الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
أهمية الاستشارة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                                         بسم الله الرحمن الرحيم

1- تمهيد:
لا يخفى ان الانسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يمكن ان يعيش منفردا، بعيدا عن بني نوعه، الذين يختلف معهم، كما الذين يتفق معهم، في نظرته إلى الحياة والكون، وهذا يقتضي التفاعل بينه وبين الآخرين، بغية تحقيق مصالحهم, ووصولهم إلى السعادة التي يرجونها, مما يعني وقوع الاختلاف في ما بينهم لآختلاف المصالح والعلاقات، فكانت الحاجة إلى تنظيم هذه العلاقات, لتيسير الأمور في ما يحقق مصلحة الجميع، وهذا ما يعني ضرورة التشاور في ما بينهم، حفاظا على المصلحة العامة, لينعكس على حياتهم راحة وهناء..

2- معنى الاستشارة:
الاستشارة في الاصل استخراج الرأي بمراجعة الاخرين والاخذ منهم، وهي استفعال من الفعل "شور"، ومنه شرت العسل اذا جنيته واستخرجته، واشار بمعنى أومأ إلى غيره، ويجمع الكل الانتخاب والاظهار..
ولا يخفى ان الاستشارة والمشورة على قدر كبير من الأهمية، في الوصول إلى صواب الرأي، وصحيح القول، وسديد العمل في كافة الابعاد، السياسية والاجتماعية والدينية وحتى الشخصية..

ولقد حث الاسلام كثيرا على الاستشارة، وحببها للمؤمنين, وأكد على أنها من المنجيات، وان الاستغناء بالرأي من المهلكات, وعلى أهمية اختيار المستشار، وصفاته في عدد كبير جدا من الاحاديث الشريفة, الواردة عن اهل البيت عليهم السلام، بالاضافة إلى امتداح القرآن الكريم بعض المؤمنين والثناء عليهم، بقوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم1, فلو لم تكن الاستشارة ذات أهمية عالية لم يكن من داع لأن يمدحهم الله تعالى بها.

3- أهمية الاستشارة:
ورد عن امير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها"2.
وعن الامام الصادق عليه السلام: "لن يهلك امرؤ عن مشورة"3.
وعن علي عليه السلام: "من شاور ذوي الالباب دل على الرشاد"4.

نلاحظ من خلال هذه النصوص وغيرها، مدى اهمية الاستشارة في حياة الانسان، على كافة المستويات والابعاد، فهي ترقى بالانسان في مدارج الكمال، من حيث صقل شخصيته، وايصالها إلى غايتها المنشوده، وتدفعه إلى التواضع امام الاخرين، الأمر الذي يستلزم انطلاقا أكبر في علاقاته مع الاخرين، وسيطرة على شهوات نفسه من ناحية أخرى، وهو ما ينعكس ايجابا في نظرة الناس اليه، وعلاقتهم به، ووثوقهم به ومحبته، ولهذا فهو يدرك النجاح في حياته اكثر من غيره، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: "يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار"5.

ان مرد عدم الندم لدى المستشير، إلى أن المشير ليس معصوما عن الخطأ، ولا مبرءا عن الزلل، فإن بني آدم خطائون، ولهذا فقد يخطئ المشير في مشورته، لكن اهمية الامر انه يكون قد بذل جهده، وقام بما في وسعه ليصل إلى الحق، فإن لم يصل إليه فإن عذره أنه قد حاول ذلك.

هذا بالنسبة إلى المشبر, وأما المستشير فلأنه إن عمل بالمشورة لا يكون الخطأ, على فرضه, مستندا إليه نفسه, مع أنه يصل إلى الغاية في أكثر الحالات, نظرا إلى مشاركته الآخرين في عقولهم, كما تقدم عن أمير المؤمنين عليه السلام, إضافة إلى تمتعه بفضيلة التواضع, وعدم الاستبداد بالرأي, ولهذا يقول الامام الكاظم عليه السلام: "من استشار لم يعدم عند الصواب مادحا وعند الخطأ عاذرا"6.

وبهذا نفهم قول الامام الصادق عليه السلام: "لا يطمعن القليل التجربة المعجب بنفسه في رياسة"7. لما يستتبعه الاعجاب بالنفس من تعنت وغرور، واحتقار لآراء الاخرين، مما يؤدي إلى ضعف التجربة بل انعدامها، في مختلف ميادين الحياة، التي تحتاج إلى المشورة، وهو ما يفقده الثقة التي يرجوها منهم، فيقع في العزلة عنهم، وابتعادهم عنه بدورهم، فإنه "خاطر بنفسه من استغنى برأيه"، كما يقول امير المؤمنين عليه السلام فيما ورد عنه8. وعن الامام الصادق عليه السلام: "المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل "9.

4- نصح المشير:

الا ان الاهتمام الشديد بالاستشارة من قبل الشارع المقدس، لا يعني الرجوع إلى أي كان وطلب المشورة منه، بل لا بد ان يتمتع المشير بمواصفات خاصة تؤهله للقيام بهذه المهمة, ولا بد للمشير ان يبذل جهده في ابداء النصيحة للمستشير، ليتحقق بذلك التكافل بينهما، بل بين كافة افراد المجتمع، لما في ذلك من تكامل في حياتهم بشكل عام.

فقد ورد عن امير المؤمنين عليه السلام في كتابه لمحمد ابن ابي بكر، وقال له: "وانصح المرء اذا استشارك"10.
بل ان الاسلام اعتبر اسداء النصيحة والمشورة صدقة يتصدق بها المؤمن على اخوانه، فعن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: "تصدوا على اخيكم بعلم يرشده ورأي يسدده"11.

وقد حذر المشير من ان يخون الامانة، ولا يبذل جهده في اسداء النصيحة، فان عاقبة ذلك ترتد على المشير نفسه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: "من استشاره اخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبه"12.

وعن الامام الصادق عليه السلام: "من استشار اخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه"13.

5- آثار التشاور:
ذكرنا ان للمشاورة آثارا وفوائد مهمة تترتب عليها، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، والسياسي، والديني:

الف: اما على الصعيد الشخصي: فهي تسمو بالانسان في درجات الكمال، حيث انه يزداد تجربة، وسدادا في الرأي، كما تبعد عنه آفة الغرور والتكبر والاعتداد بالنفس، في مقابل ذلك يتحلى بصفة التواضع والبحث عن الحق والرشاد, واكتسب احترام الاخرين له.

ب: واما على الصعيد الاجتماعي: فهي تغذي روح التكافل، والتكامل، والتوادد، والتعاطف، وتبعد شبح الفرقة والخلاف والمخاصمة.

كما انها تقوي المعرفة والاطلاع، وتزيد البصيرة بين أفراد المجتمع، مما ينعكس على الفرد والجماعة على حد سواء، وتدفع بهما إلى الرقي والازدهار، على كافة المستويات، إذ تزيد الخبرة في سائر الشؤون الحياتية.

ج: واما على الصعيد السياسي: فمن الواضح ان المراد تنظيم امور الناس وعلاقاتهم، وادارة شؤونهم، ولا بد لمن يتصدى لهذا الامر ان يكون على دراية تامة، فيما يصلح حالهم، ولما كان الفرد الواحد غير قادر على كل ذلك بمفرده، فهو بحاجة إلى مستشارين يشاورهم ويستأنس برأيهم، ويسترشد بعقولهم، لما فيه خير الجماعة.

د: وأما على الصعيد الديني: فإنه لما كان الاسلام شاملا لجميع شؤون الحياة وكل ذلك مرتبط بالله تعالى، فإن الاستشارة والمشورة إذا كانت لله تعالى أدت إلى القرب منه تعالى، وتحصيل التوفيق والرفعة عند الله، ولهذا نرى النبي الاعظم صلى الله عليه وآله والائمة الاطهار عليهم السلام كانوا يستشيرون أصحابهم في كافة الامور، رغم ما هم عليه من كمال العقل، والالهام والتسديد والرشاد، كما صرحت به الكثير من الروايات الشريفة، ولهذا نجد الامام الصادق عليه السلام في مقام حث اصحابه على التشاور يقول ـ بحسب ما ورد عنه ـ "ما يمنع أحدكم اذا ورد عليه ما لا قبل له به ان يستشير رجلا عاقلا له دين وورع، ثم قال عليه السلام: أما انه اذا فعل ذلك لم يخذله الله بل يرفعه الله، ورماه بخير الامور واقربها إلى الله"14.

وعن امير المؤمنين عليه السلام انه قال: "من غش المسلمين في مشورة فقد برئت منه"15.
ومن المعلوم ان القرب من الله تعالى اساس الدين وجوهره وغايته، والبراءة الولاية من صميمه كذلك.
والحمد لله رب العالمين

                                                                       سماحة الشيخ حاتم اسماعيل


1-الشورى: 38.
2-بحار الانوار، ج75، ص104.
3-بحار الانوار، ج75، ص101.
4-بحار الانوار، ج75، ص105.
5-بحار الانوار، ج75، ص100.
6-بحار الانوار، ج75، ص104.
7-بحار الانوار، ج75، ص98.
8-بحار الانوار، ج75، ص98.
9-بحار الانوار، ج75، ص105.
10-بحار الانوار، ج75، ص99.
11-بحار الانوار، ج75، ص105.
12-بحار الانوار، ج75، ص104.
13-بحار الانوار، ج75، ص102.
14-بحار الانوار، ج75، ص102.
15-بحار الانوار، ج75، ص99.

24-08-2012 | 03-15 د | 8920 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net