التاريخ: 11ذو القعدة سنة 148 هـ
ولد الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في المدينة المنورة في 11 ذو العقدة عام 148هـ وقد ملأ الدنيا فضله ونحن نذكر بعض فضائل الإمام لتكون لنا خير معين في سلوك طريق الآخرة.
أعلم الناس
لقد ملأ الإمام الرضا عليه السلام المرحلة التي عاش فيها علماً ومعرفةً ووعياً حتى اعترف بعلمه وفضله القاصي والداني. وقد ذكر بعض معاصريه وهو يتحدّث عنه فقال: "ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا عليه السلام ولا رآه عالم إلاّ شهد له بمثل شهادتي. وقد جمع المأمون له في مجلس عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلّمين فناظرهم وغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلاّ أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور". ويقول بعض الروّاة عنه وهو يتحدّث عن غزارة علمه عليه السلام: "جمعتُ من مسائله ممّا سُئل عنه وأجاب فيه، ثمانية عشر ألف مسألة". وقد مثّل الإمام الرضا عليه السلام في تلك المرحلة التي عاش فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلّ أخلاقه وصفاته الخاصّة والعامّة، وننقل هنا صورة من أخلاقه الفرديّة والاجتماعيّة وقبساً من كلماته المضيئة من أجل الاقتداء به والإستفادة من تعاليمه وتوجيهاته.
أخلاق الإمام
ينقل بعض الرواة المعاصرين له، وهو إبراهيم بن العباس فيما يرتبط بأخلاقه وسلوكه عليه السلام فيقول: "ما رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام جفا أحداً بكلامه قط، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس قط، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته تفل قط، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسائس".
ومن كلماته المرويّة عنه عليه السلام أنّه قال: "لا يتمّ عقل امرئ حتى تكون فيه عشر خصال":
1- الخير من مأمول: أي أنّ الناس يأملون خيره لأنّه يحبّ الخير لهم سواء كان الخير علماً أو خبرةً أو قوةً أو مالاً أو جاهاً أو غير ذلك.
2- والشرّ منه مأمون: فالناس يأمنون شرّه لأنّه لا يفكر بالشرّ ضدّ الناس بل يعمل على إبعادهم عن شرّ نفسه وعن شرّ غيره.
3- ويستكثر قليل الخير من غيره: من أجل أن يشجّعهم على فعل الخير باستمرار.
4- ويستقلّ كثير الخير من نفسه: لأنّه طموح دائماً ليبلغ القمّة في عمل الخير. فهو يتّهم نفسه بالتقصير حتى يدفعها إلى المزيد من العمل.
5- لا يسأم من طلب الحوائج إليه: أي لا يملّ من كثرة مراجعة الناس له لقضاء حاجاتهم لأنّه يعتبر أنّ طاقته وما منحه الله إيّاه ليس ملكه وإنّما أمانة الله عنده فمهما طلب الناس منه وممّا يملك فإنّه لا يملّ ولا يسأم من تلبية ذلك.
6- ولا يملّ من طلب العلم طول دهره.
7- والفقر في الله أحبّ إليه من الغنى: فلو دار أمره بين أن يكون غنياً مع الشيطان ومع أولياء الشيطان وبين أن يكون فقيراً عندما يكون في خطّ الله وفي طاعته ورضاه، فإنّه يفضل السير في خطّ الله فقيراً على أن يكون في معصيته غنياً.
8- والذلّ في الله أحبّ إليه من العزّ مع عدوّه.
9- والخمول أشهى إليه من الشهرة: أي أن يكون إنساناً عادياً أحبّ إليه من الشهرة والجاه.
10- والعاشرة أن لا يرى أحداً إلاّ قال هو خير مني وأتقى"1.
وعنه عليه السلام أنّه قال: "العجب درجات منها: أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسناً فيعجبه، ويحسب أنّه يحسن صنعاً، ومنها أن يؤمن العبد بربه في منّ على الله عزَّ وجلّ ولله سبحانه عليه المنّ..."2. " إنّ الله عزّ وجلّ أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أخرى، أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزكِ لم تقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله عزّ وجلّ، وأمر باتقاء الله عزّ وجلّ صلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتقّ الله عزَّ وجلَّ"3.
* زاد المناسبات -المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 216-220.
2- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 69 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 310
3- الشيخ الصدوق – الخصال – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 156