1 - قال الإمام علي (عليه السلام) في إحدى حكمه: "إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا
تنفروا أقصاها بقلة الشكر"[1].
2 - يجب الالتفات إلى هذا الموضوع، وهو أن الشكر والحمد ليس كافيا في مقابل نعمائه
تعالى، بل يجب أن نشكر - كذلك - الأشخاص الذين كانوا وسيلة لهذه المواهب ونؤدي
حقوقهم من هذا الطريق، ونشوقهم أكثر بالخدمة في هذا السبيل، كما نقرأ في الحديث عن
الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: "وإن الله يحب كل قلب حزين ويحب كل عبد
شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلانا؟ فيقول: بل
شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره، ثم قال: أشكركم لله أشكركم للناس"[2].
3 - إن الوعد في زيادة نعم الشاكرين لا ينحصر في النعم المادية فقط، بل الشكر نفسه
مصحوبا بالتوجه الخاص لله والحب لساحته المقدسة هو واحد من النعم الإلهية الروحية
الكبيرة، والتي لها تأثير كبير في تربية نفوس الناس، ودعوتهم لطاعة الأوامر
الإلهية، بل الشكر ذاته طريق إلى معرفة الله، ولهذا السبب ورد عن علماء العقائد في
علم الكلام أن وجوب شكر المنعم طريق إلى إثبات وجوب معرفة الله.
4 - إن إحياء روح الشكر في المجتمع وتقديمه إلى مستحقيه وتقديرهم وحمدهم وثنائهم
على خدمتهم في طريق تحقيق الأهداف الاجتماعية بعلمهم ومعرفتهم وإيثارهم واستشهادهم،
هو عامل مهم في حركة ورقي المجتمع. ففي المجتمع الفاقد للشكر والتقدير نجد القليل
جدا ممن يريد الخدمة، وعلى العكس فالمجتمع الذي يقيم ويثني على خدمات الأشخاص، يكون
أكثر نشاطا وحيوية. والالتفات إلى هذه الحقيقة أدى إلى أن تقام في عصرنا مراسيم
احتفال لتقدير وشكر الأساطين في الذكرى المئوية، أو الذكرى الألفية، وضمن هذا الشكر
لخدماتهم يدعى الناس إلى الحركة والسعي بشكل أكبر. إحياء هذه الذكريات يساعد على
ترشيد الإيثار والتفاني لدى الآخرين، فيرتفع المستوى الثقافي والأخلاقي لدى الناس،
وبتعبير القرآن فإن شكر هذه النعمة سوف يبعث على الزيادة، ومن دم شهيد واحد يبعث
آلاف المجاهدين، ويكون مصداقا حيا ل لأزيدنكم.
آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - بتصرف
[1] - نهج البلاغة
الكلمات القصار ، رقم 13
[2] - أصول الكافي ، الجزء الثاني - ص 99 - ح 30 .