الهدف: حثّ الناس على الورع عن المحارم وضرورة تربية الناس على الخوف وعدم الجرأة على الإنزلاق إلى مستنقع الذنوب.
تصدير الموضوع
"أنا صاحب الدواهي العظمى، أنا الذي على سيّده اجترا، أنا الذي عصيت جبار السماء، أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشى".
المدخل
يربّي الإسلام الإنسان على امتلاك إرادة قوية تمنعه من الوقوع في الحرام، معتبراً أنّ باطن الذنب هو النار، وأنّ مقاربته كمقاربة النار.
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرً﴾.1
وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾.2
- إنّ اجتناب الذنوب هي المرحلة الأولى والأساسيّة التي ينبغي سلوكها في مسيرة السلوك والتقرّب الى الله، تماماً كمن يريد زراعة أرض فيبدأ أولاً بتنقية الأرض من الحشائش والأعشاب الطفيليّة قبل زراعتها.
محاور الموضوع
ضوابط النظر إلى الذنوب
شدّدت النصوص على جملة من الضوابط والقيود التربويّة احترازاً من الوقوع في المعصية، وسعياً لبلوغ الإنسان شعورالإحساس بالنار عند مقاربة المعصية، ومنها:
1- عدم النظر إلى صغر الذنب: إنّ استصغار الذنب والإستخفاف به من أخطر الأمور الأخلاقيّة لأنّها تسهّل في عين الإنسان التجرؤ على الله، وتصغّر من خطورة المعاصي فيتراكم عند الإنسان جبال من الذنوب وهو لا يشعر، بل وهو ينظر لنفسه نظرة رضى، روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "اتقوا المحقّرات من الذنوب فانّ لها طالبا، لا يقولنّ أحدكم أذنب واستغفر، إنّ الله يقول ﴿إن تك مثقال حبةٍ من خردل﴾.3
وعن الإمام علي عليه السلام: "أشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه"4.
2- اعتبار الذنب جرأة على المولى: وأن هذه الجرأة تمنع من مخافة الله في قلب الإنسان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وصيّته لأبي ذرٍ: "ولا تنظر إلى صغر الخطيئة وانظر إلى من عصيت"5.
3- التنبّه عند الخلوة والإنفراد: فكثيراً ما يمتنع الإنسان عن المعصية حياءً من الغير، وأما لو كان منفرداً فلا يبالي، فعن الإمام علي عليه السلام: "إتقوا معاصي الله في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم"6.
أو ما ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي: "فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته"7، حيث يشدّد الدعاء على ضرورة اعتبار الله أشدّ الناظرين، وضرورة استشعار الرقابة الإلهيّة فإنّها تحول بين المرء والوقوع في المعصية، ففي الدعاء "وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم".
4- اعتبار العقوبة عاجلة وغير مؤجّلة: "ولو خفت تعجيل العقوبة لأجتنبته"8، أي أن يفترض الإنسان أن العقوبة فوريّة، وأنّ الله سيحاسبه فور انتهائه من المعصية، فإنّ ذلك يساهم تربوياً في الإمتناع عن المعصية.
5- ضرورة التوبة وعدم الإصرار على الذنب: لأنّ الإصرار من شأنه أن يحول صغائر الذنوب الى كبائر، كما أنّه يهوّن الذنب في نظر صاحبه بل قد يأنس بها فيدعوه ذلك الى المزيد من الجرأة والتمادي على الله تعالى.
عن الإمام علي عليه السلام: "أعظم الذنوب عند الله ذنب أصرّ عليه عامله"9.
وفي الختام نستذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نهاية خطبة استقبال شهر رمضان أنّه سئل عن أفضل الأعمال في هذا الشهر فقال: "الورع عن محارم الله"10.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص15-18.
1- النساء 10.
2- هود 113.
3- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.15، ص.311.
4- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.15، ص.312.
5- كشف اللثام، الفاضل الهندي، ج2، ص 532.
6- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.15، ص.239.
7- الصحيفة السجادية (ابطحي)، الإمام زين العابدين، ص217.
8- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص 584.
9- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج.11، ص.368.
10- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 155.