهم"[4] على هذا البلد. إنما أذابتهم هذه الحضارة وهذه الثقافة في داخلها
وصهرتهم فيها؛ فصاروا مروّجين للإيمان والدين والثقافة والفنون. ومن العهود
الممتازة في تاريخ فنوننا هو عهد الحكم المغولي في إيران. هذه هي إيران، وهذه هي
تجربتنا [التاريخية].
3 ــ اللغة الفارسية في الحقَبة الإسلامية
أقول أكثر من هذا؛ الأبطال المسلمون الذين بلّغونا الدين الإسلامي العزيز ـ بلّغنا
أحدهم هذا الدين العزيز[5]، عندما ذهبوا إلى بلدان شمال أفريقيا، مثلاً، وأنا أذكر
تلك البلدان من باب المثال؛ تغيَّرت لغة تلك البلدان وثقافتها، أما عندما جاؤوا إلى
إيران فلم تتغيّر لغتنا، إنّما شهدت اللغة الفارسية خلال الحقبة الإسلامية رشداً
ونموّاً ورقيّاً أكثر من حقبة ما قبل الإسلام. ماذا تمتلكون من مؤشّرات وآثار اللغة
الفارسية قبل الإسلام؟ لكن لاحظوا الرفعة التي شهدتها اللغة الفارسية خلال الحقبة
الإسلامية. فكم كان هناك من الشعر، وكم كان هناك من النثر، وكم كان هناك من الثقافة.
هذه أمور مهمّة جداً ويجب التدقيق فيها. هذا فيما يتعلّق بالماضي.
د ــ شعبنا اليوم يقهر أعتى أنواع العداء ويشقّ طريقه
للتقدم
[أمّا] في زماننا هذا، فتمارس منذ أربعين عاماً أشدَّ أنواع العداء ضدَّ هذا الشعب،
وهل ثمّة أشدّ من هذا؟! واقعاً، لم يُمارس هذا الحجم من العداوة على أيّ شعبٍ؛
عداوة شاملة ومتعدّدة الجوانب. لقد تشكَّلت ضدَّ الجمهورية الإسلامية جبهة أحزاب
عجيبة غريبة تشبه حرب الأحزاب في صدر الإسلام [لكن] بأبعاد مضاعفة ملايين
المرات.وقد فعلوا كل ما استطاعوا فعله وبمختلف الوسائل. فرضوا الحظر، وأطلقوا
الدعاية والإعلام، وفرضوا الحرب وتآمروا أمنيّاً، وقاموا بشتّى أنواع الأعمال التي
يستطيعون القيام بها. قارنوا هذا الشعب اليوم بما كان عليه قبل أربعين عاماً وفي
بدايات الثورة. اقتدار هذا الشعب وعظمته وتقدُّمه وعلمه وحضوره القويّ بين الدول،
لا يقبل المقارنة بالوضع السابق. لقد تقدَّم [هذا الشعب] يوماً بعد يوم. هذا هو
الشعب. وأنتم عصارة فضائل هذا الشعب، لذا، انظروا، واعلموا كيف يجب أن تتصرّفوا.
هذا شعبٌ له إيمانه وعلمه وثقته بنفسه وهو شعب مستقل ويدرك امتيازاته وقدراته ويُصرُّ
عليها. ولقد مضى أربعون عاماً على الثورة.
الثورات العالمية الأخيرة لا تضاهي ثورتنا في سرعة
تقدّمها
يصعب الخوض هنا، في التاريخ، بشكل مطوّل. هناك ثورتان أو ثلاث من
الثورات الكبرى [حدثت] في العالم خلال القرنين الأخيرين. إحداها الثورة الفرنسية
الكبرى، والثانية الثورة السوفيتية الكبرى، ومنها أيضاً حركة الاستقلال الأميركية.
وقد حدثت كلها تقريباً خلال حقبة المئتي عام الأخيرة. فحركة الاستقلال الأميركية
وقعت، على سبيل المثال، قبل نحو مئتين وثلاثين أو أربعين سنة؛ في حدود سنة 1783
للميلاد[6]. والثورة الفرنسية الكبرى وقعت بعد عدة سنوات. وبعد قرابة مئة عام حدثت
الثورة السوفيتية. هذه أحداث وقعت في الفترة القريبة منا.
إذا لاحظتم تاريخ هذه الثورات فلكم أن تقارنوا الأربعين سنة الأولى من تاريخها،
بالأربعين سنة الأولى بعد انتصار الثورة الإسلامية. وهنا سيَحار المرء من عظمة هذه
الثورة وتقدّمها وسرعة عملها وإنجازها. إنّهم لم يستطيعوا أبداً التقدّم بهذه
السرعة وبهذه الشدّة وهذه القوّة. ولا علاقة لهذا بتطوّرات الزمن وما شاكل. أي إنّ
الأمر لم يكن يخضع لتأثيرات هذه الأشياء بل له عوامل أخرى. الشعب الإيراني شعبٌ [يمتلك
مثل هذه الصفات وهذه العظمة] وأنتم عصارة فضائل هذا الشعب. يجب أن تنظروا لأنفسكم
بهذه النظرة، ويجب أن تنظروا لمجلس الشورى بهذه النظرة، وينبغي أن تبنوا وتؤسّسوا
توقّعاتكم من مجلس الشورى وفقاً لهذه النظرة، وأن تحقّقوا هذه التوقّعات إن شاء
الله. حسناً، كانت هذه النقطة الأولى.
المجلس مطالب بالارتقاء بمستوى التشريعات باستمرار
النقطة التالية هي أنّ عملية التشريع والتخطيط ووضع الخطط، والتي هي
المهمّة الرئيسية في مجلس الشورى ـ وطبعاً هناك مهمّة الإشراف؛ لكن المهمّة
الأساسيّة هي تشريع القوانين ـ يجب أن ترفعوا جودتها ومستواها يوماً بعد يوم. أي
ينبغي لنوعيّة التشريع أن ترتقي مع كلّ دورة بل في كلّ سنة بالمقارنة مع الدورة
السابقة أو السنة السابقة. وسوف أذكر نقاطاً حول عملية التشريع وسَنِّ القوانين.
أ ــ لمراعاة الأولويات في عمل التشريع
أولاً، هناك قضيّة الأولويّات. وقد أشار حضرة السيد لاريجاني أنَّ أولويات البلاد
روعيت في هذه القوانين. هذا شيء على جانب كبير من الأهميّة. لاحظوا وانظروا ما هي
الأولويات. قد تطرح بعض القوانين وتأخذ وقت المجلس، وتخلق مشكلةً في المناخ
الاجتماعي للبلاد، والحال أنها لا تتمتّع بالأولوية على الإطلاق. يجب ترك هذه
الأمور جانباً؛ أي إنّها كالمال الذي لا يحتاجه الإنسان وينفقه هكذا من دون مبالاة.
ينبغي عدم هدر وقت المجلس بهذه الطريقة. وقت المجلس محدود. إنكم لا تمتلكون من
الوقت أكثر من أربعة أعوام، وينبغي الاستفادة من هذا الوقت ثانية بثانية ولحظة لحظة.
إذن، لتطرح المواضيع ذات الأولويّة فقط.
ب ــ لعدم المصادقة على قوانين مخالفة لمصالح البلاد
وهناك قضيّة العملانية. أحياناً يُصادق على قانون يكون من الواضح أنه غير عملي؛ أي
إنَّ العمل التخصّصي والخبروي لا يدلُّ على أنّ هذا القانون إذا تمّت المصادقة عليه
فسوف يمكن تطبيقه وتحقيقه عملياً. فليترك هذا الشيء. أو يكون في بعض الأحيان بخلاف
مصالح البلاد وهذا بحسب القاعدة. لا يحصل في مجلس الشورى عن عمد. وأودّ أن أشير هنا
إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية. لاحظوا أنَّ هذه المعاهدات الدولية والتي تسمى
بالمفردة الأجنبية كنوانسيون[7]، تطبخ [تعدُّ] في الأساس في مكان لا تأثير إطلاقاً
لأطراف القضية فيه. من باب المثال تلك الـ 100 بلد أو 150 بلداً الذين ينضمون لها
لاحقاً، هؤلاء لا تأثير لهم إطلاقاً في هذه الطبخة. ثمّة مكان تجتمع فيه عدّة قوى
كبرى على شكل هيئات فكريّة ـ وعلى حدّ تعبيرهم غرف عمليات ـ فيطبخون شيئاً لأجل
مصالحهم، ثم يُصادق عليه من قبل حكومات حليفة لهم أو خائفة منهم أو تابعة لهم وليست
لها مصالح كبيرة في هذه العملية. وإذا ما وُجدت حكومة مستقلة؛ كالجمهورية الإسلامية
الآن ـ تقول مثلاً «لا أوافق على هذا الشيء، لا أوافق على هذه الاتفاقيّة، لا أوافق
على هذه المعاهدة الدوليّة»، فيتكالبون عليها ويصرخون «يا أخي، لقد وافق على هذه
الاتّفاقيّة 120 بلداً أو 150 بلداً أو 200 بلد فكيف لا توافقون أنتم عليها؟» هكذا
هي المعاهدات غالباً.
لسنا مضطرّين لقبول ما لا نعلم عواقبه لإيجابيّة جانبيّة
فيه
إنّه قد يقال؛ ماذا نفعل الآن وفي بعض هذه المعاهدات والاتّفاقيّات
الدولية مواد مفيدة. لا بأس، ليس هناك مشكلة. وقد قلت فيما يتعلّق بهذه الأمور التي
طُرحت مؤخّراً في مجلس الشورى في الأشهر الأخيرة.ليضع المجلس قانوناً بشكلٍ مستقل.
لنفترض مثلاً موضوع الحرب ضد الإرهاب أو مكافحة غسيل الأموال. لا بأس، فمجلس الشورى
الإسلامي مجلسٌ رشيد وعاقل وناضج وله رصيده المهني الجيّد جدّاً، فليجتمعوا
وليسنّوا قانوناً.وهذا القانون؛ قانون مكافحة غسيل الأموال، لا إشكال فيه إطلاقاً،
كما أنّه لا يتضمّن شروطاً كثيرة، وتتدرّج في هذا القانون الأشياء التي تريدون أنتم
القيام بها. هذا هو المهم. لا ضرورة أبداً لأن نقبل بأشياء لا نعلم عواقبها، بل حتى
نعلم بأنّ فيها مشاكل، بسبب تلك الجوانب الإيجابيّة [الموجودة فيها].
ج ــ لمراعاة أولويّة الطبقات الفقيرة عند سنّ القوانين
حسناً، ينبغي للقانون أن يوضع بهدف حلِّ مشكلات الناس، وينبغي أن تُراعى فيه
الأولويات الداخلية؛ ويجب أن يكون بالدرجة الأولى من أجل رفع مشكلات الناس
المحرومين والطبقات الضعيفة. توجد في البلاد طبقات ضعيفة وهي إمّا متوسّطة الحال أو
دون حدّ الوسط. وينبغي للقانون أن يركِّز أكثر على رفع مشكلات هؤلاء. بالطبع،
القانون للجميع ويريد خير كلّ طبقات البلاد، ولا فرق في ذلك.لكن هذه هي الأولويّة،
لأن مشكلة الطبقات الضعيفة هي مشاكل الحياة الراهنة في البلاد، والقانون يرمي إلى
معالجة هذه المشكلات. المهم، يجب أن لا يكون القانون وسيلة بيد أصحاب القوة والثراء.
هذا هو المهم.يجب ألّا يكون أداة في أيديهم. أحياناً قد تضعون قانوناً مفاده لو أنّ
شخصاً، على سبيل المثال، وضع سُلَّماً على جدار بيت شخص آخر وصعد وسطا عليه؛ فإنَّ
جزاءه سيكون كذا وكذا.ولا فرق على بيت من وضع السّلم [وعلى من تمّ السطو]، هل كان
المسروق فقيراً أو غنياً؟ في شمال المدينة أم جنوبها؟ لا فرق في الأمر. الكل
ينتفعون من هذا القانون. القانون للجميع، لكن ثمّة أولويّات في بعض المواطن. لا
ينبغي السماح بأن يكون القانون في تصرّف من يستغلّ الثراء والقوّة.
د ــ لمراعاة الجوانب التخصُّصيّة في إعداد القوانين
يجب مراعاة الجوانب التخصّصيّة بشدّة في إعداد القانون والمصادقة عليه. ومن حُسن
الحظ؛ أنّ مركز بحوث مجلس الشورى مركز جيّد. التقارير التي تردني من مركز البحوث
هذا تنقل إليّ أخباراً جيّدة. ثمّة إمكانيّة هناك للأعمال التخصّصيّة الجيّدة
متراكمة ومتمركزة، وينبغي الانتفاع من هذه الإمكانيّة إلى أقصى حدّ. بالإضافة إلى
ذلك ـ حيث يشكّل هذا سنداً تخصّصيّاً قويّاً لمجلس الشورى يجب الاستفادة منه ـ
ينبغي الانتفاع من الخبراء الموجودين خارج مجلس الشورى. تلاحظون أحياناً أنّ شخصاً
عمل على قضية معينة وفي مجال تخصّصي معين، وبحث وفكّر فيه لسنين، فإذا استشرتموه في
هذا المجال التخصصي، قد يفتح أحياناً بكلمة واحدة أو بسطر واحد فتحاً كبيراً. هكذا
هو الأمر. هكذا هي مساعدات النخبة في بعض الأحيان، بحيث يكون اقتراح صغير منهم سبباً
في فتح ونجاح كبير.
هـ ــ لاجتناب الأعراف الغربية في القوانين الأسرية
قلنا يجب أن يصب القانون باتجاه حلِّ المشكلات الحقيقية. لاحظت أنَّ بعض القوانين
المتعلقة بالأسرة التي تُطرح في مجلس الشورى وتناقش أو يصادق عليها، يشعر المرء
أنّها متأثّرة بالأعراف الغربيّة. هذا ما ينبغي اجتنابه. الغربيّون لا يهتمّون
للأسرة على الإطلاق.لا [أقول] إنّهم لا يريدون، إنّما الظروف ونمط الحياة الغربي
يتعارضان مع الأسرة بالمعنى الحقيقي للكلمة. وهذا ما يعترفون به أنفسهم ويعانون منه
منذ سنين. ويريدون الآن علاج هذه المشكلة فلا يستطيعون. أي إنّ أساس الأسرة ومؤسّسة
الأسرة في الغرب قد تزعزع بشدة. فنأتي الآن ونأخذ بالأشياء الموجودة في أعرافهم حول
المرأة والشباب والأبناء والآباء والأمهات وما شاكل ونفسح لها طريقاً في قضايا
الأسرة! لا، هذا ليس مطروحاً. يجب أن نسنَّ للأسرة قانوناً يحلُّ مشكلات الأسر
بالمعنى الحقيقي للكلمة ـ إذا كانت هناك مشكلات فهو يحلُّ هذه المشكلات ـ ولا يكون
متأثّراً بتلك المنطقة.
و ــ لإيلاء المعضلات الاقتصاديّة وحلّها الأهميّة الكبرى
ونقطة مهمّة أخرى، هي أنَّ القانون من أجل حلِّ المعضلات الاقتصادية. كما أشاروا
فقد انعقدت جلسة شارك فيها رؤساء السلطات وممثّلون عن السلطات الثلاث من أجل
التصدّي لهذه المشكلات الاقتصادية بشكل جدّي، واتّخاذ القرارات بشأنها، وفتح الطرق.
ومن المهمّ جدّاً أن تنعقد هذه الجلسة الآن، وعلى مجلس الشورى أن يقوم بحركة جدية
في هذا الاتجاه. تقع اليوم، المعضلات الاقتصادية في البلاد في الأولوية، وينبغي حلُّ
هذه المعضلات بالمعنى الحقيقي للكلمة. والعدو يريد استغلال نقطة الضعف هذه.فلا
ينبغي السماح له بالقيام بذلك.
ز ــ لتحديث القوانين مُنتهية الصلاحية
نقطة أخرى هي قضية تحديث القوانين. بعض القوانين انتهى منطقها [وصلاحيتها].وهذه هي
قضية تنقيح القوانين التي سبق أن أشرت إليها مراراً. نعم، قد تكون تمّت المصادقة
على قانون ما قبل سنين في الجمهورية الإسلامية أو قبل الجمهورية الإسلامية. إنّه
قانون، لكن [بما أنّه] لا منطق لهذا القانون الآن، فألغوه. أي إنَّ مجلس الشورى
الإسلامي يستطيع القيام بهذا العمل ولا يمكن لأيّ جهاز آخر القيام به. فالقانون
الذي لا منطق له وقد انتهت فلسفته ومبرّراته يجب تركه. [كما إنّ] بعض القوانين
تؤدّي إلى تعارضات وإشكالات وعُقد في أداء الأعمال وما إلى ذلك. تابعوا قضيّة تنقيح
القوانين هذه بالمعنى الواقعي للكلمة. بعض القوانين تثير المشاكل فيجب إلغاؤها.
سمعت وقلت في ذلك اليوم خلال كلمة لي، إنَّ وزارة الاقتصاد تعمل على إلغاء بعض
المقرّرات التي تحول دون تحسُّن أوضاع العمل والتجارة والكسب في البلاد[8]. هذا عملٌ
حسنٌ جداً. بعض الأعمال يمكن للمسؤول الحكومي القيام بها، لكن هناك بعض الأعمال لا
يمكنه النهوض بها، ولا يمكن إلّا لمجلس الشورى القيام بها. هذه أيضاً ملاحظة.
ح ــ متابعة تطبيق القوانين ومعالجة أسباب عدم تطبيقها
وقضية أخرى هي قضية تطبيق القوانين. قال رئيس مجلس الشورى المحترم قبل مدّة إنّ
القانون الفلاني لم يطبّق في الجهاز الفلاني منذ سنتين. سؤالي هو؛ حسناً، وماذا
فعلتم أنتم في مجلس الشورى طوال هاتين السنتين؟ إذا لم يكن قد طبّقه فيجب عليكم
أنتم المتابعة. لماذا لم يُطبّق؟ إنكم تنفقون كلّ هذا الوقت والعمر والمال
والإمكانيّات وما إلى ذلك من أجل المصادقة على هذا القانون، ويصادق على هذا القانون
بعد كل هذه المقدّمات فلا يطبّقه ذلك المسؤول. حسناً، ينبغي معالجة القضية بشكل من
الأشكال. قيل إنّهم أحالوا بعض حالات عدم التطبيق هذه إلى السلطة القضائية، وقالوا
هم [السلطة القضائيّة] أيضاً إنَّ هذه ليست من ضمن عناوين الإجرام.حسناً، إذا أردتم
أن تكون [هذه] من ضمن عناوين الإجرام فمن يجب أن يقوم بذلك؟ مجلس الشورى نفسه يجب
أن يقوم بذلك[9]. لا، ليس هذا من مهمة السلطة القضائيّة. السلطة القضائيّة يجب أن
تتابع عناوين الإجرام، ولكن من بوسعه أن يقول إنَّ هذا من ضمن عناوين الإجرام؟ هو
مجلس الشورى الإسلامي. على مجلس الشورى أن يقوم بهذه العملية. أنتم قولوا إنَّ هذه
المخالفة إذا حصلت بهذا الشكل فهذه جريمة وهذا هو عقابها، ومن ثم عمّموا هذا [القانون]
ليستطيعوا العمل به. أي إنَّ هذا العمل عمل المجلس نفسه. وعليه فقضيّة متابعة
القوانين برأينا هي قضيّة على جانب كبير من الأهميّة ويجب أن تتم وتنجز.
ط ــ لتحكيم الروح الإيمانيّة والثوريّة في جميع أعمالكم
ونقطة أخرى يمكن ذكرها للإخوة والأخوات النوّاب الأعزّاء، هي قضيّة سلوك النواب.
أرى أنَّ الكلمة العامّة والشاملة والجامعة التي يمكن طرحها في هذا المجال هي كلمة
«النزعة الثوريّة». ينبغي لسلوك نوّاب مجلس الشورى أن يكون سلوكاً ثورياً. والتعامل
يجب أن يكون تعاملاً ثورياً. إنّكم في القَسَم الذي أقسمتموه، أقسمتم أن تحافظوا
على الثورة ونتائجها وإنجازاتها وإنجازات نظام الجمهورية الإسلامية. فكيف يمكن ذلك؟
لا يمكن الحفاظ عليها من دون أن تكونوا ثوريين. السلوك يجب أن يكون سلوكاً ثورياً،
وليس السلوك الثوري بمعنى السلوك غير الحكيم، بل هو بمعنى السلوك العقلاني والحكيم
والجهادي؛ هو الحركة الجهاديّة. ما نوصي به المديرين دوماً بـ "الإدارة الجهادية"،
يعني في خصوص مجلس الشورى السلوك الجهادي، والكلام الجهادي، والخطوات الجهاديّة،
والنزعة الثوريّة. ينبغي للرّوح الإيمانيّة والدوافع الثوريّة أن تكون حاكمة على كلّ
أعمال النائب المحترم في مجلس الشورى. إنّ حراسة منجزات الثورة وركائز النظام
الإسلامي من جملة بنود قسم نيابتكم، وإذا لم يحصل هذا الشيء سيكون في تواجد النائب
[في المجلس] إشكال من الناحية القانونية وأيضاً من الناحية الشرعيّة. إذا لم تراعَ
مكتسبات الثورة ولم يجرِ الاهتمام لمنجزات النظام الإسلامي، فسيكون في ذلك إشكال
سواء من حيث دستور البلاد أو من الناحية الشرعية.
ي ــ ضرورة الحضور إلى أعمالكم في المواعيد المحددة
وقضيّة أخرى قلتها مراراً للنوّاب المحترمين في اللقاءات وأقولها لكم، هي قضيّة
التواجد في اللجان وتحت قبّة المجلس في الموعد المحدّد. فالتقارير التي ترِدُنا في
هذا الخصوص ليست مريحة جداً. أحياناً يُقال إنّ إمكانيّة التصويت في اللجان غير
متاحة أحياناً بسبب عدم وصول عدد النواب الحاضرين إلى النصاب المطلوب. على كلّ نائب
أن يرى أنّ من واجبه التواجد في المجلس وفي جلسات اللجان طوال الساعات والدقائق
اللازمة.
ك ــ لمجانبة النزعة الأرستقراطيّة في نمط حياتكم
ونقطة مهمّة أخرى لا تتعلّق بكم وحدكم فقط بل هي قضيّة البلاد كلها. وهي قضيّة
النزعة الأرستقراطيّة. إنّ بلاء النزعة الأرستقراطيّة هو بلاء كبير. جاؤوني بصورة
مبنى شُيّد في منطقة ما بمال بيت المال، فتعجّبت واقعاً. كيف يجرؤون، وكيف طوّعت يد
أحدهم ونفسه له بأن ينفق من بيت المال على مثل هذا الشيء. إنّ النزعة الارستقراطية
إذا ما شاعت وصارت جزءاً من نمط حياتنا فلن تكون هناك نهاية لآثارها وتبعاتها
وحالات التساقط التي ستؤدي لها. إنّها مشكلة كبيرة ؛ إذ تعقّد الأمور والأعمال بشكل
كبير. ويجب أن تأخذوا هذه القضية بعين الجديّة.
هناك مسألة أخرى هي مسألة الأسفار الخارجية. ليراعِ الإخوة والأخوات؛ الأصدقاء
الأعزّاء قضيّة الأسفار الخارجية قدر الإمكان، بأن تكون الأسفار الخارجية في حدود
الضرورة والحاجة. يجب عدم التصرّف في هذا الخصوص بطريقة تبذيريّة.
ل ــ للإشراف على سلوك النواب
تحدّثنا قبل سنوات عن موضوع الإشراف على النوّاب[10] وأبدى نواب المجلس همَّة
وتشكّلت مجموعة إشراف على سلوك النوّاب، فيجب تعزيزها وتقويتها، أي يجب أن تفعلوا
ما من شأنه أن يكون إشرافاً بالمعنى الحقيقي للكلمة. وأعتقد أنّ هذا أهم من إشرافكم
على الحكومة وعلى سلوك الآخرين الذين تتحملون مسؤوليته. هذا إشراف على النفس وإشراف
على الذات، وإشراف على سلامة مجلس الشورى.
أعداؤنا خبثاء ومجرمون ولابدّ من الوقوف بوجههم
ما أشعر به هو أنَّ مجلس الشورى الإسلامي وهو ركن أساسي من أركان النظام
الإسلامي، قد سار إلى الآن بشكل جيّد وتقدّم إلى الأمام والحمد لله. فعزّزوا هذه
المسيرة نحو أهداف الثورة ما استطعتم. البلد اليوم بحاجة لاستحكام البُنية الداخلية
للشعب، و[استحكام] أركان النظام الإسلامي.
لاحظوا من هم أعداؤكم وبأيّ روح يتحرّكون ويعملون، وبأي خُبثٍ يقفون بوجه الشعب
الإيراني، وليس فقط بوجه الشعب الإيراني، بل هذه هي ذاتهم وطبيعتهم. إنَّ قضية فصل
عدّة آلاف من الأطفال عن أمّهاتهم في أميركا اليوم ليست بالقضيّة الصغيرة. إنّها
قضية كبيرة جداً. لا يُطيق الإنسان أن يسمع بكاء هؤلاء الأطفال في التلفاز، فكيف هم
مستعدّون من أجل سياسة معيّنة ولأجل تنفيذ شيء ما؛ أن يقوموا بمثل هذا العمل الخاطئ
والإجرامي؛ بأن يفصلوا عدّة آلاف من الأطفال عن أمّهاتهم. هكذا هم. هؤلاء هم أنفسهم
الذين يأتون مع عدة حكومات كبيرة وذات تسليح متطوّر عبر البحر ليقفوا بوجه الشعب
اليمني من أجل أن ينتزعوا منهم هذا الميناء الذي هو مجرى تنفس الشعب اليمني المظلوم.
يقتلون الناس بلا أيّ تردّد. ليسوا سيّئين مع الجمهورية الإسلاميّة فقط، بل هم
بذاتهم أناسٌ ظالمون وهم أنظمة سلطات ظالمة. نعم، إنّهم يعارضون الجمهورية
الإسلامية بشدّة؛ لأنّها تنادي بالعدالة وتنادي بالإسلام وتنادي بالدفاع عن المظلوم،
ويمارسون هذه العراقيل. يجب الوقوف بوجههم، ويجب الحفاظ على القوّة، والاطمئنان بأنَّ
الشعب الإيراني سينتصر على أميركا وأعدائه بتوفيق من الله وبحرمة الله وجلاله
وعزّته.
إنّهم شمور [جمع شمر] العصر بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهم بالمعنى الحقيقي للكلمة
مصداق لمن يقول القرآن عنهم «إنَّهُم لا أَيمـانَ لَهُم»[11]، لا يمكن الوثوق بأيّ
عهد من عهودهم وميثاق من مواثيقهم. ونحن نشاهد ذلك بأمّ أعيننا. ـ إنّهم ابتزازيون
ومتعسّفون ويتوسّلون منطق القوة بالمعنى الواقعي للكلمة. ومن البديهي أن لا يخضع
الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية ومسؤولو النظام المحترمون لأيّ مبتزّ
ولأيّة قوة ظالمة.
حفظكم الله ووفّقكم لأداء الواجب إن شاء الله. اذهبوا وافعلوا ما من شأنه أن
يُبقيكم في رأس القائمة إن شاء الله.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] بدأ هذا اللقاء بكلمة ألقاها رئيس مجلس الشورى الإسلامي الدكتور علي لاريجاني.
[2] بيت شعري للشاعرة الإيرانية المعاصرة برفين اعتصامي.
[3] صحيفة الإمام الخميني، ج 12، ص 343، كلمة للإمام الخميني في نواب مجلس الشورى
الإسلامي بتاريخ 25/05/1980م.
[4] كتاب قانون المغول.
[5] مصرع شعري للشاعر الإيراني المعاصر محمّد تقي بهار من «منظومه تشهار خطابه».
[6] الإعلان الرسمي لاستقلال الولايات المتحدة الأميركية عن بريطانيا.
[7] کنوانسیون أو كنفانسيون كلمة ذات أصل فرنسي بمعنى معاهدة واتفاقية دولية.
[8] خطبتا صلاة عيد الفطر السعيد بتاريخ 15/06/2018 م.
[9] قال أحد الحضور هنا: [فلتتابع] السلطة القضائية.
[10] كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه رئيس ونواب مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ
13/06/2012 م.
[11] سورة التوبة، الآية 12.