الهدف المنشود
التأكيد على أنّ معرفة الله هي الأصل الذي يبني عليه الإنسان طبيعة علاقته مع الله فتتجلى في سلوكه وأعماله من علم وجهاد وعمل صالح.
تصدير الموضوع
"بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك، ولولا أنت لم ادرِ ما أنت".
المدخل
كثيرة هي الطرق إلى معرفة الله حتى ورد: أنّ الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق، بل كلّ ما في الوجود يدعو إليه ويشير إلى صفاته غير أنّ الإنسان هو الذي يغفل أو يتعامى عنها أحياناً.
المحاور
وسنورد هنا أربعة مناهج لمعرفة الله تعالى:
1- معرفة الله من خلال ذاته:
وذلك من خلال الآيات التي تحدّثت عن صفاته وأسمائه وأفعاله وتدبيره في الخلق والكائنات، والتي أراد الله لهذه الصفات أن تتجلّى بأجمل ما يكون في خلقه.
2-معرفة الله من خلال النفس:
النفس الإنسانيّة من أهمّ الطرق الى الله، لأنّ الإنسان عندما يدرك ضعفه وعجزه ومحدوديّته يدرك أنّ وراء ذلك خالق مطلق العلم والقدرة والكمال، ومن هنا قول أمير المؤمنين عليه السلام "من عرف نفسه فقد عرف ربّه"1.
3- معرفة الله من خلال آياته:
قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ2﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ3﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾4.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ5﴾.
ورد عن الإمام علي عليه السلام: "ما رأيت شيئاً إلّا ورأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه"6.
4- معرفة الله من خلال أنبيائه وأوليائه:
فهم أعرف الناس بالله وأقربهم منه، وهم حلقة الوصل والباب الذي منه يؤتى، وقد أمرنا الله بمعرفته من خلالهم.
وأقتصر هنا على حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حدّ محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتّد بالصخور ميدان أرضه"7.
عوامل الإنحراف عن التوحيد
1- الظلم والإرهاب: فأكثر ما يبعد الناس عن التوحيد ومعرفة الله هم حكّام الجور لما يرون في التعاليم الدينيّة من تهديدٍ لسلطانهم، كما حكى الله تعالى عن لسان فرعون: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ8﴾.
2- الضعف والحاجة: فقد يتوهم الإنسان أنّه باستنصاره غير الله تعالى يستطيع أن يكون أقوى. قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ﴾9.
وفي آيةٍ أخرى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾10.
3- الإغترار بالقادة: كتقديس الأشخاص بدل تقديس القيم والمبادىء التي يدعو إليها الدين. قال تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّه11﴾.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص89-92.
1- شرح أصول الكافي، المازندراني، ج3، ص23.
2- فصلت، 53.
3- الروم، 22.
4- الروم، 20.
5- الروم، 20،
6- شرح اصول الكافي، المازندراني، ج3، ث83.
7- نهج البلاغة، خ1.
8- الشعراء، 29.
9- يس، 74.
10- مريم، 81.
11- التوبة، 31.